رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أمريكا- إيران.. والخطوط الحمراء

يرهق البعض نفسه في طرح أسئلة من نوعية: من باع سليمانى للأمريكان؟ والذاهبون إلى هذا النوع من الأسئلة يعيشون تفاصيل عملية الاغتيال باعتبارها عملية فنية معقدة، وأن تنفيذها اتسم بالقدرات الفنية والمعلوماتية الدقيقة، وأن أجهزة الاستخبارات الأمريكية قد تعاونت مع أجهزة معلومات أخرى في المحيط العربى، وقد يصل الخيال بالبعض إلى مشاركة الموساد في العملية.

 

واتساقا مع هؤلاء كان ظهور الرئيس الأمريكي وهو يتحدث عن العملية بطريقة تحمل ذات المعنى، وهو القدرة الأمريكية على الوصول إلى الهدف، واصطياده بدقة متناهية والتسويق لنظرية التفوق الأمريكي، والتحليق مع سينما هوليوود بكل ما فيها من إثارة وخيال.

 الأعقد في قضية اغتيال قاسم سليمانى ليست الطريقة التي اغتيل بها، ولا التكنولوجيا التي وصلت بالطائرة المسيرة إلى موقعه عقب استقلاله لسيارته داخل حرم مطار بغداد.

 

اقرأ أيضا: ثورة العراق المباركة

 

لم يكن قاسم سليمانى قائدا سريا لجماعة سرية مثل البغدادي، فقاسم سليمانى قائد لفيلق القدس وهو المسئول العسكري عن عمليات إيران خارج الحدود، هذا معناه أنه قائد عسكري من الوزن الثقيل وهو معروف للجميع وأخباره تتناقلها وكالات الأنباء منذ سنوات ،خاصة بعد أن لمع نجمه في عمليات عسكرية طالت الكثير من المناطق والدول خارج حدود الدولة الإيرانية، وهذا معناه أن سليمانى قائد تحميه الخطوط الحمراء، وهذا هو الأمر الأكثر إثارة في عملية اغتياله، ومن أجل ذلك قامت الدنيا ولم تقعد حتى حينه بعد إذاعة نبأ اغتياله.

 

اغتيال سليمانى يعنى ببساطة أن فكرة الحماية بالخطوط الحمراء سقطت عن الجميع من الطرفين..(خامنئى..روحانى) كل الشخصيات التي تعتبر محمية بالخطوط الحمراء أصبحت متاحة الآن بما فيها الأهداف والشخصيات الأمريكية من أعلى الهرم حتى الجندى الأمريكي الرابض في العراق.

 

اقرأ ايضا : فوضى ليبيا.. خطر يهددنا

هنا مكمن الخطر وهذا هو سبب الإجراءات الأمريكية وتحذير رعاياها من السفر إلى عدة دول، الجنود الأمريكيون المقيمون بالعراق كانوا متاحين لقوات فيلق القدس بقيادة سليمانى طوال السنوات الماضية، ولم يستطع أن يستهدفهم، لأنهم محميون بالخطوط الحمراء وكان سليمانى نفسه متاحا طوال الوقت في العراق أمام القوات الأمريكية ولم تنل منه، لأنه كان محميا بالخطوط الحمراء.

 

سقوط سليمانى يعنى تغيرا كبيرا في المعادلة، بعيدا عن الاستعراض الأمريكي المتمثل في إعلان دونالد ترامب عن اغتيال إرهابى شبهه بالبغدادي.. اغتيال سليمانى يعنى أن كل شيء أصبح مباحا وهو بالمناسبة عبء على الطرفين وتحرك عواصم العالم بهذه الكثافة قد يؤدى في النهاية إلى ما تسعى إليه الولايات المتحدة الأمريكية من بدء مفاوضات جدية مع الجانب الإيرانى..صدمة سقوط الخطوط الحمراء قد تؤدى إلى تفاوض أكثر سلاسة!!

 

Advertisements
الجريدة الرسمية