رئيس التحرير
عصام كامل

إشارات السماء وذكرى الإمام الأكبر!

لا تخلو خطب السلفيين ولم تخلو خطب شيوخ الاخوان وقت استيلائهم علي مساجد مصر وزواياها من الترهيب والترغيب، وفي الترهيب يذكرون الموت باعتباره العظة الكبرى، ومن كل ذلك ينتقلون إلى فضل الوفاة في المدينة المنورة والدفن في البقيع..

 

ويذكرون حديث الرسول عليه الصلاة والسلام المروي عن عبدالله ابن عمر عن شفاعة أو شهادة الرسول الكريم لمن يدفن بالبقيع، وإنهم سيكونون أول من يحشرون من أهل الأرض يوم القيامة، إلى آخر فضائل الدفن هناك، والتي ينكرها فريق آخر من العلماء!

 

وتمر الأيام ويدخل السلفيون والإخوان معركة كبري مع فضيلة الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الأسبق، لموقفه الحاسم من جماعات التطرف وأفكارهم، لكنهم أرادوها معركة بمعالم أخرى، فاتهموا الشيخ بأنه من "علماء السلطان"!

 

اقرأ أيضا: رحلت البطلة المصرية التي هزمت ملكة بريطانيا!

 

وإن فتاواه كلها -لمجرد إنها تخالفهم- يسعى بها إلى إرضاء السلطة! رغم أن كل فتاواه وخصوصا عن الربا وعن الختان مدعمة بالرأي الشرعي بتأصيل كبير وعميق ومقنع.. فالرجل لم يقل إن الربا حلال.. وإنما قال إن العمليات البنكية الحديثة التي تجري لا تنطبق عليها شروط الربا التي بسببها حرمها الله.. وبالتالي فهي حلال تماما.. وفي الختان أفتى بكونه ليس فرضا وضعف الأسانيد التي أفتت بوجوبه!

 

كان الرجل مستنيرا جدا ينتمي كلية لمدرسة العقل -وليس النقل- في فهم الإسلام، التي لا تقف عند أقوال السابقين بل يرفع أصحابها شعار "هم رجال ونحن رجال"، أي كما فكر السابقون وفقا لظروف عصرهم ومعطياته يجب علينا أيضا أن نفكر مثلهم وفقا لمتطلبات عصرنا ومعطياته!

 

اقرأ أيضا: المخطط الخطير

 

وعلى هذا المنهج - منهج الأستاذ الإمام محمد عبده أيضا- كانت آراء الشيخ ينطق بها في لقاءاته التلفزيونية بطلته السمحة وطريقته الهادئة.. وفي مقالاته الصحفية وفي كتبه التي أضيفت إلى إصداره الأعظم "التفسير الوسيط" وهو تفسير مبسط وميسر للقرآن الكريم!

 

اقرأ أيضا: الجريمة في مصر وخيانة المجتمع!

لم يتعرض شيخ للأزهر لسفالات الإخوان وبعض السلفيين كما تعرض.. بكل بذاءة وحقارة ووضاعة ممكنة حتى رحل الشيخ، وأراد الله سبحانه لرحيله أن يكون ردا لاعتبار الرجل، وقصاصا ممن أساء له وصفعة على كل من تطاول عليه.. فانتقل إلى جوار ربه مثل هذا اليوم قبل عشر سنوات بالتمام والكمال، وهو في زيارة للسعودية ويدفن بالبقيع! إلى جوار رسول الله عليه الصلاة والسلام!

الجريدة الرسمية