رئيس التحرير
عصام كامل

9 أساطير عن اللبن.. حقيقة أم خيال؟


الحليب جزء أساسي من أي نظام غذائي صحي ومتوازن، إذ يمد أجسامنا بالعديد من العناصر الأساسية، إلا أن هناك العديد من الخرافات حول الحليب.

أولا: الحليب الذي نشتريه من المحال يختلف كل الاختلاف عن المنتج الطبيعي بسبب طريقة المعالجة الصناعية!

وقد ينظر البعض بنظرة شك إلى الحليب المبستر ويفضلون عليه الحليب الخام بعد الحصول عليه طازجًا من ضرع البقرة، لكن ينبغي على هؤلاء الأشخاص معرفة أن الحليب الخام يمكن أن يحتوي على جراثيم مسببة للأمراض.

أما الحليب الذي نشتريه من المحال فهو غالبًا ما يكون مُجَنَّسًا، أي معالجًا بطريقة تمنع تكون القشدة، قياسيًا أو مُبَسْتَرًا (نسبة إلى العالم الفرنسي لويس باستور)، وهذا يجعله صالحًا للاستخدام والخزن لوقت أطول، ووفقًا لمنتج الألبان كريستوف باومجارتنر، فإن معالجة الحليب صناعيًا يمكن أن تغيير ممن تركيبة الحليب قليلًا.

ثانيًا: الحليب مخصص للعجول، وليس للبشر، وبالتالي فإن شرب الحليب ليس بالتصرف الطبيعي!
الحقيقة: وفقًا لمنظمة سويس ميلك السويسرية فإن البشر هم الثدييات الوحيدة الذين تشرب الحليب من حيوانات أخرى، عن ذلك تقول خبيرة التغذية باربرا فالتر، من معهد أبحاث أجوسكوب: "تحول الإنسان إلى شارب للحليب خلال تدجينه الحيوانات قبل عدة آلاف من السنوات، لأنه في أوقات الجوع حاول كل شيء للحفاظ على نفسه على قيد الحياة، وفجأة كان هناك أفراد يمكنهم هضم الحليب بسهولة بفضل طفرة جينية، إذا كانت هذه الطفرة ضارة بالبشر، فكان سرعان ما سيُقضى عليه، لكن العكس هو ما حصل فقد انتشرت هذه الطفرة انتشار النار في الهشيم ووُرث إلى الأجيال اللاحقة".

ثالثًا: لا غنى عن الحليب في نظام غذائي صحي!
الحقيقة: في جميع أنحاء العالم هناك الكثير من الناس الذين لا يشربون حليب البقر، أغلبهم غير قادرين على هضمه، عن ذلك تقول خبيرة التغذية باربرا فالتر: "من خلال الاختيار الدقيق، يمكن سد احتياجات الجسم من الكالسيوم أيضًا عن طريق الأطعمة الأخرى، لكن الأمر أكثر صعوبة".

أما ريناتو بيشلر، رئيس اتحاد SwissVeg للتغذية النباتية فيناقض ذلك الرأي قائلًا: "لا يواجه أي مشكلة في الحصول من دون منتجات الحليب على تغذية صحية تحتوي على مقدار عالٍ من الكالسيوم، على سبيل المثال اعتمادًا على القرنبيط وأنواع كثيرة من الملفوف". وفقًا لمعهد أجروسكوب، ببساطة فإن الحليب ليس الغذاء الممتاز: إذ يمد الرضيع بكل ما يحتاج إليه، ولكن في وقت لاحق لا يمكنه إمداد أجسامنا بجميع احتياجاتنا من الغذاء. تعتمد تغذية الإنسان في الغالب على نظام غذائي مختلط.

رابعًا: إنتاج الحليب يضر بالبيئة كثيرًا، فالأبقار قاتلة للمناخ!
الحقيقة: تتسبب تربية الماشية في انبعاثات ضارة بالبيئة، وكلما زاد عدد الماشية، ارتفع معدل الانبعاثات، وفي دراسة واسعة النطاق صدرت عام 2019 طور باحثون من 16 دولة "نظامًا غذائيًا مستدامًا"، يأخذ في الاعتبار الحدود الطبيعية لكوكبنا الأزرق إضافة إلى الجوانب الصحية للإنسان، وأوصت باستهلاك ما لا يزيد عن 250 غرامًا كحد أقصى من الحليب أو منتجات الألبان يوميًا (كمية الطاقة: 150 سعرة حرارية). ويعد الحليب ومنتجات الألبان على قائمة الكثير من أنظمة التغذية.

ومن المهم أيضًا النظر بعناية إلى الآثار البيئية في المنتجات النباتية. يتأثر التوازن البيئي لمختلف الأطعمة بعوامل عديدة، لذا فإنتاج الحليب لا يتعلق فقط بالحيوان، ولكن أيضًا بطرق النقل وطريقة التربية والتغذية.

خامسًا: تعاني الأبقار من الانفصال المبكر لعجولها الصغيرة!
الحقيقة: يُخصب جزء كبير من أبقار الحليب السويسرية صناعيًا بانتظام. لا تعطي الحليب إلا البقرة التي تلد عجلًا. لكن من الحقيقي أيضًا أن أغلب العجول تُفصل عن أمهاتها بعد أيام أو حتى ساعات قليلة. ومؤخرًا شاع أسلوب بين مزارعي الماشية يركز على استحصال الحليب عبر ما يُسمى بـ "تربية العجل بمساعدة الأم"، حيث يمكث العجل الصغير مع والدته لعدة أشهر. وتشير النتائج الأولية إلى أن مثل هذا الحليب يمكن أن يلبي احتياجات الجسم بشكل أفضل.

أما في ألمانيا فيُرمز إلى الحليب المُباع في المتاجر والذي يُنتج خلال حضانة البقرة لصغيرها بعلامة تدل على ذلك.

سادسًا: غالبًا ما تكون أبقار الألبان مريضة وتحتاج باستمرار إلى تغذية محتوىة على المضادات الحيوية!
الحقيقة: التهاب الضرع هو أحد الأمراض الأكثر شيوعًا في أبقار الأبقار وغالبًا ما يحتاج إلى علاج بالمضادات الحيوية. عندما تدخل المضادات الحيوية الحليب، فجيب ألا يُقدم للبيع. في سويسرا على سبيل المثال، تصل كمية هذا الحليب إلى ما يزيد قليلًا عن 1 بالمائة من الحليب المنتج هناك كل عام.

وقد تزداد المشكلة تعقيدًا عندما تصل بقايا المضادات الحيوية إلى الطبيعة، مثلًا عند سكب الحليب الملوث أو استخدامه لتخصيب الحقول. وفقًا للمكتب الاتحادي للأغذية والبيطرة، هناك جهود حثيثة للحد من استهلاك المضادات الحيوية في الزراعة والمنتجات الحيوانية.

سابعًا: الحليب النباتي أكثر قيمة غذائية من حليب البقر!
الحقيقة: بين الفينة والأخرى تخرج علينا شركات تصنيع الأغذية بأنواعٍ جديدة من الحليب، فهناك حليب الصويا وآخر من الشوفان أو الجوز وثالث من الرز، بل وحتى باتوا ينتجون الحليب من الترمس والبازلاء. ويزداد بيع أنواع الحليب النباتية هذه في ألمانيا من يوم إلى آخر. وبحسب موقع "شتاتيستا" للإحصائيات فقد وصلت قيمة مبيعاتها في ألمانيا خلال 12 شهرًا حتى نهاية أغسطس/ آب 2018 إلى 1.1 مليار يورو

المهم هنا أن تتعلق القيمة الغذائية للحليب بمقدار البروتين الذي يحتويه. وأثبتت التجارب أن كل أنواع الحليب النباتي الأخرى لا تستطيع المقاومة أمام الحليب البقري باستثناء حليب الصويا الذي يحتوي على نحو ثلاثة غرامات من البروتين في كل مائة ميللتر. أما حليب الترمس فتحتوي الكمية ذاتها على غرامين فقط، بينما يحتوي حليب الجوز والشوفان على أقل من غرام واحد من البروتين.

ثامنًا: الحليب النباتي خطر على الأشخاص الذين يعانون من الحساسية!
الحقيقة: لا يحتوي حليب الأرز على أي بروتين تقريبًا، فمائة ميللتر منه لا تحتوي سوى على 0.1 بالمائة من البروتين، وبالتالي فإنه يخلو تقريبًا من مسببات الحساسية.

على العكس من ذلك يمكن أن يكون حليب البقوليات كالصويا والترمس خطيرًا بالنسبة لمرضى الحساسية من حبوب الطلع لأشجار البتولا والفول السوداني. أما حليب اللوز فخطر أيضًا على الأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل المكسرات.

تاسعًا: الحليب النباتي أكثر صحية من مثيله الحيواني!
الحقيقة: في عام 2018 أجرت مؤسسة اختبار السلع الألمانية فارينتيست فحوصات على 15 نوعًا من حليب الصويا وكانت تحتوي على كميات مشابهة تقريبًا من البروتين لتلك الموجودة في الحليب الحيواني كامل الدسم، كما كانت تحتوي على قدرٍ أكبر من أحماض أوميغا-3 الدهنية، بيد أنها كانت خالية تقريبًا من الكالسيوم. وتضطر بعض الشركات المصنعة للحليب النباتي إلى إضافة هذا المعدن الثمين إلى الحليب المصنع.

لكن على جانب آخر فإن الدراسات توصلت إلى أن البروتين في الحليب النباتي يطيل حياة خلايا أجسامنا وبالتالي حياتنا. وأمام اختلاف نقاط قوة كل حليب فإنه من الصعب إطلاق حكم واحد على الأفضل منهما، فالأمر يختلف من شخص إلى آخر.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية