رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مبادئ الصيرفة المسئولة..إطار متكامل يساعد المؤسسات المصرفيةعلي استمرار النمو

الدكتورة داليا عبدالقادر
الدكتورة داليا عبدالقادر


في خطوة غير مسبوقة وبعد أكثر من عشر سنوات من حدوث الأزمة المالية، تم الإعلان رسميا عن إطلاق مبادئ الصيارفة المسئولة من قبل المبادرة المالية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة على هامش اجتماعات مجلس الأمن في سبتمبر ٢٠١٩، حيث تم الاحتفاء بإطلاق وتوقيع المبادئ من قبل ١٣٠ مؤسسة مصرفية يمثلوا ثلث المؤسسات المصرفية على مستوى العالم بإجمالي أصول تبلغ ٤٣ تريليون دولار أمريكي.


مبادئ الصيارفة المسئولة تضع البنوك والمؤسسات المصرفية في الصدارة كقوة دافعة للنمو الاقتصادي والمجتمعي والبيئي وتشكل نقلة نوعية في دور وفلسفة المؤسسات المصرفية مما يدعم قدرتها على النمو وإحداث التنمية المستدامة في آن واحد. ومن جهة أخرى، تدعم الثقة في مصداقية البنوك وقدرتها التنافسية.

تكمن أهمية المبادئ في أنها تمثل إطار عمل يمكن المؤسسات المصرفية من ترسيخ عناصر التمويل المستدام ويمكنهم من مواكبة المستجدات الحياتية المجتمعية والبيئة والتشريعية والتوافق مع أهداف التنمية المستدامة واتفاقية باريس، وهي بذلك تعالج إشكالية قدرة المؤسسات على التحول العملي نحو التمويل المستدام. المفهوم يرتكز في مضمونه على تفاعل الاقتصاد والتمويل مع كلا من البيئة والمجتمع والحوكمة، ويبلور أهمية قيام كل مؤسسة مصرفية بإسداء قيمة مضافة للمساهمين وللمجتمع والبيئة والعملاء والعاملين على حد السواء.

 وبالرغم من ظهور مصطلح التمويل المستدام في منتصف التسعينيات في أعقاب إطلاق مصطلح التنمية المستدامة عام ١٩٨٧ من خلال كليف الأمم المتحدة للجنة برونتلاند وإصدارها تقرير "مستقبلنا المشترك"، إلا أن ممارسته على المستوي العملي كانت محدودة حيث إن الموروث المؤسسي للمؤسسات المالية على المستوي الدولي يتضمن سياسات ولوائح تم تصميمها في إطار فكري تبلور خلال القرن العشرين، واستهدف النمو ببعده المادي ولم تكن التنمية على جدول أعمال المؤسسات. 

وهنا تتضح الإشكالية التي تواجهها المؤسسات المالية في العالم وبصفة عامة حيث انها تواجه عالم متغير بإيقاع سريع مليء بفرص وتحديات وتشريعات رقابية وابتكارات جديدة ومتلاحقة ولكنها مازالت تفتقد الثقافة والسياسات اللازمة لتفعيل التحول نحو التمويل المستدام. وهكذا تصطدم المؤسسات بكيفية التطبيق العملي مما قد يعرقل نموها ومسار التنمية المستدامة على المستوي القطري والعالمي.

ومن هنا ظهرت الحاجة إلى قيام المبادرة المالية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بالتعاون مع ٣٠ مؤسسة مصرفية على مستوى العالم لإصدار مبادئ الصيارفة المسئولة شاركت فيها مصر ومثلت المنطقة العربية من خلال مؤسستين البنك العربي الأفريقي الدولي والبنك التجاري الدولي. تعد المبادئ من آهم الأطروحات التي ظهرت على الساحة الدولية مؤخرا وبعد أكثر من عقد كامل من حدوث الأزمة المالية عام ٢٠٠٨. تطرح المبادئ تصور جديد لدور المؤسسات المصرفية وتساعدها على تخطي إشكالية غياب إطار ومنهج يساعد على تواؤم استراتيجياتها مع أهداف التنمية المستدامة.

المبادئ الستة تشكل خريطة طريق وتتضمن خطوات عملية قابلة للتطبيق العملي حيث أنه تم تصميمها من خلال تفاعل مؤسسات مصرفية تمثل القطاع الخاص وبناء على تجاربها في العمل المصرفي وبالتعاون مع عدة أطراف معنية أخرى من مؤسسات رقابية، وأكاديمية، ومجتمع مدني، وعملاء. بالإضافة تم تداولها للتشاور على مدي ٦ اشهر قبيل اطلاقها رسميا. كما انها تناسب المؤسسات المصرفية بصرف النظر عن حجمها أو إمكانيتها.

تتضمن المبادئ عدة محاور وتشمل: موائمة استراتيجيات البنوك مع أهداف التنمية المستدامة، وتقييم تأثيرها السلبي والإيجابي على المجتمع والبيئة، وتطوير منظومة علاقات المؤسسات المصرفية بكل من عملائها وكافة الأطراف المعنية، بالإضافة إلى ترسيخ ثقافة وممارسات الحوكمة والافصاح والشفافية.

وقد تم تكليف د. داليا عبد القادر بنشر الوعي بمبادئ الصيارفة المسئولة في منطقة الشرق الأوسط لتكون بذلك احدي ٥ ممثلين عن عدة مناطق: أمريكا الشمالية وأوروبا، آسيا، أفريقيا وأمريكا اللاتينية. وجار التنسيق نحو نشر الوعي بالمبادئ وتفعيل فكر التمويل المستدام في مصر ومن مصر إلى المنطقة العربية.


Advertisements
الجريدة الرسمية