رئيس التحرير
عصام كامل

شادية تكتب: هذه هي إرادة الحياة

 الفنانة شادية
الفنانة شادية

في الحلقة الأخيرة من مذكرات الفنانة شادية "رحلت في 28 نوفمبر 2017" والتي نشرتها الصحفية إيريس نظمى في مجلة "آخر ساعة" في سبعينيات القرن الماضى كتبت الفنانة شادية تقول:


إن أصعب وأخطر قرار في حياة الفنان هو الاعتزال، ولذلك فهو يحتاج إلى شجاعة، فالشجاع هو الذي ينسحب في الوقت المناسب.. يختفى وهو في قمة القوة والنجاح والمجد، قبل أن تنحسر عنه الاضواء وقبل أن يبتعد عنه الجمهور، وحتى لا يصفق له الجمهور شفقة وليس بدافع الإعجاب.

لكن كل شيء لابد أن تكون له نهاية..هذه هي إرادة الحياة، نجوم تنطفئ، ونجوم أخرى تأخذ مكانها ، وتضئ الكون والحياة بنور الفن، وجوه معروفة تختفى ووجوه أخرى تبدأ نفس الرحلة.

وعندما يعتزل الفنان فنه وجمهوره، أو عندما يختفى من عالم الأحياء نسمع الذين يقولون لقد كان عظيما، كان إنسانا وكان رائعا وان مكانه لن يملأه أحد.. وانه وأنه، ثم نكتشف بعد أيام أن هذا كله ليس الا كلمات عاطفية وأن نجوما وأسماء أخرى بدأت تظهر وتأخذ مكان من رحلوا.. بل ويبادلهم الجمهور إعجابه وحبه كما كان يفعل مع الراحلين، هذه هي الحياة، والإنسان ضيف عابر عليها مهما طال بقاؤه فلابد أن يرحل في النهاية.

أنا لا أحب أن يعامل النجوم مثل الخيول عندما يكبروا نطلق عليهم الرصاص من شدة حبنا لهم إشفاقا عليهم، ولا أحب أن يعامل الفنانون مثل الموظفين الذين يجب أن يحالوا إلى المعاش.

والذين يقدرون على الاستمرار في تقديم فنهم ليسوا كثيرين، ولابد أن يفاجأوا يوما أن طاقتهم الفنية لم تعد كما كانت أيام الصبا والشباب وان الجمهور نفسه لم يعد متحمسا لأدوارهم كما كان يحدث في الماضى، والماضى يذهب ولا يعود.

والشجاع هو الذي يستطيع أن يتخذ القرار.. قرار الانسحاب من الشاشة أو من فوق خشبة المسرح ومن تحت الاضواء في الوقت المناسب وقبل أن يدخل مرحلة الوقت الضائع، ولا أستطيع أن ادعى هذه الشجاعة..

من عدة سنوات اكتشفت أننى أكرر نفسى، كل حفلة جديدة هي تكرار للحفلات السابقة وكلمات الاغانى متشابهة..حتى الميكروفون الذي أغنى أمامه لا يتغير ونفس الفرقة الموسيقية ليس فيها تجديد بل أن اعضائها لا يغيرون حتى ترتيب جلوسهم.

لاجديد ..لا جديد  وأعصابى لم تعد تحتمل كل هذا والصبر كما يقولون له حدود ونفذت قرارى الذي اتخذته وقلت يارب، ولا عودة، الآن أستطيع أن أنام مستريحة الضمير.. راضية النفس، يارب هذه هي حياتى أمامك بكل حلوها ومرها.. فسامحنى إن كنت قد أخطأت، وساعدنى إذا كنت ضللت الطريق.
الجريدة الرسمية