رئيس التحرير
عصام كامل

يحدث في مصر الجديدة

كنت واحدًا ضمن عدد من الأصدقاء الذين اطلعوا على تفاصيل مشروع إنقاذ مصر الجديدة من حالة الفوضى، التي كانت قد وصلت إليها بعد تغيير ملامحها القديمة قبل زحف القبح على شوارعها، وتحويل الأدوار الأرضية إلى محلات، والسيطرة على رصيفها وتحولها إلى جراج كبير. والمشروع في مجمله معجزة بكل المقاييس سيعرف سكانها قدره بعد انتهائه خلال فترة وجيزة من الآن.

 

الغضب الحاصل الآن هو غضب ضد المعتاد.. اعتياد القبح وسيادة حالة الواقع التي تعامل معها السكان باعتبارها أصلًا لا طارئًا.. صحيح كل جديد يقابل بنفور في البداية، خاصة وأن المشروع يغير من عادات أصبحت واقعًا واعتيادًا وتعاملًا مع الأمر الواقع مهما كان، فضميرنا الجمعي في مصر كلها وليس مصر الجديدة فقط اعتاد ضمن ما اعتاد أمورًا ليست بالضرورة هي المعيار.

 

اقرأ ايضا : عقيل.. مهندس تطوير مصر الجديدة

 

فلسفة التطوير تقتضي تغييرًا لواقع فرضته ظروف متوالية صنعتها سنوات الفوضى، وبالتالي لا بدَّ من التعامل مع الأمر بشمول وليس بالقطعة، فالذي كان ينتقل إلى السوبر ماركت في خطوات قليلة سيجد نفسه يقطع مسافات للوصول إلى نفس المسافة، ولكن الجديد في مشروع الإنقاذ هو تخفيض نسبة التلوث برقم ليس هينًا، أضف إلى ذلك أن الأصل في المشروع هو خلق عدة محاور جديدة ستنقل السكان إلى حيهم ذهابًا وإيابًا في دقائق معدودات.

 

الواقع أن المنتقل من أو إلى مصر الجديدة كان يقضي الساعات الطوال للوصول إلى غايته. المشروع الجديد ينقلك من رمسيس إلى الحي أو العكس في أقل من عشرين دقيقة. أيضًا يعتمد المشروع الجديد منافذ تنقل مصر الجديدة من حال كونها الآن جراجًا كبيرًا ليفرغها من حالة الجمود الحالية ويعيد إليها الهدوء كما كان، أما الذين يشكون من كشف الكبارى لمساكنهم، فذلك لأن الكبارى لم يتم تركيب حواجز عليها حتى الآن.. بعد تركيب حواجز الرؤية تنتهي هذه المشكلة تمامًا.

 

اقرأ ايضا : كشف حساب حكومة مدبولي

 

أيضًا تم إزالة خطوط المترو القديمة والتي لم تعد تستخدم، لتوسعة الشوارع، ولا تزال هذه الشوارع بلا لافتات أو علامات مرورية، لأن المشروع في حيز التنفيذ ولم ينتهِ بعد، وهو ما خلق العديد من المشكلات أمام السكان، إضافة إلى غياب حالة الحوار التي كان يجب أن تجري وقائعها قبل وأثناء تنفيذ المشروع؛ فالسكان لا يعلمون الصورة النهائية للمشروع، وبالتالي اجتاحتهم حالة من الغضب، لأن أحدًا لا يجيب عن استفساراتهم!!

 

أما قضية إزالة الأشجار فهي من القضايا التي أثارت لغطًا كبيرًا، لأن ملامح المشروع النهائية لم تظهر كاملة بعد. المنتقلون إلى المدن الجديدة أو إلى الطريق الدائري لن يخوضوا في شوارع مصر الجديدة كما كان الحال.. سيمرون من منافذ جديدة تساهم في إشاعة حالة من الهدوء إلى الحي مرة أخرى.. في اعتقادي إن القضية مسألة وقت وينتهي المشروع، وساعتها سيعرف السكان أن التطوير قدم لهم الكثير مما كانوا يفتقدونه.

الجريدة الرسمية