رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ثروت عكاشة يروي قصة إنشاء وزارة الثقافة في مصر

الرئيس الراحل جمال
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والكاتب ثروت عكاشة

فى مجلة الجديد عام 1972 يرصد الكاتب ثروت عكاشة ــ الذي رحل فى مثل هذا اليوم 27 فبراير 2012  ـــ ملامح إنشاء وزارة الثقافة فى مصر بعد تجربته فى تولى وزارة الثقافة فى مصر مرتين الأولى عام 1958 لمدة أربع سنوات، والثانية عام 1967 فكتب يقول:

 

بعد نجاح ثورة يوليو تنازلت طواعية عن مكانى الذى عرضه على جمال عبد الناصر فى مجلس قيادة الثورة لزميل فاضل مبتعدا بنفسى عن تيارات السياسة والصراعات وكنت قد توصلت إلى أن الكتاب أقرب رفيق لى، كما كنت ولعا بالموسيقى وابتعدت عن دوائر الدردشة من أجل رفقائى الكتاب والموسيقى بل الفن بصفة عامة حتى عاب على البعض بالتعالى.

 

وصدر قرار بتعيينى سفيرا فى روما وسافرت إليها بصحبة أسرتى، وفجأة سمعت فى إذاعة القاهرة خبر تعيينى وزيرا للثقافة دون أن يفاتحني أحد.

 

كان لا بد وأن أعود إلى القاهرة لمقابلة الرئيس عبد الناصر راجيا منه إعفائى من منصب الوزير، وأدرك ذلك عبد الناصر منذ لحظة مصافحتى له فقد كان يقرأ ما فى أعماقى وبعدما سألنى عن أسرتى صارحته باعتذارى عن الوزارة تحسبا لوقوع صدام محتمل بين الشلل والتجمعات والصراع على النفوذ والسلطة.

 

أصغى إلى الرئيس مقدرا مشاعرى ثم أخذ فى إقناعي وهو يقول: إن منصبك الآن وزيرا يختلف كل الاختلاف عن منصبك الذى اعتذرت عنه من قبل مستشارا برئاسة الجمهورية ووضعك الآن يعلو وستشغل مكانا بعيدا عنهم ووزارتك فى مبنى مستقل بقصر عابدين وسيظل بابى مفتوحا لك ولن يتغير من الأمر شيئا ويمكنك فى أى وقت الاتصال برقم تليفونى المباشر.

 

وأضاف الرئيس: أنا لم أدعك لوظيفة شرفية بل إننى أعرف ما ستتحمله من أعباء لا يجرؤ على التصدى وتحملها إلا القلة التى حملت فى قلوبها وهج الثورة حتى أشعلوها، كأنك تعرف أن مصر كالحقل البكر وعلينا أن “نعزق” تربتها ونقلبها ونغرس فيها بذور جديدة لتنبت لنا أجيالا تؤمن بحقها فى الحياة والحرية والمساواة.

 

إننى اليوم أدعوك أن تشاركنى فى “عزق” الأرض لإعادة صياغة الوجدان المصرى وأعتقد أن هذه أصعب من مهمة بناء المصانع ودورك فى مصر أهم من دورك فى الخارج، أن ما أريده أن تصبح الثقافة فى متناول الجماهير خاصة بعد انحسار المتعة الثقافية سنوات طويلة.

 

 

بعد مناقشة أربع ساعات طلبت منه مهلة للتفكير، فقال حسبتك تريد فرصة تجرب حظك فى منصب الوزير وعلى كل فليكن لك ما تريد ولكن أمامك ليلتان.

 

خرجت من عنده وذهبت مسرعا إلى بيت المشير عبد الحكيم عامر وقصصت عليه ما دار بينى وبين الرئيس فقال لى: إن ناصر معتمد عليك فلا تخيب أمله فيك.

 

اعتكفت فى بيتى يومين وصباح اليوم الثالث رن جرس التليفون وكان الرئيس يسألنى عن قرارى فقلت له: إلى الآن أنا غير مرتاح. ضحك الرئيس وقال هيا إلى مكتبك على بركة الله وكان عند الرئيس يوسف السباعى فقال لى ضاحكا أنت لا تدرك مفهوم الراحة فى لغة أهل الصعيد لأنها تعنى الراحة الأبدية وأظنك لا ترحب بها الآن.

 

ذهبت إلى مكتبى وعقدت العزم على العمل واتصلت بالرئيس وقال لى أنت تستطيع أن تشكل رباطا وثيقا بين حركة المثقفين وحركة الثورة لتخلق منها وحدة واحدة.

 

اقرأ أيضاً: 

وزير الأوقاف: التعاون مع وزارة الثقافة يراعي البعد الديني والثقافي| صور

 

كانت حكومة الثورة قد اهتمت بالثقافة فأنشأت المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية برئاسة وزير التربية والتعليم، ثم أقامت وزارة الإرشاد القومى وفى عام 1958 أنشأت أول وزارة للثقافة والإرشاد القومى وتوليتها كوزير حتى عام 1962.

Advertisements
الجريدة الرسمية