رئيس التحرير
عصام كامل

وزارة الثقافة ونجيب الريحانى!

تعلمنا فى المدارس والحياة أن الأرقام لا تكذب، وكنا سعداء عندما نستشهد بإحصائية وكأننا نقدم الحقيقة الكاملة للقارئ، ولكن للأسف أصبح استخدام الأرقام أحد الوسائل التى يمكن تضليل بها المجتمع . يذكر فى كتب الطرائف أن مدرسا قبل ثورة يوليو دائما يفاجئ تلاميذه بأسئلة صعبة مما كان يجعل التلاميذ لا يطيقونه، فى أحد الأيام سأل طالبا: كم عدد الدجاج فى القطر المصرى؟  فأجاب الطالب: 75345 دجاجة!

 

فصرخ المدرس: غلط.. غلط!

فرد الطالب: يا أستاذ لو حضرتك مش مصدق اذهب واحصر العدد بنفسك!

فبهت الذى أراد تعجيز العقول الواعدة!

 

تذكرت أيضا قصة تعرفها الملايين من خلال أحد أفلام العبقرى نجيب الريحانى، عندما وجد أن مدير الدائرة نصاب خائب، عندما بالغ فى قيمة الخروف، ونصحه بأسلوب أفضل أساليب النصب، وقام بوضع أرقام متعددة الأسباب مثل الطبيب البيطرى لزوم الخروف وحبل لزوم الخروف.. إلخ فتضاعف ثمن الخروف ولكن بأسباب منطقية يصدقها الباشا!

 

اقرأ أيضا : غزل المحلة من انفتاح "السادات" إلى خصخصة "مبارك"!

 

ومن الأحداث القريبة عندما وقف المدعو محمد مرسى الرئيس المعزول وهو يشيد بتقدم أداء الحكومة، منها أن المرور أخذ مثلا مليون مخالفة، و…  و...إلخ وطبيعى لم يذهب أحد ليحصر هل الأرقام صحيحة أم لا؟  وهل هذه الأرقام ساعدت فعلا فى انضباط الشارع أم لا؟ وللأسف أصبحت لغة الأرقام لغة مراوغة وتضلل الناس، وإذا كانت لغة الأرقام مقبولة فى عدد المخالفات فى المرور أو التموين أو الضرائب، أو نقبلها فى وزارة النقل بإمكانية معرفة عدد الركاب التقريبية بعدد التذاكر المباعة إلا أنها لايمكن أن تكون لغة حاكمة فى الثقافة والدور الحقيقى الذى يجب أن تقدمه الوزارة بجيشها الجرار من الموظفين وأيضا بإمكانية الاستعانة بمن شاء من كل فئات المجتمع الثقافى والسياسى.. إلخ

 

فوجئت بالدكتور حمدى الجابرى وهو المثقف الكبير وصاحب الخبرة فى الحياة الثقافية ينشر على صفحته أن وزارة الثقافة قدمت تقريرا تقول فيه إنها قدمت نشاطا وخدمات لمليون مواطن من خلال 43925 فاعلية نشاط ثقافى، (ثلاثة وأربعين ألف وتسعمئة وخمسة وعشرين)، طالب د.حمدى الجابرى بمعرفة كيفية ونوعية ما قدم..

 

والذى أزعجنى هو تعامل الوزارة بهذا المنطق، الحقيقة اندهشت وانزعجت من هذه العقلية التى تتعامل مع الثقافة كضابط مرور يسجل المخالفات أو وزارة النقل وعدد الركاب، ومع هذا لو سلمنا بصحة التقرير فإنه كارثة، وزارة الثقافة التى تضم أكثر من ألف موقع فى أنحاء مصر وميزانيتها مليارات لم تصل إلى 1% من أهلها، ولو أننا علمنا أن هذا الرقم لو تم التدقيق فيه لن يصل إلى نصف مليون أى نصف فى المئة من أهل مصر، كيف؟ 

 

واقرأ أيضا : الجنسية المصرية.. والجامعات الجديدة والقديمة!

 

جمهور المعارض الفن التشكيلى معروف لا يزيد وربما ينقص فى كل معرض، أى أن لو حسب 20 ألف مواطن فى المعارض ولكنهم فى الحقيقة خمسمائة فقط، جمهور الندوات أيضا نفس الشىء، بل الحفلات التى تقام فى المناسبات او غيرها ناس لا تتغير تقريبا، إذن هذا الرقم أقل من نصف مليون مواطن للأسف!

 

الأمر الثانى لو تم التدقيق فيما تقدمه الوزارة سنرى أن الندوات فى المجلس الأعلى لا يحضرها سوى أعضاء اللجان ويتحدث فيها هم أيضا، باستثناء حفلات التكريم التى يأتى الأهل والأصدقاء والزملاء وأيضا بلا جمهور حقيقى، معارض تشكيلية لمدة ثلاث أيام وترفع، معارض ستة أيام وترفع، المهم إيجار القاعة فقط، حتى بينالى القاهرة الذى كلف الدولة ملايين لم يشاهده أحد، وكان مثل العمل السرى فلم يعرف عنه أحد شيئا سوى تصريح من سيادة الوزيرة يوم الافتتاح!

 

وهناك معارض تكلف الدولة عشرات الآلاف ولا يراها سوى القائمين عليها! هل كان من ضمن التقرير أن أكثر من 90 % من قصور الثقافة لا تعمل؟ هل تضمن التقرير أن مؤتمر الأدباء الذى جمع أكثر من 350 فرد من محافظات مصر وصل إلى 500 بالموظفين كان فضيحة وكانت ندواته لا يحضرها أكثر من عشرة أفراد ممن سافروا، وباقى العدد يتسوق ولم تقام اللقاءات المزعومة فى مراكز الشباب أو المدارس؟  هل تضمن التقرير أن أكبر عدد من الندوات أقيم لتكريمات الأصدقاء والزملاء وكل من هب ودب؟ 

 

هل تضمن التقرير عدد القضايا المهمة التى تناولتها الوزارة لمواجهة المشاكل التى تواجه المجتمع عامة والشباب خاصة؟  مليون سؤال وللأسف الوزيرة وفريق العمل ليس لديها إجابات.

 

آخر إنجازات الوزارة هو عقد اتفاق مع وزارة الشباب حتى يتم التعاون من خلال قصور الثقافة ومراكز الشباب، سؤالى لوزيرى الثقافة والشباب: هل لديكم فكرة أنه كان هناك نفس الاتفاق قبل 25يناير 2011؟  هل تعرفون أن تجدد فى عهد د.جابر عصفور وخالد عبدالعزيز؟  هل تم دراسة ما حدث فى المرتين والاستفادة من التجارب السابقة؟

 

تحيا مصر بعرق الفلاح وسط الغيطان لا يعبأ بشمس أو مطرة

تحيا مصر بعرق الشقيانين أمام أفران الحديد بصدور مكشوفة

تحيا مصر بأحلام الولاد والصبايا الصغيرين .

 

الجريدة الرسمية