رئيس التحرير
عصام كامل

إنما الأمم النقاب ما خلعتْ

آنَ لمصر أن تتخلص من مشاكلها وأزماتها المستعصية، وأن تسترد وعيها المفقود، وترتقى بتعليمها الجاهل، وتغتال شيطان الفقر الذى يبتلع أسراً بأكملها. وما كان ذلك ليحدث إلا بصدور حكم قضائى نهائى بحظر ارتداء النقاب بالجامعات.

 

صدر الحكم منذ أيام، وارتفعت الأصوات بالتهليل، وتبادل القوم التهانى والتبريكات، وغزت الفرحة الوجوه، وتوالت المقالات المبشرة بالنصر العظيم والفتح المبين، وتخيل أحدهم أنه أتى بما لم تأتِ به الأوائلُ.

 

 كانت معركة عنيفة، تعددت فصولها، وتنوعت جولاتها، حتى جاءت لحظة تتويج هذا التعب بحظر النقاب نهائيا فى الجامعات المصرية.

 

اقرأ ايضا: المثقفونَ .. والمهامُّ القذرة!!

 

 إنما الأمم النقاب ما خلعت، فإن هم حظروا نقابهم نهضوا. لقد تأخرت هذه الخطوة كثيراً كثيراً، ولكن كل آتٍ قريب، فقد أتت لحظة الحسم، ولن تجرؤ أستاذة أو باحثة أو طبيبة بعد اليوم أن تتسلل إلى الحرم الجامعى "مُنتقبة"، سوف تجد من يحتجزها ويهينها ويتنمر بها، أو يأمرها بالعودة من حيث أتت، فى أفضل الأحوال.

 

 لقد حققت مصر نهضة كبيرة يحسدنا العالم عليها، من أقصاه إلى أدناه، سواء فى "التربية والتعليم" ووزيره المرتبك المتردد، أو فى "الصحة" التى يتندر القاصى والدانى على وزيرتها. كما انتصرت مصر فى حربها الضارية مع الفقر، فلم يعد فيها ولا على أرضها فقير أو مسكين أو معدم، ولا تصدقوا أن هناك أسراً تقتل نفسها من الفقر وبؤس الحياة.

 

أما جامعاتنا فقد طالت السماء بنجاحاتها  التى تثير غيرة جامعات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، وحسُن أولئك رفيقاً، وسوف يتضاعف هذا النجاح بطرد المنتقبات من أروقتها وقاعاتها ومستشفياتها، أخرجوا المنتقبات من جامعاتكم، إنهن نساء محتشمات!

 

الآن فقط، وليس قبل الآن، من حق كل مصرى ومصرية أن يتنفسوا الصعداء، فقد زال الهم، وانقضت الغمة، ولن تتمكن أية مصرية منتقبة من دخول الجامعات أو المستشفيات الجامعية التى سوف تتطهر من تلك الفئة التى تسببت بجمود عقلها وضيق أفقها فى تخلف البلاد والعباد.

 

اقرأ أيضا: استنساخ "جمال حمدان"

 

صدر حكم بحظر النقاب، ويتمنى القوم حكما مُشابها بحظر الحجاب، وحكما ثالثا بحظر الاحتشام فى الملبس والمظهر، ولن يسعى القوم يوما لاستصدار حكم بحظر التعرى والابتذال والسفور سواء فى الجامعة أو غيرها من المؤسسات الحكومية والخاصة.

النقاب وصمة عار، والحجاب تخلف، والاحتشام رجعية، أما التعرى والابتذال والسفور، والمشاهد الفاضحة فى الأعمال الفنية، فمن قيم التنوير والتحرر المفقودة فى مجتمعاتنا المتخلفة، والتى يجب التمكين لها فى قادم المواعيد، ولا يجرؤ أحد على انتقادها أو النيل منها وإلا كان من الجاهلين.

 

اقرأ أيضا: التدين ضار جدا بالحياة

 

الغريب.. أن ألمانيا لم تستلهم التجربة المصرية فى النقاب، ولم تنسخها وتنقلها إلى مؤسساتها التعليمية؛ حتى  يمكنها اللحاق بركاب النهضة المصرية الحديثة، حيث ألغت المحكمة الإدارية العليا هناك قرارا سابقا بحظر ارتداء النقاب فى المدارس، واعتبرت الحظر اعتداءً على الحريات الشخصية، واعتداءً على الحقوق الإنسانية.

 

والأغرب.. أنه لم يتم تجريس القاضى الذى أصدر الحكم، ولم ينتفض ضده الكتاب المغاوير، يطالبون بعزله، أو يصمونه بالتشدد والتطرف.. كم أنا مشفقٌ على ألمانيا!!

الجريدة الرسمية