رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

العميد السابق لـ"حقوق أسيوط": هذه ألاعيب الكبار في ابتلاع حق الدولة.. والتهرب الضريبي يقتل روح المنافسة (حوار)

الدكتور حماد مصطفى
الدكتور حماد مصطفى عزب أستاذ القانون التجارى عميد كلية الحق

بعض أصحاب الأعمال لا يسجلون العمال فى التأمينات الاجتماعية، وبالتالى يتهربون ضريبيًا وتأمينيًا فى آن واحد.

 التهرب الضريبى يقتل روح المنافسة بين المؤسسات الاقتصادية.

 تكثيف الحملات التفتيشية ضرورة لمواجهة المتهربين.

ما بين تقديم قراءة حقيقية لـ«الواقع» وتحديد الوسائل والإستراتيجيات اللازمة لمواجهة الظاهرة، تحدث الدكتور حماد مصطفى عزب، أستاذ القانون التجارى، عميد كلية الحقوق الأسبق، جامعة أسيوط، فى حوار لـ"فيتو" عن أزمة «التهرب الضريبي» التى بدأت تستشرى بشكل كبير فى السنوات القليلة الماضية، وأصبحت عائقًا يواجه عمليات الإصلاح والتنمية التي تنفذها الدولة.

«د. حماد» خلال الحوار تطرق إلى الأسباب التى تدفع البعض للجوء إلى التهرب الضريبى، كما ألقى الضوء على الخطوات الواجب اتخاذها من جانب الحكومة والجهات المعنية بالأمر لمواجهتها، سواء عن طريق إحكام الرقابة وسن قوانين وأحكام رادعة، أو نشر الوعى بأهمية تسديد الضرائب المستحقة.. وكان الحوار التالى: 

* بداية.. يناقش البرلمان حاليًا تعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل، هل ترى ضرورة لطرح هذا التعديل الآن؟ 

انتشرت فى الفترة الأخيرة حالات التهرب الضريبى وتضخم «الاقتصاد الموازي» وهو نشاط اقتصادى منتشر وواسع ولا يخضع لأى رقابة ولا يسدد أي ضرائب ويضعف التنافسية مع الاقتصاد الرسمى، كما أن بعض النشاطات أصبحت تحقق أرباحًا كبيرة رغم أن طبيعة نشاطها ليس استثماريًا فى المقام الأول مثل معامل التحاليل والأشعة والمراكز الطبية، لذلك كان من الواجب إعادة النظر فى هذه الأنشطة. 

* ما أبرز وسائل التهرب من الضرائب؟

  يتهرب بعض المكلفين بالضرائب من سداد قيمة الضريبة من خلال التلاعب فى أرقام الأرباح والنفقات بحيث يتم تقليلها وزيادة النفقات على نحو وهمى، وكذلك زيادة نفقات أجور العمال والمواد الخام حتى تصبح الأرباح الظاهرة قليلة، وبالتالى تقل الضرائب المفروضة عليها، وكذلك البيع دون فواتير أو البيع نقدًا حيث لا يترك صاحب العمل أثرًا لعملية البيع، أو تسجيل قيمة العمليات بأقل من قيمتها الحقيقية بعد الاتفاق المبرم مع الزبون. 

ويتم أيضًا من خلال تخفيض أسعار البيع للسلع والخدمات وتزوير أوراق وفواتير الاستيراد حيث يظهر عدد المواد المستوردة قليلة من أجل التهرب من دفع الرسوم، وكذلك اعتماد أوراق استيراد السلع بأسماء مختلفة قد لا يكون لهذه الأسماء علاقة بالتجارة والاستيراد، وذلك من أجل التهرب من الضريبة وبالتالى إخفاء الذمة المالية للمستورد الحقيقى. 

كما يقوم بعض أصحاب الأعمال بعدم سداد ضريبة دخل العاملين فى المصانع والشركات (ضريبة الرواتب والأجور) بهدف تقليل التكلفة وعدم تسجيل العمال فى التأمينات الاجتماعية، وبالتالى يصبح التهرب ضريبى وتأمينى فى آن واحد، وهناك نوع آخر من التهرب وهو عن طريق التلاعب فى تصنيف الحالات القانونية مثل تصنيف مبيعات خاضعة للضريبة إلى مبيعات معفاة وتوزيع الشركة لأرباحها على المساهمين على شكل رواتب وأجور لينخفض بذلك معدل الضريبة. 

* لماذا يتأخر بعض الممولين عن سداد الضرائب لفترة تمتد إلى عدة سنوات؟ 

من أجل استخدام مبلغ الضريبة فى فترة التأخير كربح وانتظارهم صدور مراسيم أو قرارات عفو عن الغرامات والفوائد. 

* ما المقصود بالاقتصاد الموازى؟ وكيف يتم تقنينه؟

  تتعدد وسائل الكتمان الكلى للنشاط الاقتصادى، بحيث لا تصل عنه أية معلومات إلى مصلحة الضرائب عن طريق الامتناع عن استخراج تراخيص للمؤسسات الاقتصادية، وبالتالى لا يتم دفع أية ضرائب على الإطلاق وقد تشمل أنشطة صناعية وحرفية وخدمية وتعليمية، كما يقوم أصحاب مشروعات الاقتصاد الموازى بعدة نشاطات دون علم مصلحة الضرائب وذلك بإخفاء جزء من البضاعة، أو إنشاء مصانع صغيرة فى المناطق الريفية ليصعب الوصول إليها، وبالتالى الإنتاج المحصل منها يباع دون فواتير بعيدًا عن الرقابة، ويجب على الدولة تقديم محفزات لدمج النشاط الاقتصادى الموازى فى الاقتصاد الرسمى، مثل الإعفاءات الضريبية لمدة محددة بعد التقنين وتسهيل إجراءات التقنين واستخراج التراخيص. 

* إلى أي مدى يؤثر عدم سداد الضرائب على الدولة؟ 

يؤدى التهرب الضريبى إلى انخفاض حجم الإيرادات العامة التى تجنيها الدولة، وبالتالى تنخفض الخدمات وتضطر الحكومة إلى سداد العجز الناتج عن التهرب الضريبى من خلال اللجوء إلى القروض الداخلية والخارجية والتأثير السلبى على تمويل مشروعات التنمية والاستثمار، كما يؤدى التهرب الضريبى إلى قتل روح المنافسة بين المؤسسات الاقتصادية حيث يلاحظ درجة الامتياز للمؤسسات المتهربة من الضرائب عن المؤسسات الملتزمة بواجباتها الضريبية ويصبح تحقيق النجاح مرتبط بالتهرب من الضرائب، كما أن التهرب الضريبى يشكل أحد معوقات تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنفيذ المشروعات القومية والاستثمارية. 

* ما الأسباب التى تدفع الممولين للتهرب الضريبى؟ 

عدم دقة حصر المكلفين بالضريبة وضعف وسائل الرقابة، كما أن الفساد الإداري والبيروقراطية من أكبر الأزمات التى تواجه الدولة فى كيفية السيطرة على إيراداتها من الضرائب، ومن ضمن الأسباب أيضًا الأسباب الاجتماعية وتتمثل فى ضعف الوعى بأن الضريبة ستعود على المواطن مرة أخرى فى شكل خدمات. 

* هل هناك وسائل معينة يمكن اللجوء إليها لمواجهة التهرب الضريبى؟ 

لمواجهة التهرب الضريبى يجب على الدولة القيام بالإصلاح الإداري ووضع إجراءات لمساءلة جميع المواطنين ومتابعة أرصدتهم وأملاكهم، إلى جانب العمل على زيادة الوعى الضريبى لدى الممولين عن طريق تعريف أفراد المجتمع بواجباتهم الضريبية بشتى الوسائل لشرح بنود القوانين والأنظمة والتعليمات النافذة فى مجال الضريبة وكيفية احتسابها وتحصيلها. 

كما يجب تنمية الوعى الأخلاقى عن طريق تنمية تنمية الإحساس لدى الأفراد بأن دفع الضرائب هو التزام أخلاقى قبل أن يكون التزامًا قانونيًا لأن فيه التعبير الحقيقى عن التضامن الاجتماعى بين أفراد المجتمع، هذا إلى جانب توافر الجزاءات الضريبية المناسبة على التهرب الضريبى، وكذلك صياغة القوانين اللازمة على نحو سليم بطريقة محكمة بحيث لا توجد الثغرات القانونية التى تفتح الباب أمام التهرب ووضع عقوبات على الممولين المتهربين مثل سحب التراخيص وتكثيف الحملات التفتيشية.

وتدريب موظفي الضرائب تدريبًا كافيًا للعمل فى المجال الضريبى على نحو يكفل لهم الوقوف على أحدث الوسائل الفنية المستخدمة فى المجال الضريبى، وكذلك تمكين موظفى الضرائب من الاطلاع على ما يريدونه من الوثائق والأوراق التى تساعدهم فى تحديد قيمة الضريبة على الوجه الصحيح.

وإلى جانب ما سبق لا بد من تحقيق الشفافية الضريبية وهى عملية وصول قواعد النظام الضريبى إلى الممول للحد من الفساد الإداري، حيث إن موظف الضرائب لا يستطيع أن يتلاعب بمقدار الضريبة إذا كان المكلف على إطلاع بالقوانين والتعليمات، كما يجب تعميم الحوكمة ومبادئ الشفافية ومنع سداد أي معاملات نقدية إلا من خلال التحويل الإلكترونى لسهولة مراقبتها.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو".  

Advertisements
الجريدة الرسمية