رئيس التحرير
عصام كامل

الفائز بلقب «زبون القرن» من مقهى إمبابة: «قعدة القهاوي تنقذ البيوت المصرية من الخراب»


مساء الجمعة الماضي، كان محمد إبراهيم ابن حي إمبابة وتحديدا شارع المطار، يجلس في موقعه المخصص في مقهى إسماعيل الذي يعود تأسيسه لأكثر من 50 عاما، ولقدمه في المكان وبقائه الطويل به، همّ بنفسه للدخول إلى "ناصبة الشاي" في نهاية المقهى لطلب كوب مياه، فإذا بأحد الشباب العاملين يخبره عزم إدارة المقهى منحه لقب "زبون القرن" كونه أول زبون يستقر مقامه في المقهى من 16 عاما منذ تسلم الملاك الحاليون مهام الإدارة، "قالوا لي هيكون معك الريموت وتتحكم في التليفزيون والقنوات وتأخذ شيشة فضية لها قيمة وتاريخ بالمكان".



يد تحمل الريموت كنترول الخاص بالمقهى والأخرى الشيشة الفضية، ومجموعة من الأفراد يلتفون حول محمد والعاملين بالمقهى، وفي أقل من دقيقة التقطت لهم صورة تذكارية للحظة حصول محمد على لقب زبون القرن، وانتشرت الصورة على صفحات التواصل الاجتماعي، انتشار النار في الهشيم: "لقيت فجأة كله بيتكلم عني إني أول مصري يحصل على لقب في المقهى اللي بيقعد عليه، الموضوع كله كان على سبيل الدعابة والهزار، ولحظة وعدت، هو قالي إنت أقدم زبون هنا وجينا استلمنا القهوة وكنت موجود عليها وده حدث لازم نكرمك عليه".

كانت الهدية بجانب لقب زبون القرن، هي حصوله على الريموت كنترول الخاص بالتلفاز الكبير المثبت في منتصف المقهى، إلا أنه طلب إلى جانب ذلك الحصول على الشيشة الخاصة أو ما تسمى بـ"شيشة الناس ال vip، غير أن إدارة المقهى رفضت طلبه واقتصر الأمر على التقاط الصورة بها:  "سلموني ريموت بين سبورت يكون معايا وأنا اللي أحدد المباريات اللي هيتم مشاهدتها في الدوري الإنجليزي والإسباني والإيطالي، وأنا المسئول الرئيسي عن قنوات البين سبورت، كونه أهم ريموت في المقهى، وأنا اللي أختار الدوري اللي عايزه وصوت المعلقين اللي عايزهم كمان".

ينهي محمد إبراهيم عمله في مكتب المقاولات الذي يمتلكه، في نحو الثامنة مساء، يترجل ناحية مقهى إسماعيل، وجهته التي لا تتغير، يتخذ كرسيه المفضل: "الناس كلها في القهوة هنا عارفاني وأنا عارفها وعارف عائلاتها، مفيش حد هنا مبتعاملش معاه".

ما إن تطأ قدماه أرضية المقهى يسارع أحد الشباب العاملين حاملا كوب الشاي بالنعناع: "هما عرفوا طلبي أول ما أدخل بيجيبوه"،

ما بين مشاهدة المباريات واللعب ومداعبة مشجعي الفريق الذي خسر في مباراة اليوم، تنقضي الساعات بمحمد وهو جالس في الركن ذاته: "ممكن أفضل قاعد لحد الساعة 1 أو 2 صباحا، وفي رمضان بكون هناك بعد الإفطار وقبل السحور نتحرك على بيوتنا".


لم تكن المقهى بالنسبة لمحمد وأصدقائه من الزبائن القدامى وممن تخطت أعمارهم حاجز الخمسة وأربعين عاما، مجرد مساحة صغيرة يتسامرون على مقاعدها أو يشاهدون بها مباريات الدوري الإنجليزي أو الألماني، لكنها عالمهم الموازي، حياة أخرى صنعها محمد سار على طريقه البقية: "قعدة القهوة بالنسبة للرجل المصري المنقذ من هموم الحياة ومشكلاتها، إحنا هنا بنسند بعض بنسمع لبعض، لو فيه مشكلة عند حد بنقعد في القهوة دي مجالس عرفية، ونحل المشكلة، وأي أزمة بكون طرف في حلها باعتباري أقدم حد فيهم وعارفهم كلهم".


لدى محمد فلسفة خاصة في بقائه بالمقهى مدة قد تزيد على الست ساعات يوميا، قد يتفق معه الكثير من الأزواج المصريين، الذين يعتبرون المقهى منفذا لهم للهروب من التواجد لساعات طويلة داخل المنزل، والاحتكاك المباشر مع الزوجة والذي يفضي عادة في نهاية الأمر إلى افتعال أزمة من قبل أحد الطرفين: "الست المصرية لو تعرف القهوة دي وفرت عليها مشكلات قد إيه مش هتخلينا نقوم منها علشان نروح، أنا بقعد على القهوة كتير بعد يوم كامل ضغط في الشغل علشان أتحاشى إن الضغط دا يؤثر على أسرتي وسلوكي معهم".
الجريدة الرسمية