رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

قيادات مبدعة.. أول خطوة لإعادة الروح للتليفزيون!

ما كتبته الأسبوع الماضى لم أتوقع رد فعل الرائع من العاملين فى التليفزيون، وأثنوا كثيرا على المقال، وأشاروا إلى أنه نبه إلى حقيقة يغفلها الجميع سواء عمدا أو جهلا، وهى أن التسلل إلى التليفزيون بدأ عندما تم تقديم التليفزيون برامج من إنتاج الغير مثل "البيت بيتك" و"مصر النهارده" بإعداد وضيوف تخدم صاحب المال..

 

وأكرر سعادتى  بغيرة أبناء التليفزيون على تاريخ وعطاء ماسبيرو، الذى ساهم فى بناء وتكوين أجيال، كما أنه صاحب الريادة عربيا وأفريقيا، ومصنع يصدر الكفاءات لكل الأقطار العربية بلا استثناء، وأكرر سعيد لدفاع أبناء التليفزيون عن التليفزيون فى مواجهة الآكلين على كل الموائد، سواء ايام مبارك مرورا بالإخوان ووصولا للسيسى، هؤلاء خدم وجاهزون دائما لخدمة من يدفع أكثر.

 

السؤال : أين تكمن المشكلة الحقيقية فى تراجع التليفزيون وابتعاد المتفرج عنه بالرغم من تسليمنا أنه ا يضم مئات من أكفاء العناصر فى كافة المجالات الفنية؟ أين المشكلة؟!

 

اقرأ أيضا: جمال حمدان والنواب فى مواجهة التخاذل العربى !

 

غضب أحد الأصدقاء الذين يقدمون إعلاما راقيا فى إحدى الشبكات الإذاعية مما أوجهه من نقد قوى لماسبيرو، ويرى من الواجب الوقوف معه وليس مهاجمته، معتقدا أننى عندما أوجه النقد لماسبيرو الهدف منه إذاعة وتليفزيون، والحقيقة الإذاعة لاتزال محتفظة بقدر كبير من الأداء المتميز إلا أنها فقدت بعض رونقها بسبب عناصر الإعلام الجديدة، ولابد أن نشير إلى تقليص الصرف عليها وتراجع الإنتاج مثل الماضى.

 

الإجابة ليست صعبة ولكنها متشعبة، فى تقديرى أن السبب الأول هو الإدارة التى تدير منظومة العمل من الألف إلى الياء، لأن الإدارة القوية صاحبة الرؤية المتكاملة للعمل الإعلامى تستطيع أن تقدم مستوى من الإعلام الناجح الذى يحترم عقلية المتفرج، ويقدم له إعلاما لا يجعله يذهب إلى القنوات الأخرى للبحث عن الحقيقة لأنه لم يصدق ما شاهده على قناة بلده!

 

وهنا سيقول البعض إن الإدارة مجرد منفذ لفكر أو رؤية الحكومة، وبالتالى فهو مأمور وعليه التنفيذ وإلا سيغيره بمن ينفذ فقط، كلام يبدو منطقىا جدا ولكن بتجربتى فى الصحافة والثقافة أزعم أن هذا كلام تم ترسيخه منا نحن، وتوارثناه وأصبح أشبه بالتراث الشعبى الذى يجب المحافظة عليه، أزعم أننى عملت مع قيادات يروى عنها أنها لا تقبل مجرد سماع أو الحوار مع من يعمل معها..

 

اقرأ أيضا: التليفزيون المصرى دليل على تراجع الثقافة والصحة

 

أول رئيس تحرير عملت معه كان الأستاذ مرسى عطا الله، وكنت دون التاسعة عشر، وكنت طالبا فى كلية الفنون التطبيقية، فى اجتماعات مجلس التحرير الأسبوعية، كان أول سؤال يطرحه: فيه ملاحظات على العدد الجديد؟ 

 

كانت الإجابة سيلا من الإشادة من الجميع وكان الجميع صحفيين محترفين، وسط هذا السيل من الإشادات كنت أتكلم وأطرح ملاحظات أراها سلبية من وجهة نظرى، وكنت كلما تحدثت أقابل بالاستهجان من الجميع إلا مرسى عطا الله الذى كان ينصت لى باهتمام شديد ثم يرد على ملاحظاتى..

 

وعندما سافر مع فريق كرة السلة فى رحلته الأوروبية عام 78-79 للعب ثلاث مباريات فى البطولة الأوروبية التى كان يشارك فيها الزمالك منذ 1967، فوجئت بالأستاذ محمود فايد سكرتير تحرير الأهرام ومجلة الزمالك يبلغنى بأن الأستاذ مرسى عطا الله أعلن تفويضه برئاسة التحرير..

 

ويكون كاتب هذه السطورالوحيد الذى يقرر المادة التى تنشر من عدمه، فى الوقت الذى كان من يكبرنى بعشرات السنين لم يختار منهم مسئولا مع محمود فايد.. باختصار لقد أدرك مرسى عطا الله مثله مثل أى صاحب سلطة أن من يهللون له، ولكل ما يقول مجرد منافقين ولا يمكن الثقة فيهم.

 

اقرأ أيضا: تخاريف شاب فى الستين

 

التجربة الثانية وهى الأصعب مع المفكر عادل حسين رئيس تحرير جريدة الشعب، وهو الشخصية القوية، صاحب الفكر العالى، كل من اقترب منه، يعرف مدى قوية شخصيته ويقال عنه ديكتاتور فى قراءته، أقر وأشهد له وهو بين يدى الرحمن، أنه لم يكن كذلك، ولكن كان يحترم كل رأى يخالفه شريطة أن يكون رأيا له مبرارته وليس لمجرد المعارضة  للاعتراض..

 

عملت بجواره سبع سنوات، كنت مساعد رئيس تحريرمسئول عن تنفيذ الجريدة، كان يكتب المانشتات وأذهب اليه معترضا، ولكن أقدم له البديل، كثيرا ما كان يوافق على التعديلات أحيانا بعد نقاش، وكثيرا بمجرد قراءة البديل كان يوافق، كنت أناقشه فى مجلس التحرير معترضا ويحتد الحوار، ولكنه يسمع ويفكر دون إهمال وجهة نظرى وفى النهاية كان يوافق أو يعدل أو يؤكد صحة كلامه..

 

الطريف أثناء احتدام النقاش كنت تجد الهمس والإشارة من الزملاء بأن أتوقف وأوافق على ما يقوله حتى ينتهى النقاش، قبل أن أتولى مسئولية تنفيذ الجريدة كان ما يكتبه عادل حسين لا يمس، وفى أحد الأعداد وجدت ضرورة اختصار خمسة أسطر من مقاله الذى كان يحب أن يكون ببنط كبير ليسهل قراءته، فلما قلت هذا الكلام لمدير التحرير شعرت بأن زلزالا قد حدث، ورفض مجرد عرض الفكرة عليه، فذهبت إليه عارضا عليه الأمر، اختصار هذه السطور الخمسة وإلا سيتم تصغير البنط، وجدته بكل هدوء وببساطة شديدة يسألنى عن حل آخر، فقلت لا يوجد حل ثالث! بكل بساطة اختصر هو السطور!

 

نحن نصنع الأسوار العالية ونقف نلطم الخدود، أى مسئول فى التليفزيون لو أعلن أنه يملك رؤية لتطوير هذا الجهاز الضخم وعرضها على المختصين وحاول تنفيذها، مؤكد سيتم الموافقة عليها، وأكرر هذا يتوقف على إرادة الدولة لتحقيق هذا، وللحديث بقية… وتحيا مصر!

 

Advertisements
الجريدة الرسمية