رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

دوائر الصراع الروسي التركي في إدلب

يمكن القول إن الصراع بين روسيا وتركيا فى الوقت الراهن فوق الأراضى السورية، هو صراع دولى محتمل قيد الاشتعال، ينذر بتداعيات خطيرة، ليس فقط على الأمن الإقليمى، بل على الأمن الدولى. ففى أية لحظة يمكن أن تخرج الأوضاع عن السيطرة بين العدوين الصديقين، أو الصديقين العدوين.

 

يتحاربان وجها لوجه أو بالوكالة. يتواصلان تليفونيا وبالوفود المتبادلة بين موسكو وأنقرة. يتصل أردوغان ببوتين ويدور الحوار التالى:

أردوغان: مالذي جاء بك إلى سوريا؟ ما الذي تفعله عندك؟

بوتين: .........

أردوغان: إذا كنت تريد إقامة قاعدة أخرى هناك فافعل، لكن ابتعد عن طريقي ودعنى وجها لوجه مع الأسد

بوتين: ......

 

لا نعرف رد بوتين لأن الرواية من طرف واحد. والراوى هو أردوغان، وأردوغان كاذب ومضلل سياسي مفضوح، والدليل أنه يتكلم عن قمة مع بوتين، وبوتين يرد: لم نتحدث عن قمة وغير وارد عقد قمة!

 

اقرأ أيضا: وراء الستار فى عقل أردوغان

 

يتحدث أردوغان عن ٢٠٠٠ جندى سورى قتلتهم القوات التركية، وعن تدمير ٣٠٠ مدرعة سورية، بينما يتحدث بوتين عن قيام الطيران الروسي بقتل جنود أتراك لأنهم كانوا يقاتلون في صفوف النصرة، الجماعة الإرهابية.

 

المعروف أن طائرة حربية تركية واحدة، لا يمكنها الطيران في الشمال الغربى السورى لأن روسيا أعلنتها منطقة محظورة لأي طيران أجنبي، ويطالب أردوغان بتحليق الطيران التركي. وقبل ساعات أصيب بهذيان جعله يهدد بتوجيه ضربات الى الطيران الروسي، بل أطلق صواريخ وقذائف مدفعية تجاه طائرات روسية..

 

تركيا تعتبر معركة سوريا هى بوابة الانتصار النهائي فى المنطقة، وتتحمل تكاليف حرب ممتدة لأكثر من تسع سنوات. يطالب أردوغان بتفعيل نص الدفاع المشترك في حلف شمال الأطلنطى. النص يقطع بوجوب الدفاع الجماعي حال العدوان على أراضي أي عضو فيه. تركيا تهاجم دولة أخرى خارج أراضيها، ومن ثم لا يمكن أن تحصل على قوات وعتاد. منحتها أمريكا دعما معنويا.. ليس إلا حتى الآن . في الوقت نفسه فإن الطرفين الروسي والتركي لا يرغبان فى حرب مفتوحة. فماذا يريدان؟

 

اقرأ أيضا: بينما سوريا تنزف دما وكرامة

 

الهدف الرئيسي لتركيا إبقاء الحدود مع سوريا في إدلب تحت سيطرتها، لإبعاد الأكراد وتأمين الحدود المشتركة مع سوريا، وبالتالي تطالب بإقامة منطقة آمنة بعمق يتراوح بين ٣٠ و٣٥ كيلومترا.

 

وتريد تركيا أيضا مواصلة إحتضان العناصر الارهابية تحت غطاء ما يسمى بقوات الجيش الحر.. لتكون عنصرا ضاغطا طول الوقت على نظام الأسد وليستمر مبرر بقائها في إدلب.

 

وماذا تريد روسيا؟

تريد روسيا تمكين الأسد من استعادة السيطرة الكاملة على الأراضى السورية، لأنها بذلك ستعلن النصر النهائي لعمليتها الشاملة فى دعم حليف لم تخذله. تريد ايضا تأديب أردوغان واستنزافه عقابا له على استدعائه حلف الناتو، وتأرجحه بين موسكو وواشنطن، وعلى تدخله الفج فى ليبيا ومناوأة الجيش الوطنى الليبي بقيادة خليفة حفتر المدعوم عسكريا من موسكو.

 

ويمكن ملاحظة أن جذب أردوغان الى التورط العميق في سوريا عبر ضربات قاصمة للطيران الروسي والسورى، خفف الضغط علي الجبهة الليبية وأتاح للجيش الوطنى الليبي إسقاط ٦ طائرات درون (آلية)، فضلا عن قتل العشرات من الجنود الأتراك والمرتزقة.

 

اقرأ أيضا: مرسوم ترامب.. اليهودية قومية !

 

الورقة الأخيرة التى يلعب بها أردوغان ألقى بها على الطاولة الأوروبية بالفعل. فقد نفذ وعيده بفتح الحدود التركية أمام الآف اللاجئين السوريين فتدفقوا على فرنسا وألمانيا واليونان.. يريد من باريس وبرلين الضغط على موسكو لوقف الغارات الروسية ضد جيشه وإرهابييه.

 

أمريكا تتفرج... وتعلن المساندة بالتصريحات. تعتبر أن سوريا مستنقعا مناسبا زهيد التكاليف لاستنزاف أردوغان وتأديبه كى لا يتمرد ثانية، واستنزاف روسيا. الأخيرة تعتبر الحرب في سوريا ميدان رماية عمليا لتجربة منظومات الصواريخ إسكندر ٣٥٠ وهي الأحدث، وغيرها من الأسلحة الروسية المتطورة. أيضا استفاد بوتين من الحرب هناك بالقضاء على العناصر الشيشانية الإرهابية النشطة فى إدلب.

تلك كلها تفاصيل دوائر الصراع.. على أرض عربية فقدت سيادتها.. بفعل الخونة والعملاء.

Advertisements
الجريدة الرسمية