رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وماذا بعد الشتائم ؟!


الاحترافية في الرد على الإعلام الوافد من الخارج مرهونة بتعافي إعلامنا، فلا إبداع ولا موضوعية ولا قدرة على الإقناع إلا إذا خرج الإعلام من غرفة الإنعاش، أما العشوائية والصوت العالي وتوجيه الشتائم فهي رخصة رفعت الحرج عن إعلام ينتظر من يمنحه قبلة الحياة، فلا حرج على مريض علا صوته من شدة الألم والإهمال فشتم من أهملوه ومن طببوه.


محطة ( بي بي سي ) دأبت مؤخرًا على الاصطياد في الماء العكر، فأفسحت المجال لكل من ينتقد الإدارة المصرية أو يوجه سهامه إليها، وقد يكون استضافتها لمعارض مصري من الوزن الثقيل مقبولًا، ويتناسب مع أهمية المحطة وعراقتها، لكن اصطيادها في الماء العكر تجلى في استضافتها للممثل والمقاول محمد على الذي لم يكن بقيمة المحطة ووزنها، استضافة لم تكن الأولى لضيوف من هذا القبيل..ولن تكون الأخيرة، وقد تعمدت المحطة تغييب الطرف الآخر للرد على ادعاءات ضيفها، وتلك سقطة تؤكد سوء النية وتعمد إثارة الرأي العام المصري.

في المقابل.. استخدم إعلامنا نفس العشوائية في الرد على ( بي بي سي ) فاتهمها بالخيانة وتعمد الإساءة لمصر، وعدد ما رآه سقطات لها ولمذيعيها، وهي تهم إعتادت عليها المحطة، بل أنها تستثمرت بعضها لصالحها، واستثمار الردود ثقافة تغيب عن الإعلام الذي لا يعمل بأريحية وفقد بوصلته وتاه عن هدفه.

غير خاف على أحد أن محطة ( بي بي سي ) لها أجندتها الخاصة، ويلعب مراسلوها أدوارًا تملى عليهم في كثير من الأحيان، وبعضهم عرف أن وجهته ستكون القاهرة قبل أحداث يناير ٢٠١١ بأكثر من شهر، وهذا يعني أن المحطة تعمل وفقًا لتوجيهات مخابراتية، وحتى لا تطول وقفتنا أمام ( بي بي سي ) علينا أن نذكر بأنها المدرسة التي تخرج فيها أغلب مذيعي الجزيرة ومديري برامجها، لذلك علينا أن نتروى في الرد عليها، وأن نستبدل الشتائم بطرق أخرى تنتمي إلى المهنية، مع الوضع في الاعتبار أننا نتصدى للرد على أعرق مدرسة إعلامية في العالم، يفخر كل من عمل فيها بالانتماء إليها.

المهنية في الرد على ( بي بي سي ) وغيرها لن تتحقق بإعلام مرفوع عنه الحرج بسبب المرض، لكنها تتحقق بإعلام قوي، إعلام يعرف الهدف ويصوب تجاهه، هذا الإعلام يبحث عنه الشعب، ويتمناه الرئيس، وربما كانت تصريحاته الأخيرة الخاصة بحجم الإنفاق بوابة للقائمين على الملف لتقليص ميزانيات كانت تعاني ترهلًا، والقيام بتصفيات كانت ضرورية رغم قسوتها على البعض، بقي المحتوى الذي يحتاج تطويرًا يليق بمصر..

أعلم أن الحركة في الغرف المغلقة مستمرة، وأن الجميع أدرك أن خللًا أصاب المنظومة، وأن التجريب في الفترة الماضية جعل الصورة أكثر وضوحًا، وأن القائمين على التطوير صاروا أكثر نضجًا، وأن رحابة الصدر صارت ضرورة، بقي أن ننتظر القبلة التي تعيد لإعلامنا الحياة.
besherhassan7@gmail.com

Advertisements
الجريدة الرسمية