رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ظلال المفاتيح.. فلسفة حفاظ الذاكرة الفلسطينية على هوية الوجود


من يكتب سير المنسيين؟ هل تحتاج الملاحم والقصص العظيمة لأبطال طيلة الوقت لسردها وتمثيل دور بطولتها؟.. ربما لا، كل منا بطل على شاكلته الخاصة، كل منا يملك الحكاية وظل مفتاحها، خاصة إن كان شعب يملك ما لا يملكه آخر من "ظلال المفاتيح".


في رواية "ظلال المفاتيح" للكاتب الفلسطيني إبراهيم نصر الله، والتي طرحها مؤخرًا ضمن ثلاثية الأجراس، والتي ضمت ثلاث روايات ضمن سلسلته الأكبر "الملهاة الفلسطينية"، وهم: "ظلال المفاتيح، دبابة تحت شجرة عيد الميلاد، سيرة عين".

ويقال في تعريف الرواية: "رواية عابرة لأزمنة كثيرة وتحولات كبرى شهدتها فلسطين، وعاشتها شخصيات هذا العمل، في امتدادات الحدود القصوى لفكرة الوجود، والشتات، والتّماهي مع وطن سُلب بالقوة.. وهي كذلك عن المسافة بين إنسانية صاحب الحقّ وغطرسة سالب هذا الحق، الذي يتجسّد هنا من خلال مواجهة استثنائية بين امرأة فلسطينية وضابط صهيوني.. تثبت هذه الرواية القصيرة، نسبيًا، أن الملاحم لا تحتاج، دائما، صفحاتٍ كثيرة لتستحق اسمها، ففي «ظلال المفاتيح» تنبثق ملحمة أخرى، قوية، مؤثرة، وعاصفة لفرط قوة الصراع الذي عاشته فلسطين، ولم تزل تعيشه في مواجهة مُحتليها".

تبدأ الرواية مع الصبي المرتعد "ناحوم" المجند في جيش الاحتلال الإسرائيلي في زمان النكبة الفلسطينية، والذي تفرق عن كتيبته خلال مداهمة إحدى القرى الفلسطينية، ليلجئ للاختباء في إحدى البيوت الفلسطينية والتي لن يخطر في بال رجالها البحث عنه في بيوتهم.. فهل اخطأت مريم فيما فعلته مع ناحوم؟ هل كان لابد للرصاصة من اختراق جسده لفهم ما أرادت مريم قوله!

مريم صاحبة المنزل الذي اختبأ فيه ناحوم، ووجدته هناك صدفة، فما احتملت مع خوفه وصباه الا منحه الأمان، ووعده بتخبأته عن رجال قريتها واعادته لأمه، على ألا يفكر في إعادة الكرة والعودة للقرى الفلسطينية والاستكفاء بالبقاء إلى جوار والدته.

وعلى الرغم من وفاء مريم بوعدها، إلا أن يد ناحوم هي من ضغطت على زناد تفجير القرية نفسها التي وفرت له الأمان في يوم من الأيام، أراد مع تلك الضغطة أن يمحي ذاكرته من مريم التي أنقذته يومًا وغدر بها وبوطنها ودارها أيام أخرى، حتى محاها من الوجود.. إلا أن الرصاص ومحو الديار لا يمكن أن يطال الذاكرة، فرأس أهل القرية استطاع حفظ ذاكرة دروهم وممرات قريتها بكل تفاصيلها على مدار سنوات طويلة تلت النكبة، لم ينس أهل القرية بيوتهم، لتعاود مريم لرسم قريتها ومنازلها بالحجارة على الأرض المهجرة، فما أن تفتح عينك حتى تجد القرية نفسها منصوبة أمام عينك، كما لو أن شيئا لم يكن.

تقفز فصول الرواية في المسار الزمني بشكل سريع، لتتابع سير الرواية مسار حياة مريم وناحوم اللذين يمثلان ضفتي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل رمزي، لتنتهي بأنه لا نسيان ما دام مفاتيح الدور حول رقاب النساء الفلسطينيات، وما دامت الذاكرة حية فلا يمكن للرصاص قتل فكرة.
Advertisements
الجريدة الرسمية