رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس جمال عبد الناصر يكتب: الحقيقة في الحج

فيتو

في كتابه "فلسفة الثورة" الذي كتبه الرئيس جمال عبد الناصر بعد سنوات قليلة من قيام الثورة، وفي فصل بعنوان "الحقيقة في الحج" كتب يقول:

أتحدث عن الدائرة التي تمتد عبر قارات ومحيطات وهى دائرة إخوان العقيدة الذين يتجهون معنا أينما كان مكانهم تحت الشمس إلى قبلة واحدة وتهمس شفاههم الخاشعة بنفس الصلوات.

لقد ازداد إيماني بمدى الفاعلية الإيجابية التي يمكن أن تترتب على تقوية الرباط الإسلامي بين جميع المسلمين.. أيام ذهبت مع البعثة المصرية إلى المملكة العربية السعودية لتقديم العزاء في وفاة عاهلها الراحل الكبير.

لقد وقفت أمام الكعبة وأحسست بخواطرى تطوف بكل ناحية من العالم وصل إليها الإسلام ثم وجدتنى أقول لنفسى: يجب أن نغير نظرتنا إلى الحج.. يجب أن تكون للحج قوة سياسية ضخمة ويجب أن تهرع صحافة العالم إلى متابعة أنبائه لا بوصفه مراسم وتقاليد تصنع صورا طريفة تنشر في الصحف وإنما بوصفه مؤتمرا سياسيا دوريا يجتمع فيه كل قادة الدول الإسلامية ورجال الرأى فيها وعلمائها في جميع انواع المعرفة وكتابها وملوك الصناعة فيها وتجارها وشبابها.. ليضعوا في هذا البرلمان الإسلامي العالمى خطوطا عريضة لسياسة بلادهم وتعاونها معا حتى يحين موعد اجتماعهم من جديد بعد عام.

يجتمعون خاشعين ولكن أقوياء، متجردين من المطامع.. لكن عاملين، مستغفرين الله عز وجل، أشداء على مشاكلهم وأعدائهم، حالمين بحياة أخرى.. لكن مؤمنين أن لهم مكانا تحت الشمس يتعين عليهم احتلاله في هذه الحياة.

أذكر أني قلت بعض خواطرى هذه لجلالة الملك سعود فقال لي الملك:
إن هذه هي فعلا الحكمة الحقيقية للحج.

حين أسرح بخيالى إلى ثمانين مليونا من المسلمين في أندونيسيا، وخمسين مليونا في الصين، وبضعة ملايين في الملايو وسيام وبورما، وما يقرب من مائة مليون في باكستان وأكثر من مائة مليون في منطقة الشرق الأوسط وأربعين مليونا داخل الاتحاد السوفيتى، وملايين غيرهم في أرجاء الأرض المتباعدة.

حين أسرح بخيالى إلى هذه المئات من الملايين الذين تجمعهم عقيدة واحدة أخرج بإحساس عميق بالإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يحققها تعاون بين هؤلاء المسلمين جميعا.

تعاون لا يخرج عن حدود ولائهم لأوطانهم الأصلية بالطبع..ولكنه يكفل لهم ولإخوانهم في العقيدة قوة غير محدودة.

وكان رئيس الوزراء المصرى البكباشى جمال عبد الناصر قد سافر عام 1954 إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج لأول مرة بعد قيام ثورة 23 يوليو.

ورافق عبد الناصر عدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة على رأسهم أنور السادات وزكريا محيي الدين وحسين الشافعي.
الجريدة الرسمية