رئيس التحرير
عصام كامل

دكتور محمد على فهيم يكتب : الفلاحون ينتظرون

دكتور محمد على فهيم
دكتور محمد على فهيم

ونحن نحتفل بالذكرى السابعة والستين لثورة 23 يوليو 1952 تغيرت الكثير من المعالم والمصطلحات، تحققت إنجازات هنا وانجازات هناك استردت مصر مكانتها في كثير من مواضع قوتها في وسط منطقة تذخر بالبراكين السياسية والزلازل الأمنية ولأن للسياسة دهاليزها، نعم تغير كثير من كثير، واستقرت إرادة الدولة المصرية في كثير من الملفات الداخلية والخارجية وقطعت فيها شوطًا كبيرًا وتبقى ملفات هامة تحتاج إلى إعادة نظر "بالكلية"


ولنعود التاريخ غير "البعيد" ونرى ما فعله آباؤنا وأجدادنا الفلاحون حيث تعاظمت حركة الفلاحين في الفترة من عام 1948 حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952، وتجسدت في معارك الفلاحين ضد الظلم والسخرة في "بهوت وكفور نجم وساحل سليم وميت فضالة والسرو ودراوه والبدارى ودارين وأبو الغيط وسراندو وكمشيش ودكرنس وعزبة مرشاق وأشمون الرمان ومنشأة عبد الرحمن " والعشرات من قرى مصر شمالًا وجنوبًا.

واستشهد في هذه المعارك والانتفاضات الكثيرون من القيادات المناضلة من أجل حق الفلاح في الحياة، سواء من الإجراء ومعدومي وفقراء الفلاحين أو من أبنائهم المثقفين، أمثال الشهداء، عناني عواد وغازي أحمد والمحامي عبد الحميد الخطيب.

ثم كانت ثورة يوليو فكانت تجسيد أمين لطموحات وآمال حركة الوطنية المصرية وبالذات في قانون الإصلاح الزراعى والذي نحتفل في ذكراه في التاسع من سبتمبر من كل عام بإعتباره عيد الفلاح المصرى ولا يمكن أن يختلف كل من عاش في مصر قبل 23 يوليو 1952 مهمومًا بأوضاعها وعاملًا أو آملًا من أجل تغييرها على حجم ما أحدثه الإصلاح الزراعي من تغييرات كبيرة للتربة وللفلاح، من خلال:
* إعادة تركيب هيكل الملكية الزراعية.
* نمو الحركة التعاونية الزراعية وتعميق دورها في خدمة الزراعة والفلاحين.
* إقامة توازن نسبي بين الملاك والمستأجرين للأراضي الزراعية.

ومنذ منتصف السبعينات وبعد سياسة الانفتاح الاقتصادى والارتداد على منجزات ثورة يوليو قامت سياسات التكيف الهيكلي في المجال الزراعي، على عدة محاور أساسية:
1. تفكيك المؤسسات الفلاحية والزراعية (وهذا ما حدث للحركة التعاونية الزراعية).
2. إتباع سياسة ما يسمى "التصدير من أجل الاستيراد" (كزراعة الفراولة لاستيراد القمح).
3. رفع يد الدولة عن العملية الزراعية على كافة محاورها (الائتمانية والإنتاجية والتسويقية).
4. إطلاق العنان لقوى السوق بالنسبة لحيازة الأرض (مما كان وراء صدور قانون العلاقة بين المالك والمستأجر).

وكان من الطبيعي أن يترتب على هذه السياسات:
- تقلص المساحات المنزرعة بالمحاصيل الغذائية أو اللازمة للصناعة الوطنية (القطن على رأسها).
- ازدياد معاناة وهموم الفلاحين من السوق السوداء وحاشيات الاحتكار.
- تدهور الناتج الزراعي والاعتماد على الاستيراد من الخارج.

وأدت تلك السياسات إلى مشهد الفقر والجهل الذي عاد ليتصدر الصورة، ليعيش الفلاحون تحت سياط الديون والحاجة.

ويتطلع فلاحي مصر الآن بشغف ورجاء أن يأتي 23 يوليو 2019 ليكون عام الفلاح المصري وأقترح من هنا أن يتم البدء فعليًا في اتخاذ إجراءات تنفيذية لتحقيق ذلك ومنها:

1- أن يكون "المسئول" عن ملف الزراعة واحد منهم عاش معاناتهم ويعلم كيف "يخدمهم"
2- تفعيل منهج الزراعة التعاقدية.
3- تفعيل نظم التسويق التعاوني.
4- اقرار وتفعيل قانون التكافل الزراعي.
5- سرعة تشكيل كيانات المزارعين ودعم إنشاء وتشكيل «روابط المنتجين» سواء روابط "منطقة" أو روابط "محصول" هي من تتولي أمر المنظومة كاملة.
6- توفير الفرص التسويقية، وفتح الأسواق وتطويرها.
7- تفعيل دور وأداء مراكز الأبحاث وإدارات الخدمات الزراعية.
8- توفير المعلومات الزراعية العلمية التطبيقية الواقعية.
9- دعم الفلاح بأفكار جديدة ومحاصيل جديدة وأصناف جديدة.
10- حماية الفلاح من تجار الجشع ومفتين الجهل ومن المناخ المتقلب الحاد العنيد.
11- ابتكار آلات زراعية جديدة توفر عليه الجهد وتكاليف العمالة.
12- تطوير طريقة الري والتسميد والرش وبتكاليف منخفضة.

وفي أقل من عام واحد على هذه الإصلاحات سيتحقق التالي "وبالحد الأدنى" :

- تعديل في ميزان الأمن الغذائي المصري "المختل" جدا، فمصر تستورد أكثر من 35 مليون طن مواد غذائية وزراعية بقيم تتجاوز 13 مليار دولار سنويًا وبما يوازي 35 مليار متر مكعب مياه "افتراضية".

- زيادة العملة الصعبة بمقدار 3 مليار دولار إضافية سنويًا بما يمثل أكثر من 50% من قيمة العملة الصعبة التي تذهب لاستيراد المواد الغذائية.

- مساهمة قطاع الزراعة في الدخل القومي بأكثر من 20% بدلا من 10% بالتالي يعطي فرصة لخفض مساهمات قطاع الخدمات والضرائب (الذي يزيد عن 70%) من الدخل القومي ويسبب نسبة تضخم عالية ترهق حالة الاقتصاد المصري.
- استيعاب أكثر من مليون فرصة عمل "ثابتة" ومثلها موسمية.
- يرفع من دخل المزارع بمقدار أكثر من 100% بالتالي يرفع عبء "بعض" الدعم الموجهة للمزارعين.
- تحسين في مستوى معيشة قطاع كبير من السكان (ساكنى المناطق الريفية) بما يخفض من الالتزامات المطلوبة من الدولة تجاه هذه المناطق وساكنيها.

الخطط موجودة...
والكوادر جاهزة...
ولتكن "الإرادة" الآن موجهة لهذا الملف واعتباره من الملفات ذات الأولوية.
Advertisements
الجريدة الرسمية