رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

"أيادي متعاصة طين".. "فرنسا الصعيد" تروي حكايتها مع صناعة الأواني الفخارية في قنا | صور

فيتو

عند قدومك إلى قرية الشيخ علي التابعة لمركز نقادة جنوب محافظة قنا تجد منزلا صغيرا ذات طوابق متعددة تعمل به سيدة بالطابق الأرضي مع أشقائها مرتدية جلبابها الصعيدي وغطاء الرأس.

فرنسا الصعيد

سهير أبو اليزيد سلمان سيدة ذو بشرة سمراء لم تنل أي قسطا من التعليم لكن دائما تذكر: "علمتني الحياة ما لم يتعلمه الطالب في الكراسة بالقلم"، ممسكة بيديها الطين لتتحنى به واضعه قدمها علي حافة الهاوية لركل القرص كي يدور والطين كالعجين بين يديها تتفنن في تشكيله لتصنع الأواني الفخارية التي يتميز بها صعيد مصر.

 

لم تقف العادات والتقاليد في وجهها بل صنعت لنفسها مجدا بين اشقائها العاملين بنفس المهنة مطلقة على نفسها لقب "سهير الفخرانية" الشهيرة بـ”فرنسا الصعيد”، يأتي إليها الوافدون من كل حدب لشراء ما أنتجته يدها من أوانٍ وتحف، “فرنسا” تعد  السيدة الأولى في هذه الصناعة بل وتعد الأشهر في قرى صعيد مصر التي تعمل بمهنة الفخار وشاركت في العديد من المحافل النسائية والعامة منذ أكثر من 15 عاما، ولقبت بعده بألقاب كان من بينها “فرنسا الصعيد” لما تمثله من عادات وتقاليد مغايرة تختلف عن ما تعيش فيه.

مرض الزوج

وعن حكايتها قالت سهير أبو اليزيد سلمان، إنها كعادة بنات الصعيد تزوجت في سن صغيرة وأنجبت 4 أبناء وبعد مرور عدة سنوات تعرض زوجها لحادث سير منذ 25 عاما في أثناء نقل بضاعة أفقدته القدرة على العمل، وكان يعمل بنفس المهنة أيضا معها، إلا أن إصابته حالت بينه وبين استكمال مسيرة العمل واضطرت هي إلى استكمال مشواره ولديها شقيقان يعملان بنفس المهنة أيضا، وعلمت أولادها الـ 4 نفس المهنة بعد أن حصلوا على شهادات مدرسية إلا أنها رفضت أن يكملوا تعليما عاليا واكتفت بالتعليم المتوسط لهم رغم حصولهم على درجات عالية.

 

وأضافت أن هذه المهنة تعلمتها منذ الصغر قائلة: "اتولدت في المهنة لقيت أبويه وأمي بيشتغلوا نفس المهنة، وهذه المهنة منذ القدم قد يرجع تاريخها إلى أيام الفراعنة، بدليل أنه عند فتح مقبرة تجدي فيها الزير والقلة وأواني الطهي".

 

واستطردت: ”الفراعنة لو كانوا في عصرنا هذا ووجدوا الكولدير والثلاجة لن يستعملوها وكانوا سيفضلون المصنوع من الطين والفخار، لأنهم  كانوا يعيشون علي صح ويعرفون ماذا يلائم طبيعة الإنسان".

 

وعن طموحها في هذه المهنة قالت: "عايزين نشتغل أكتر، ومحتاجين مكان نزود فيه الإنتاج، حتى هذه اللحظة الدولة لم تمكن من أرض الفخار والبنك الدولي رفض التمويل باعتبار أن هذه المهنة ملوثة للبيئة".

وحول أضرار المهنة على صحتها قالت “سهير الفخرانية” إنها منذ سنوات كثيرة وهي تعمل بهذه المهنة ولم يصبها أي مرض، مشيرة إلى أنها تستخدم كل شيء من الطبيعة وحتى ما تشعل به الأفران لحرق المنتجات هو من الحطب ولا تعرض نفسها أو المحيطين بها لأي تلوث كما يدعي البعض".

واختتمت “فرنسا الصعيد” حديثها قائلة: ”الغرب والسائحون يعرفون قيمة تلك المنتجات وكثير من الوفود الأجنبية تأتي إلينا للشراء، وكان المحافظ الأسبق عادل لبيب من أكثر المسئولين الذي اهتم بتلك الصنعة وكرث لها الكثير من الوقت والجهد وخصص لها قطعة أرض لتكون أرضا للفخار إلا أنه حتى اليوم لم نتمكن من تسلمها”.

 

وعن البرد القارس والغوص في الطين ذكرت قائلة: "لقد خلقنا من طين وطوال اليوم السيدة تعيش في المياه ما بين الطهي والخبز ونستيقظ من الساعات الأولى للصباح حالنا لم يتغير ونعمل في الطين دون كلل أو ملل فهذه مهنتنا التي نعشقها منذ خلقنا على الأرض ولن نرضى بغيرها بديلا، وليس أقل من أي شخص يعمل وأجد في نفسي الكثير الذي يجعلنا نقف في المصاف الأولى".

 

ملكة نفسي

وعن صعوبات العمل التي تواجهها كسيدة قالت: "أعمل في منزلي ووقت ما شاء ومتى أجد نفسي غير قادرة على العمل أتوقف عن العمل، وعندما أجد شخص يخرج عن حدود اللياقة يجد شخصية أخرى أمامه ففي العمل اتعامل كرجل وفي بيتي سيدة تعشق منزلها وحياتها الأسرية وتقوم بعمل كل شيء بنفسها يعني بالبلدي كده "ملكة نفسي محدش يأمر عليه في حاجة".

 

اقرأ أيضًا..

إقامة اللقاء المفتوح مع المواطنين أسبوعيا بإحدى مدن المحافظة

 

ولم أخجل يوما من مهنتي بل على العكس فهذه المهنة بالنسبة لي سلاح وعندما تفقد السيدة عائلها وتضطر للخروج والعمل وهذا ما حدث معي في السنوات السابقة وحتى أبنائي علمتهم ولكن المهنة هي سلاحهم لمواجهة مصاعب الحياة وهذا عمل شريف أفضل من الجلوس على المقهى أو عمل شيء يغضب الله.

 

ونوهت إلى أنها علمت الكثير من أبناء القرية وسيداتها واذا اتيحت لها الفرصة بشكل أكبر لفعلت الكثير وخرج من تحت يدها متعلمين للمهنة كثيرين ولكن من يوقفني عن هذا هو ضيق المكان الذي نعمل فيه وأشقائي الصبيان ،والذين يقفون معي ولا يخجلون مني قط فهذه مهنتنا الشريفة التي عشنا ومات آباؤنا وأجدادنا فيها وسوف يكمل أبناؤنا المسيرة بها في المستقبل.

 

وأشارت إلى أن مصر تمتاز بمادة الهرم الذي تحتفظ بدرجة حرارة أي شيء عكس أي فخار في العالم ورغم وجود صناعة الفخار في إيران والعراق وغيرها من الدول إلا أن مصر تختلف في صناعتها كثيرا والصعيد معروف قلعة الفخار وقنا هي أساسها.

Advertisements
الجريدة الرسمية