رئيس التحرير
عصام كامل

منتصر عمران يكتب: العشوائية في المنظومة التعليمية!!

منتصر عمران
منتصر عمران



أكد لي أحد مديري مدرسة ابتدائية في قريتي أنه في العام الأخير تم دمج المدرستين الوحيدتين في قرية الرياينة بمركز أرمنت بمحافظة الأقصر، في مدرسة واحدة!! مما نتج عنه زيادة عدد التلاميذ في فصول المدرستين المندمجتين إلى 75 تلميذا في الفصل الواحد!! 

وهذا يسبب مشكلات نفسية وصحية وتعليمية للتلاميذ، ويؤثر بالتالي على المعلم، وعلى مستوى الطلاب وتحصيلهم الدراسي رغم جهود وزارة التربية والتعليم، التي تؤكد في كل تصريحاتها أنها تعمل على الحد من زيادة أعداد التلاميذ على 40 طالبا، في الوقت الذي يطالب فيه أولياء الأمور والمعلمون بألا يتجاوز عدد التلاميذ في الفصل الواحد 25 تلميذا من أجل بيئة تربوية وتعليمية سليمة؛ تجنبا للصعوبات التي تواجه المعلم والتلميذ معا، نتيجة هذا الكم من التلاميذ في الفصول الدراسية.

والجدير بالذكر أنه كلما قل عدد التلاميذ في الفصول كانت جودة التعليم أفضل، وكان إنتاج المدرس بشكل أفضل.. لأن تعامل المعلم مع شريحة من التلاميذ قليلة عكس التعامل مع شريحة كبيرة تماما لأن الكثافة تحوي قدرات فردية متفاوتة بشكل كبير يصعب عليه التعامل معها بالشكل المطلوب.

ومن خلال الدراسات التي تمت في هذا الشأن تؤكد على حقيقة مفادها أن جملة الصعوبات التي يعاني منها المعلم مع التلاميذ الذين عددهم كبير في الفصل الواحد هي الفوضى وعدم القدرة على ضبط الصف، إضافة إلى معاناة في تصحيح كم الدفاتر الطلابية والأنشطة والاختيارات والامتحانات بشكل دقيق؛ مما يشكل عليه عبئًا وجهدًا واستقطاع وقت كبير من المعلم بعكس الأمر لو كان عدد الطلاب قليلًا، مثلا لا يتعدى 25 تلميذا فقط.. ناهيكم عن عدم قدرته على توصيل المعلومة للجميع مع تفاوت الفروق الفردية. 

كما أن كثافة التلاميذ في الفصول لا تتناسب وحجم صفوف بعض المدارس، وخاصة المدارس القديمة المباني؛ فمع هذا الكم وضيق المساحة يصبح من الصعوبة على المعلم أن يطبق بعض طرق التدريس الحديثة، ومنها التعليم التعاوني الذي يعتمد على المجموعات وتنقل المعلم والطلاب داخل الفصل، كما أن الأعداد الكبيرة تؤدي إلى الفوضى والمشاغبة ومشكلات أخرى داخل الفصل نتيجة عدم قدرة المعلم على ضبط هذا العدد الذي يصل إلى 75 تلميذًا، كما ذكرت آنفا، ومنها أيضًا عدم القدرة على الانتباه لشرح المعلم من قبل التلاميذ، وعدم إثبات مستوى التلميذ للمعلم أمام هذا العدد الكبير، علاوة على عدم توفر الراحة النفسية للتلاميذ في مثل هذه الأجواء المشحونة والمضطربة.

وهناك مدرسة تم إخلاؤها منذ 3 سنوات من أجل ترميمها، وحتى الآن لم يبدأ العمل في الترميم، وهي مغلقة، وتم إلحاق التلاميذ بمدرسة أخرى؛ مما أدى إلى زيادة الأعداد في الفصول، وهي مدرسة الشهيد أبو الحجاج الابتدائية بمدينة أرمنت.. فهل يتم وضع حلول جذرية وسريعة لهذه المشكلة في ظل تطبيق منهج تعليمي حديث أم أن العشوائية ستكون هي الحاكمة للمنظومة التعليمية في مصر؟!!

هذه استغاثة أوجهها لوزير التعليم.. إذا كان يريد بالفعل خطة إصلاحية للتعليم في مصر.. فعليه أن يعمل جادًّا على تقليل أعداد التلاميذ في الفصول قبل كل شيء.
الجريدة الرسمية