رئيس التحرير
عصام كامل

«ماما شيماء».. حكاية فتاة عشرينية تلعب دور الأم البديلة

فيتو

بوجه بشوش وصوت يقارب الهمس عرفت الشابة العشرينية نفسها بـ«ماما شيماء» بدا واضحا أنها لا تحب التحدث إلى الغرباء، ربما يعود ذلك إلى جذورها المنحدرة من إحدى قرى الصعيد، تتحرك بهدوء في أرجاء الدار، توزع الابتسامات هنا وهناك، تسعى إلى بث روح الطمأنينة في الأطفال.


تعمل «شيماء» منذ 5 أعوام في مهنة «الأم البديلة» وجدت في هذه المهنة شغف خاص، لطالما كانت محبة للأطفال، فكانت ترعى إخوتها الصغار عند غياب والدتها، لذا لم يكن تمرسّها في عملها صعبا.

تعتمد دور الأيتام على توظيف "الأمهات البديلة" من خارج القاهرة، إذ تطلب المهنة أن تمكث بصحبة الأطفال في الصباح والمساء، تعيش داخل الدار مثلها مثل الأيتام ولا تعود إلى ديارها سوى في إجازة لا تتجاوز خمسة أيام في الشهر.

«وجدت في هذه المهنة حبا لم أجده في أي مهنة أخرى امتهنتها، أن تكون بين الأطفال ترعاهم وتنظم لهم يومهم، وأن تخلق شخصا سويا اجتماعيا لتقديمه للمجتمع فيما بعد.. لا أعتقد أنه يوجد في الحياة أكثر جمالا من ذلك»، تقول ماما شيماء.

تلعب الأم البديلة دور الأم الحقيقية، تهتم بالنظافة الشخصية وتنظيم الوقت وتلقين الأطفال أبجديات الحياة، تحزن لحزنهم وتفرح لفرحهم.. لم تختبر "شيماء" الأمومة بالشكل المتعارف عليه، لكنها شعرت بالأحساس يتسرب إليها مع ابتسامة الأطفال من حولها.

لكل «أم بديلة» مجموعة من الأطفال تعمل على رعايتهم بشكل كامل، تسهر عليهم في حال مرضهم، تستذكر معهم دروسهم بشكل يومي، تضع قوانين صارمة لمشاهدة التلفاز ومواعيد منتظمة للنوم.

تلقت «ماما شيماء» الطفلتين «فاطمة وبسنت» لم تتعديا 3 سنوات ونصف السنة، لعبت دور الأم في حياتهما، فاطمة تعاني من داء السكري لذا يتوجب عليها زيادة الاهتمام والرعاية ومتابعتها بشكل مستمر، تمشي على نظام غذائي محدد لا يمكن تجاوزه.

«منذ الوهلة الأولى، شعرت بارتباط كبير "فاطمة وبسنت" تعلقت بهما وتعلقتا بي، أشعر بالمسئولية تجاههما، حالة فاطمة الصحية تتطلب اهتماما مكثفا من جانبي، أفعل ذلك بحب، لا أتقاضى أجرا كبيرا مقابل المكوث في الدار لمدة 25 يوما كاملة، لكن الجزء المعنوي والنفسي أكثر أهمية لدي»، تقول ماما شيماء.

الطفلة بسنت تختلف كثيرا عن فاطمة فحالتها الصحية مستقرة إلا أنها تحتاج دائما إلى جرعات من الحنان والمحبة، تطالب بها دون خجل، تلقي بنفسها في حضنك بعد أول لقاء معها، لا تشعر بحرج من إرسال قبلة إليك وابتسامة يلين لها قلبك: «بسنت اجتماعية إلى أقصى حد ممكن، تحب اللعب والغناء والرقص، لا تمانع أن تقضي يومها كاملا تغني وترقص، تعشق الذهاب إلى الحضانة فهناك ترى أصدقاءها وتلهو طوال اليوم».

أن تذهب بنت من إحدى قرى الصعيد بعيدا عن أهلها لم يكن بالأمر اليسير على «ماما شيماء»: «في البدء الأمر لم يكن يسيرا بالطبع، كنت أتواصل مع والدتي وأصدقائي في قريتي كثيرا، كنت أشعر بالغربة لكنها تبددت يوما بعد الآخر، أشعر كأني في منزلي ولست بعيدة عن عائلتي».
الجريدة الرسمية