رئيس التحرير
عصام كامل

فاطمة ناعوت: معظم الخطاب الديني يحض على الكراهية ومفاهيمه عنيفة لا تقبل الآخر.. والمطلوب تصويبه لا تجديده (حوار)

الكاتبة فاطمة ناعوت
الكاتبة فاطمة ناعوت

أطالب بحذف "المناهج المتشددة".. وطرد أعداء الإسلام من الأزهر

أتمنى ألا ينتهى مؤتمر تجديد الفكر الدينى لمجرد توصيات وبنود توضع فى أدراج المكاتب 

أطالب بتغيير المناهج التعليمية بالأزهر وحذف جميع ما به من سمات العنف وكل ما يناقض العلم والتطور البشرى 

لا يليق بصرح الأزهر الهائل أن تضم مناهجه أي مواد تحض على العنف والشتات بين المسلم وغير المسلم

"مؤتمر الأزهر العالمى لتجديد الفكر الدينى والعلوم الإسلامية".. تحدٍّ جديد تخوضه مؤسسة الأزهر الشريف فى قضية تجديد الفكر والخطاب الدينى، لمواجهة الأفكار المتطرفة، والآراء الهدامة للمجتمع، وتنوير العقول لتقبل الآخر وبناء مجتمع قوي متماسك لا يفرق بين أبنائه على أساس الدين والمعتقد، ويأتى المؤتمر المقرر انطلاقه نهاية الشهر الجارى، تلبية لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال احتفالية المولد النبوى الشريف السابق، بضرورة عقد مؤتمر جديد لتجديد الفكر والخطاب الدينى، فى سبيل إستراتيجية بناء الإنسان والدولة المصرية الحديثة.

آراء وأفكار ورؤى سيبحثها المؤتمر؛ أملا فى إحداث التغيير والتجديد المطلوب فى الوقت الراهن، كما يعد فرصة حقيقية لتنفيذ بعض نداءات ومطالبات العديد من المفكرين والمثقفين بحتمية تجديد الخطاب الدينى فى وقت انتشرت به الكثير من الفتاوى الشاذة.

وقبل انطلاق المؤتمر، حاورت "فيتو" الكاتبة فاطمة ناعوت، التى تطرقت لبعض نقاط ومحاور التجديد الضرورى، كما أوضحت جزءًا من آليات تنفيذ تلك المحاور. 

*برأيك.. هل مثل هذه الفعاليات والمؤتمرات قادرة على إحداث تغيير مؤثر فى قضية تجديد الخطاب الدينى فى المجتمع المصرى؟

 فى الحقيقة أتمنى ألا ينتهى المؤتمر القادم بمجرد توصيات وبنود توضع فى أدراج المكاتب، دون تطبيق فعلي ومتابعة مستمرة لتنفيذها، ولا أخفى عليك أرى أن كثيرًا من هذه المؤتمرات بمثابة نوع من إراحة الضمير، وأداء الواجب الوظيفى، وتنفيذ المهام المطلوبة بشكل نظرى بحت، دون فعالية عملية على أرض الواقع. 

*هل مؤسسة الأزهر الشريف قادرة على قيادة طفرة حقيقية فى ملف الخطاب الدينى فى مصر والمنطقة العربية بأكملها؟ 

آمل أن ينجح الأزهر الشريف وفضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر فى إحداث تطور حقيقى فى ملف الخطاب الدينى، الأزهر هو المنارة الإسلامية التى يصوب جميع المسلمين أنظارهم إليها باعتبارها الحصن الحامى لهم ولعقيدتهم، كما ينظر إليه غير المسلمين أيضًا من جميع الطوائف والأديان الأخرى بكونه ملاذًا آمنًا لهم من الغلاة والمتطرفين والمتأسلمين الذين لا يتبعون صحيح الدين، ويشوِّهون الإسلام والدين منهم بريء. 

*هل يحتاج الخطاب الدينى للتصويب وليس مجرد التجديد؟

نعم بالفعل نحتاج إلى تصويب الخطاب الدينى وليس تجديده، التجديد يعنى ترميم بعض الأشياء غير الصالحة فقط، أما الآن فنحن أمام خطاب وفكر دينى يحض فى معظمه على الكراهية والبغضاء وينطلق من مفاهيم عنيفة لا تقبل الآخر، ونحن نريد أن ننهض بالمجتمع المصرى كله، والمجتمعات لا تنهض بمثل هذه الخطابات العنيفة، والتى تعزز وتغذى شتات أفرادها. 

*لو كان بإمكانك وضع آلية لتنفيذ مناقشات مؤتمر تجديد الفكر الدينى القادم.. ماذا ستكون أولوياتك؟

 سأبدأ بتغيير المناهج التعليمية بالأزهر وحذف جميع ما به من سمات العنف، بالإضافة إلى كل ما يناقض العلم والتطور البشرى؛ لأنه لا يليق بصرح الأزهر الهائل أن تضم مناهجه أي مواد تحض العنف والشتات بين المسلم وغير المسلم، لذا يجب حذفها، وفى الحقيقة فإن شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوى، كان قد نقى بعض هذه المواد التى تدرس، وكان ذلك فى صالح الدين الإسلامى والمسلمين أنفسهم، لكن للأسف بعد رحيل الشيخ محمد سيد طنطاوى عاد بعض من تلك المناهج يدرس داخل أروقة الأزهر الشريف، لذا أدعو شيخ الأزهر الحالى، أن يحذو حذو الشيخ طنطاوى في تنقية المناهج. 

*على الجانب الدعوى، كيف ترين دور الأزهر الشريف فى الوقت الحالى؟

 أتمنى أن تقوم مؤسسة الأزهر الشريف بدورها الدعوي الكبير والذى يليق بمكانتها، وفى نفس الوقت يجب أن يسعى الأزهر جاهدًا لإيقاف جميع دعاة المنابر الذين يحضون على العنف والتكفير، وإشاعة وإطلاق الفتاوى الشاذة التى تفكك ترابط المجتمع، وتفرق بين أفراده، على أسس عقائدية وطائفية وفكرية. 

وأرجو من الأزهر ورجالاته ألا يكتفوا بعقد المؤتمرات الفكرية فقط، وأن يتحول ذلك إلى أفعال فى الواقع، للنهوض بمصر أرض التعددية والأديان والحضارة التاريخية العظيمة. 

*ينظر بعض المحسوبين على مؤسسة الأزهر إلى المنادين بالتجديد باعتبارهم مبددين وهدامين.. ما رأيك؟

فى الحقيقة ينبغى على رجال ومشايخ الأزهر أن ينقوا المؤسسة العظيمة ذات المكانة الكبيرة فى نفوس المسلمين وغير المسلمين حول العالم، من "أعداء الإسلام والمسلمين" لأنهم يضرون بالدين الإسلامى الكثير من خلال آرائهم تلك وحديثهم الذى يشيع الفتن الطائفية فى المجتمع الواحد. 

*هل الأزهر هو الجهة الوحيدة المنوط بها ذلك التصويب.. أم يجب أن تكون هناك جهات أخرى فى ذلك الملف؟

تصويب الخطاب الدينى يجب أن يكون مشروعا قوميا وطنيا للدولة المصرية، يشارك به جميع أطياف وأفراد الشعب، فى مختلف المحافظات والقرى والمدن، ويصبح حديثا للمواطنين، وموضوعا للنقاش فى المساجد والكنائس والإعلام، والمدارس والجامعات، والمقاهى، كما تطرح جميع الأفكار والمحاور محل النقاش للحوار المجتمعى الجاد، وتبادل الرؤى بين مختلف فئات وطبقات وطوائف المجتمع المصرى.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"  

الجريدة الرسمية