رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فكري أباظة: مسقط رأسي في كفر أبو شحاتة

فكري اباظة
فكري اباظة

في مجلة المصور عام 1956 كتب الصحفى الساخر فكرى أباظة مقالا قال فيه:

اشتد الحر، وهج لهيبه، وما أدراك ما شمس الريف الحارقة، حفظنا الله منها.


في صباى لا عمرى صيفت في باريس ولا نيس ولا حتى الإسكندرية أو مرسى مطروح أو بورسعيد أو رأس البر.

ولكن كان أول مصيف عرفناه عندما تفتحت أعيننا على الدنيا هو قريتنا المتواضعة بمحافظة الشرقية حيث مسقط رأسنا في "كفر أبو شحاتة".. سنوات طويلة مجرد انتهاء الدراسة يسرع أبناء العيلة إلى قريتهم حيث العائلة وحضن الأم وحنان الأب.. لكن ما أجحدنا الآن، وما أفدح نكراننا للجميل.

القرية "كفر أبو شحاتة" مسقط الرأس، ومورد العيش والملجأ الأخير عند الاعتزال، كانت فيما مضى مصيفنا الأوحد، لم نكن نعرف الإسكندرية ولا رأس البر، ولا مرسى مطروح ولا نيس ولا باريس ولا سكوتلاندا ولا كاليفورنيا.

لكن الجحود والنكران يفدان عندما تفد الفلوس إلى الجيوب فيتعالى المتواضعون، ويصعد الهابطون، ونجحد القرية ولا نزورها إلا مرات، ولا نصطاف فيها ولو في العمر مرة.

وها أنذا أتذكر الحدائق والحقول والخليج الجميل وبحر موسى الجميل في كفر أبو شحاتة.. ما أسعدها أعواما، وما أحنها ليالى وأياما.

قضينا فيها أيامنا الجميلة لعب الكرة بأنواعها وممارسة الصيد وأحاديث السهر والسمر.

كان دارنا في كفر أبو شحاتة مركزا اجتماعيا في أيام الصيف تداوى فيه المرضى من القرويين المساكين، تسعفهم بالدواء وتقيم لعرسانهم وعرائسهم فيه الافراح والليالى الملاح، وتوزع منه على أطفالهم الملابس والهدايا.

ولم يتبق إلى المدينة بصخبها وجفائها وتباعد أطرافها، الإنسان فيها تائه لا يجد من يشعر به أو يأنس له.

ذهب الأنس وذهب الجمال والحب..ذهب كل هذا وولى وراح.. وانتشرت المبانى وانشغل الجميع وضاع مصيفى المتواضع.. مصيف كفر أبو شحاتة فواأسفاه على الزمن الذي ولى والمتعة التي زالت وانتهت.
Advertisements
الجريدة الرسمية