رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وزيرة الثقافة: مطربو الطرب الأصيل انقرضوا.. ومحمد منير ليس له شبيه في غنائه وموسيقاه

فيتو


  • انتهى زمن «الجزر المنعزلة» في الوزارة.. ومستعدون لدعم مهرجان الجونة للموسيقى
  • «دسامة» برنامج مهرجان الموسيقى العربية ميزة وليست عيبًا
  • محمد منير حالة فنية فريدة من نوعها وتكريمه «حق علينا»
  • «جذور» رتيبة الحفني أول مقومات نجاح مهرجان الموسيقى العربية
  • المشهد الثقافي يشهد «حراكا ونشاطا» منقطع النظير
  • مصر تبذل جهودا واضحة في الحفاظ على فنانيها

المتابع الجيد لما يحدث داخل وزارة الثقافة، وقطاعاتها المختلفة، لا يمكنه تجاهل أو إغفال حالة الحراك الثقافي الذي تشهده الوزارة وتعمل على تحقيقه في جميع محافظات مصر خلال الفترة الأخيرة، لا سيما مع إصرار وزارة الثقافة والدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة على إنهاء حقبة عمل قطاعات وزارة الثقافة في جزر منعزلة، وهو الأمر الذي بات من ذكريات الماضى، حيث تعمل جميع القطاعات في الوقت الحالي على تحقيق إستراتيجية الوزارة ككل، وأصبح النجاح نجاح الكل وليس نجاح قطاع أو شخص بعينه.

ويأتي مهرجان الموسيقى العربية في كل عام، كابن تحتفل به وزارة الثقافة ككل، خاصة مع كون الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة واحدة من أبناء الأوبرا التي خرجت من بين أروقتها إلى العالمية، فهي الوزيرة التي تمسك مقاليد المهرجان وتعرفه حق المعرفة، ابتداء من رئاستها لدار الأوبرا المصرية، ورعايتها للمهرجان، وصولا إلى إشرافها على المهرجان ككل من خلال منصبها كوزيرة للثقافة.

"فيتو" حاورت الدكتورة إيناس عبد الدايم، أثناء انعقاد الدورة الثامنة والعشرين للمهرجان وذلك لإلقاء نظرة على إنجازات المهرجان ككل، لا سيما أن الدورة الحالية تتزامن مع ذكرى مرور 150 عاما على تأسيس الأوبرا الخديوية، والتي كان لوزيرة الثقافة نصيب من العزف على خشبة مسرحها قبل نشوب حريقها الشهير، وعن ذكريات حفلها الأول، وردودها حول ما أثير عن السلبيات التي شهدتها الدورة الحالية لمهرجان الموسيقى العربية، ورؤيتها العامة للمشهد الثقافى المصرى وأمور أخرى كان الحوار التالي:

*مهرجان الموسيقى العربية بمثابة العرس السنوي الذي تقدمه دار الأوبرا المصرية للفن والطرب العربي، برأيك ما المقومات التي اعتمد عليها المهرجان خلال مسيرته؟
أعتقد أن أكبر مقومات المهرجان وأقواها تتمثل في «الجذور» التي زرعتها الدكتورة رتيبة الحفني مؤسسة المهرجان منذ ثمانية وعشرين عاما، من خلال فكرة المهرجان التي كانت تهدف إلى الحفاظ على الموسيقى العربية، لا سيما الفن والطرب المصري والعربي بشكل عام، وتلك الفكرة المختلفة تعتبر صاحبة الفضل الأول في استمرار المهرجان طيلة هذه الأعوام، خاصة مع كونه من أوائل المهرجانات التي اعتنت بالموسيقى والغناء في الوطن العربي ككل، ومن ثم انتشرت فكرته في الدول والبلاد المجاورة التي استلهمت من مهرجان الموسيقى العربية نشاطها وقوتها، ما جعل من مصر دولة سباقة للفن والموسيقى والإبداع في شتى المجالات.

ولا يمكن أن نغفل أيضًا أن أول مؤتمر للموسيقى يهتم بالباحثين الموسيقيين كانت انطلاقته من دار الأوبرا ومصر، وهو بالفعل أول مؤتمر للموسيقى بالعالم العربي، ما جعل من مصر قبلة للباحثين لعرض جديد أفكارهم، إضافة لكون المهرجان أعطى مساحة واسعة لظهور الكثير من مطربي الوطن العربي الذين يتربعون حاليًا على الساحة الفنية، وكانت بداياتهم ومساحة انتشارهم الأولى من داخل المهرجان الذي اهتم بتقديمهم ودعمهم في بداياتهم، وما أريد قوله هو أن فكرة المهرجان السباقة -آنذاك- تعتبر المقوم الأول الذي دعم نجاحه واستمراره حتى هذه اللحظة.

*لولا التحديثات والإضافات لما استمر النجاح، من واقع متابعتك كيف ساهم رؤساء الأوبرا المتوالين في دعم استمرارية نجاح المهرجان؟
بالطبع لولا الإضافات والتحديث ومواكبة العصر لما استمر نجاح المهرجان، فرؤساء الأوبرا كل منهم أضاف لمسته على مدار سنوات المهرجان، وكل منهم استطاع منح المهرجان روحا جديدة لا تنسلخ من روح الماضي والأصالة، وإنما تحاول مواكبة العصر بأفكار جديدة وأسلوب مختلف، لا سيما أن رئيسة المهرجان الحالية جيهان مرسي، واحدة من أبناء الدكتورة رتيبة الحفني، وتعلمت على يدها واستطاعت استكمال مشوارها بالنهج نفسه الذي كانت تتبناه وتتمناه الراحلة.

*الفنان محمد منير كان مفاجأة الدورة الجديدة للمهرجان، هل يمكن اعتبار استضافته بمثابة شارة لفتح باب الأوبرا أمام الموسيقى الحديثة والمعاصرة؟
الفنان محمد منير قيمة للعالم العربي ككل، ولو عدنا إلى الوراء واسترجعنا بدايات «منير» وكيف تناول تراثه وموسيقاه واستطاع خلق موسيقى جديدة خاصة به ومستوحاه من نبض الشارع وقلب كل مصري وعربي، فلا يمكننا وصفه سوى بأنه حالة فريدة وخاصة، فيمكنك بشكل يومي أن تعجب بمطربين وفنانين حققوا نجاحا باهرا، إلا أن غنائهم أو موسيقاهم يمكنك إيجاد شبيه لها، أما محمد منير فلا شبيه لموسيقاه وغنائه، لذلك بقى «الكينج» في قلوب المصريين والعالم العربي ككل، ووجوده داخل حفلات المهرجان، وتكريمه حق علينا جميعًا كمصريين وعرب، كما أن وجوده كفنان أعتبره نقلة فيها تنوع وتجديد كبير جدا للمهرجان دون تخليه عن جوهرة وسماته الأساسية التي ستبقى تميزه أبد الدهر.

*هناك انتقاد دائم يوجه لإدارة مهرجان الموسيقى العربية، بأنها تكرر الأسماء التي يتم استضافتها، إضافة إلى دسامة البرنامج، فهل هذا أمر متعمد من دار الأوبرا؟
أعتقد من خلال التجربة التي عشتها خلال رئاستي لدار الأوبرا المصرية، أنه بشكل عام على مستوى الوطن العربي، أن المطربين الذين يعنون بالفنون الجادة والطرب الأصيل حاليًا أصبحوا أقل من السابق، كما أنه من حق المهرجان والأوبرا الحفاظ على كبار الفنانين المصريين، فهو مهرجان وطنهم في المقام الأول، ولا بد من مشاركتهم فيه، وكون مصر تود الحفاظ على فنانيها فهذا أمر تشكر عليه.

وفيما يتعلق بجزئية «التكرار»، فرغم مواجهتنا كثيرا من الصعوبات في بعض الاتفاقيات، خاصة مع المتطلبات التي تختلف حاليًا عما سبق، إلا إننا استطعنا مواكبة التطور سواء في الموسيقى أو المنتج الفني المقدم أو المتطلبات الفنية والتقنية اللازمة لاستضافة الفنان، لكن في النهاية يجب مراعاة أن المهرجان معني بدعم الموسيقى العربية التي تعتبر وجهته وقبلته التي لا يمكنه التخلي عنها، وإذا كنا نريد تنظيم مهرجان متنوع في قوالبه الموسيقية لكان أمرا سهلا ويسيرا، فمن السهل جدًا التخلي عن شكل وهوية المهرجان، إلا أنه وقتها لكن يكون مهرجانا للموسيقى العربية، وإنما سيكون مثله مثل أي مهرجان متنوع.
أما «دسامة البرنامج» فترجع إلى الرغبة في خلق حالة من التنوع سواء في الأصوات المستضافة أو الألوان الموسيقية والثقافات المختلفة، خاصة أن تركيبة المجتمع الفني في مصر أصبحت مختلفة عن السابق، فمنذ سنوات كانت هناك العديد من المنصات الفنية التي تعمل على تقديم مساحة لفنانين مختلفين مثل ليالي التليفزيون وغيرها من المنصات التي كانت في وقت من الأوقات تقدم دعما ومساحة للفنانة، أما الآن فتلك المنصات لم تعد موجودة، وهناك العديد من المطربين الذين لن تستطيع حضور حفلات لهم إلا من خلال أماكن محددة للغاية، لذلك يعمل مهرجان الموسيقى على محاولة توفير مساحة لمعظم الفنانين والمطربين لتكون فرصة للتلاقي ما بين الفنان وجمهوره، وتلك الدسامة لا يجب حسبانها كونها جزءا من سلبيات المهرجان، وإنما هي مهمة من مهامه بأن يوفر المساحة المناسبة ما بين الفنان والجمهور المصري.

*ما الجديد الذي أضيف إلى مهرجان الموسيقى العربية خلال الدورة الحالية وسنواته الماضية؟
من أولى الإضافات التي نجحنا فيها حالة التنوع والتطور الحاصل في المؤتمر الذي ينعقد على هامش المهرجان، والذي استطعنا تطويره ومواكبته للحداثة خلال السنوات الماضية، وما زلنا مستمرين في دعمه، فالموضوعات والمحاور التي يختارها المؤتمر حاليًا لم تعد غير واقعية أو في جزيرة منعزلة، وإنما نأخذ المحاور من أرض الواقع لتكون هناك فائدة حقيقية ملموسة من عقد ندوات المؤتمر.

أما ثاني إضافة فتتمثل في «دسامة» البرنامج الغنائي والموسيقى المقدم في ليالي المهرجان، فالليالي متنوعة وتحمل بين ثناياها صنوفا مختلفة من الأصوات والألوان الموسيقية، وهذا نجاح كبير نستطيع لمسه في أن حفلات المهرجان تكون كاملة العدد بعد طرح التذاكر بساعات قليلة.

ومنظومة الحجز والتذاكر في حد ذاتها إضافة ثالثة، لأن الحجز الإلكتروني أعطى تنوعا في فئات الجمهور الحاضر للحفلات، إضافة إلى استضافة الفنانين الشباب الذين يحرص المهرجان على استضافتهم من شتى بلدان الوطن العربي وليس مصر فقط، وهو ما يمنحنا مساحة للتعرف على ثقافات متنوعة ومختلفة.

*برأيك.. هل أدت جميع هذه الإضافات إلى أن يدر المهرجان الربح لموازنة الدولة، أم أنه لا يزال مهرجانا مستهلكا؟
بالطبع بدأنا في تحصيل ربح منذ عامين، ويواصل المهرجان نجاحه وجني ثمار سنواته التي قضاها متربعًا على عرش مهرجانات الموسيقى والغناء العربية.

*أعلن مهرجان الجونة السينمائي منذ فترة نيته عمل مهرجان الجونة للموسيقى، فهل هناك نية لدعم هذا المهرجان أم أنه سيكون منافسا لمهرجان الموسيقى العربية؟
وزارة الثقافة ترحب بدعم جميع أشكال وألوان المهرجانات التي تقام على الأراضي المصرية، فهي في نهاية الأمر تعكس مشهدا حضاريا وفنيا يليق باسم مصر على الساحة العربية والدولية، لا سيما أن مصر تحتاج في الفترة الحالية العمل على زيادة عدد المهرجانات الموسيقية والغنائية؛ لأنها قليلة، إذا تمت مقارنتها بمهرجانات السينما المتعددة التي تقام في عدد من المحافظات، كما أن إقامة مهرجان الجونة للموسيقى سيكون منصة جيدة لاستضافة فنانين مصريين وعرب وأجانب، وهو ما سيجعلنا نتعرف على ثقافات أخرى مختلفة، وهو أمر صحي للغاية ونسعى لدعمه بكافة الإمكانيات المتاحة.

*في 14 نوفمبر تحتفل وزارة الثقافة بذكرى مرور 150 عامًا على إنشاء الأوبرا الخديوية، هل يمكن أن تحدثينا عن ملامح الاحتفالية؟
بالطبع سيكون هناك احتفال فني ضخم للاحتفال بهذه الذكرى، خاصة كونها أول أوبرا في الشرق الأوسط والعالم العربي، أما أهم ملامح الاحتفالية فتتمثل في أنها ستكون فرصة لتكريم مجموعة من الفنانين الكبار الذين أفنوا حياتهم في العطاء لهذا النوع واللون من الفن، والذين عزفوا أو قدموا فنونهم يومًا ما على خشبة الأوبرا الخديوية قبل احتراقها.

*كنتِ من ضمن الفنانين القلائل في مصر الذين عزفوا يومًا ما على خشبة الأوبرا الخديوية، ما ذكرياتك على خشبة هذا المسرح؟
في الحقيقة كنت أبلغ من العمر 9 سنوات فقط، وتم اختياري للعزف والمشاركة في الحفل كوني كنت واحدة من التلاميذ البارعين في أكاديمية الفنون، وبالطبع أذكر جيدًا إحساسي على المسرح وهيبته ومدى الفخامة التي كان يتمتع بها، وكبار الفنانين الذين شاركت في الحفل إلى جوارهم آنذاك أمثال الفنان الراحل عبدالمنعم كامل، والفنان حسن شرارة، ورمزي يس، عصمت يحيى، مصطفى ناجي، وما زلت حتى الآن أحتفظ ببرنامج هذا الحفل الذي شاركت فيه، حيث احتفظت به والدتي آنذاك لي.

*كمواطنة مصرية ما تقييمك للمشهد الثقافي المصري، هل هناك تقدم في مستوى الوعي والفكر؟
بالطبع أستطيع القول إن هناك حراكا ثقافيا يمكن الجميع لمسه والشعور به في الآونة الأخيرة، خاصة أننا طرقنا العديد من الأبواب التي كانت مغلقة فيما قبل، إضافة إلى تفرعنا للعديد من الأماكن والمحافظات والمناطق التي لم تكن تملك متنفسات ثقافية حية على أرضها، وقياسي هنا يكون من خلال المحافظات، حيث تعودنا فيما قبل أن القاهرة والإسكندرية هي المدن المركزية التي تشهد جميع أشكال وأنواع الحراك الثقافي، أما في الفترة الأخيرة أصبح هناك تجاوب ملموس مع أبناء المحافظات الأخرى وهو ما كنا نطمح لتحقيقه.

*وقد شارفنا على وداع عام 2019، ما الإنجازات التي تفخر وزارة الثقافة بتحقيقها خلاله؟
صراحة هناك العديد من الإنجازات التي شهدناها على مدار العام، وهناك العديد من الإنجازات الأخرى التي نعمل على تنفيذها في الفترة الحالية، لكن من أهم النقاط التي أفخر بها أن قطاعات الوزارة لم تعد تعمل في جزر منعزلة عن بعضها البعض، وإنما صارت جميع القطاعات تعمل على يد رجل واحد وبقلب واحد، وتخرج الإنجازات من الوزارة ككل وليس من قطاع بعينه دون الآخر، وهذه نقطة في غاية الأهمية كان لا بد من إنجازها، لأن الجزر المنعزلة لا يمكنها إخراج إنجازات حقيقية كاملة على أرض الواقع، ومهما بلغ إنجاز قطاع بعينه في جزيرته المنعزلة يبقى في النهاية إنجازا فرديا، وهو ما كان لا بد من تغييره وتداركه، وبالفعل استطعنا اجتياز الحاجز بين القطاعات وإيجاد العوامل المشتركة فيما بينها.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
Advertisements
الجريدة الرسمية