رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لعنة صفقة القرن تطال رئيس تونس.. تسريب مكالمة هاتفية يشوه تاريخه الثوري

الرئيس التونسي قيس
الرئيس التونسي قيس سعيد

مع ظهوره فى المشهد السياسي التونسي، كمرشح محتمل لرئاسة بلاده، اختار قيس سعيد، الحديث عن القضية الفلسطينية كمناضل ثوري توافق خطابه مع نبض الشارع الرافض لكافة أشكال التطبيع مع الكيان الإسرائيلى المحتل.

حتى اللحظات الأخيرة قبيل فتح صناديق الاقتراع، أكد قيس سعيد على موقفه المناهض للاحتلال والداعم للحق الفلسطينى، فى المناظرة التى جرت بينه وبين المرشح الرئاسي الذي دخل معه الجولة الأخيرة، نبيل القروي.

مناضل ثور 

المناضل الثوري قيس سعيد، صعد حينها إلى عنان السماء بشعارته حول قضية العرب المركزية فى خطب عصماء باللغة العربية الفصحى، لكن مع مغادرته شارع الثورة ودخوله قصر قرطاج كزعيم سياسي، فرضت عليه المعادلة الجديدة بعدما أصبح اسمه ضمن مكونات النظام الدولى، التخلى عن مبادئه الثورية والرضوخ أمام القوى العظمى التى تمتلك دفة الأمور وتفرض على قادة الدول النامية ابتلاع حبة الدواء المر.

القائد السياسي 

التناقض بين المناضل الثوري والقائد السياسي، وضع الرئيس قيس سعيد، فى حرج الآن أمام الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام المحلية، عقب قراره القاضى بإقالة سفير بلاده لدى الأمم المتحدة بسبب مشاركته في مشروع قرار في الأمم المتحدة لإدانة الخطة الأمريكية المعروفة بـ صفقة القرن، حسب ما نقلت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية.

 

أزمة دبلوماسية 

وقالت الصحيفة الفرنسية، إن تونس استدعت، بشكل مفاجئ، المندوب الدائم للجمهورية التونسية لدى منظمة الأمم المتحدة، المنصف البعتي ، تمهيداً لإنهاء مهماته.

ونقلت عن مصادر دبلوماسية لم تسمها، أن قرار الإعفاء "يتعلق بمواقف المنصف البعتي من خطة السلام الأمريكية المعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن" في الأمم المتحدة، حيث كانت مواقفه أبعد مما كان يريده رئيس الجمهورية بخصوص ملف الشرق الأوسط، لأن الدعم الذي قدمه المندوب التونسي للفلسطينيين يضع العلاقات التونسية الأمريكية في خطر".

اتصال كوشنر 

فى ذات السياق قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن إعفاء مندوب تونس جاء على خلفية ضغوط أمريكية على تونس، واتخذ القرار الرئاسي عقب مكالمة أجراها جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والملقب بـ"مهندس صفقة القرن"، مع الرئيس التونسي قيس سعيد، وقرر الأخير ذبح الدبلوماسي المخضرم لتهدئة رد الفعل الأمريكى العنيفة كما ذكرت.

وكانت تونس قد وزعت و إندونيسيا مشروع قرارا على أعضاء مجلس الأمن للتنديد بخطة الرئيس الأمريكي للسلام في المنطقة، أعلن عن سحبه بشكل مفاجئ الأمر الذي وضع السلطة الفلسطينية فى حرج ووضعها فى قفص خيانة بعيون المتابع العربى.

بيان الخارجية 

ومع تسرب الأخبار التى اشعلت الداخل التونسى، أصدرت وزارة الخارجية بياناً للتوضيح قالت فيه: إن "قرار إعفاء سفير تونس المندوب الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة في نيويورك، يعود لاعتبارات مهنية بحتة تتعلق بضعف الأداء وغياب التنسيق والتفاعل مع الوزارة في مسائل مهمة".

وأضافت الخارجية التونسية، عضويتنا غير الدائمة في مجلس الأمن تقتضي التشاور الدائم والتنسيق المسبق مع الوزارة بما ينسجم مع مواقف تونس المبدئية ويحفظ مصالحها

ولم يتطرق بيان الخارجية التونسية إلى مكالمة الأزمة، بين الرئيس وكوشنر بالنفى أو التأكيد.

غضبة الشارع 

بيان الخارجية لم يهدأ من غضب الشارع التونسي تجاه رئيس الدولة، وقال الإعلامي سمير الوافى: "ظل الرئيس قيس سعيد يصدح ويهتف باسم فلسطين حتى اصطدم بأول اختبار واقعي لمواقفه، واستيقظ من رومانسيته الحالمة، وسقطت شعاراته متعثرة بمجرد نزولها إلى أرض الواقع".

 

وأضاف الوافى، تلقينا صفعة من أمريكا أجبرتنا على إقالة سفيرنا لدى الأمم المتحدة فوراً، بعد أن تجرأ على استفزاز العرين الأمريكي الترامبي بموقف متشدد وقوي يساند فلسطين ويتحدى أمريكا ويندد بصفقة القرن ويقاطع اجتماعاً أمريكياً هاماً، مسايرةً لرئيسه المتحمس لفلسطين، فخذله رئيسه وأقاله فوراً خوفاً على مشاعر ماما أمريكا التي لا مجازفة بمصالحنا وعلاقاتنا معها".

 

وتابع: "تم التستر على ذلك بكلام مبهم من نوع إقالة لأسباب مهنية، فيما لو فيجارو وغيرها من الصحف كشفت الحقيقة قبلنا".

 

وقالت الإعلامية آسيا العتروس: "مندوب تونس في الأمم المتحدة المنصف البعتي نفذ خيارات الرئيس فوجد نفسه يُعزل من منصبه ويتهم بعدم الكفاءة".

ومع تزايد حدة الانتقادات للرئيس قيس سعيد، أصدرت الرئاسة التونسية بيانا جديدا للرد مساء أمس الأثنين، أكدت  فيه أن "الموقف التونسي الثابت والراسخ من القضية الفلسطينية ومن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، لم يتغير".

 مشددة ، أن "تونس حريصة على الشرعية وعلى الحق الفلسطيني حرصها على سيادتها واستقلال قرارها.. أما الذين دأبوا على الافتراء والتشويه فالتاريخ كفيل بفضحهم".

توضيح الرئاسة

وأضافت رئاسة الجمهورية في هذا التوضيح، الذي أتى جاء للرد على عاصفة الغضب التى  رافقت قرار إعفاء مندوب تونس الدائم لدى الأمم المتحدة من مهامه، أن "تونس لم ترضخ، لا للمساومات، ولا للضغوطات، لأنها حين تنتصر للحق لا تضع في حساباتها إلا الحق المشروع.. وحق الشعب الفلسطيني ليس بضاعة توزن بميزان الربح والخسارة"، مؤكدة أن "حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، مبدأ أساسي أقره القانون الدولي، ولا يمكن أن يغيره لا الاحتلال ولا محاولات إضفاء مشروعية وهمية على هذا الاحتلال".

 

وفي ما بدا ردا على الانتقادات لقرار الإعفاء والحديث عن ضغوطات سبقت اتخاذ القرار، لاحظت الرئاسة أن "من بادر بتقديم مشروع قرار مجلس الأمن (في إشارة إلى مندوب تونس لدى الأمم المتحدة المنصف البعتي)، ومن أوعز إليه في الخفاء من تونس، على النحو الذي تم تقديمه به، لم يكن يسعى إلى تمرير هذا المشروع"، معتبرة أن "من قدم المشروع كان يعلم مسبقا بأنه سيصطدم بحق الاعتراض من أكثر من دولة، وأن هدفه، الذي لا يخفى على أحد، كان الإساءة لتونس، ولرئيسها على وجه الخصوص، الذي أكّد في أكثر من مناسبة أن الحق الفلسطيني حق لا يسقط بالتقادم"، على حد نص التوضيح.

وتابعت الرئاسة: إن "ما حصل عند إعداد مشروع قرار مجلس الأمن، يبدو في ظاهره انتصارا للشعب الفلسطيني، ولكن في الظاهر فقط"، لافتة إلى أنه "لم يقع، عند إعداد المشروع، الرجوع لا لرئاسة الجمهورية، ولا لوزارة الشؤون الخارجية".

وفي نفس هذا السياق، اعتبر نص التوضيح أن "من لبس رداء المُدافع عن حق الشعب الفلسطيني، صار يستجدي عطف عدد من العواصم المساندة لما سمي ظلما بالصفقة، حتى يتم التراجع عن قرار إعفائه، وأنه لم يبق له سوى الاستجداء بالمحتل الصهيوني، وهو يتظاهر بمواجهة الاحتلال".

نص مشروع القرار 

بيان الرئاسة الذي القى اليوم على مندوب تونس، لم يهدأ من غضبة الشارع، ونشر معارضون نص القرار الذي تقدمت به تونس وأندونيسيا لمجلس الأمن الدولي يوم 4 فبراير 2020 حول المقترح الأخير للإدارة الأمريكية المعروف ب "صفقة القرن"، والذي جلب سخط صهر الرئيس ترامب ومستشاريه، وتسب في إرباك الدبلوماسية التونسية عبر قرار مفاجئ وارتجالي بإقالة السفير منصف البعتي.

 القرار كان قد تم توزيعه للتشاور للتشاور الجانبي تمهيدا لجلسة مجلس الأمن الدولي المنعقدة اليوم الثلاثاء، بحضور صاحب الحق الفلسطينى، ممثلا في الرئيس الفلسطيني محمود عباس

ويقع القرار في صفحتين، تم تقديمه من طرف الدولة المعنية فلسطين وتونس وأندونيسيا، وكتب بلغة ديبلوماسية قانونية.. القرار يذكر بمرجعيات الشرعية الدولية في ما تعلق بالقضية الفلسطينية، ويعتبر أن مقترح الإدارة الأمريكية يحيد عنها، ويؤكد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ويدين ضم المستوطنات لإسرائيل، ويطالب بتفعيل الدعوة لمؤتمر دولي للسلام برعاية الرباعي الدولي الذي يضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي.. ويؤكد على ضرورة أن تحترم كل مبادرات السلام قرارات الشرعية الدولية وخاصة قرارت مجلس الأمن ذات الصلة.

Advertisements
الجريدة الرسمية