رئيس التحرير
عصام كامل

أحد أبطال أكتوبر يروي حكاية الإثنين الأسود في تاريخ إسرائيل


والده الشاعر الكبير مرسي جميل عزيز شاعر الرومانسية الذي تغنى بقصائده عظماء المطربين في مصر والوطن العربي أنه اللواء مجدي مرسي أحد أبطال سلاح المدرعات البواسل في حرب أكتوبر، وكان في ذلك الوقت برتبة نقيب قائد السرية الثانية دبابات "10 دبابات" من الكتيبة 244 اللواء 15 مدرع مستقل، لواء الطليعة الضارب.


يوم الإثنين الأسود
ويروى البطل اللواء مجدي عن يوم 8 أكتوبر أو الإثنين الأسود الذي أطلقه الإسرائيليون على ذلك اليوم وقال: "صباح هذا اليوم قامت إسرائيل بهجوم مضاد بقواتها المدرعة على طول الجبهة، بهدف القضاء على قوات العبور وإزاحتهم إلى مياه القناة بعد التقدم الكبير منذ يوم العبور بواسطة 3 مجموعات عمليات، ومجموعة العمليات مكونة من 3 لواء مدرع، ولواء مشاة ميكانيكى، بزيادة لواء مدرع عن الفرقة المدرعة المصرية".

الأولى: مجموعة عمليات 162 بقيادة " جنرال أدان "، هاجمت الجيش الثانى الميدانى.

والثانية: مجموعة عمليات 252 بقيادة " جنرال مندلر "، هاجمت الجيش الثالث الميدانى.

والثالثة: مجموعة عمليات 143 بقيادة " جنرال شارون " احتياطي عمليات وقد تكبدت إسرائيل في هذا اليوم خسائر فادحة في دباباتها ومدرعاتها.

وهي عبارة الدبابات M - 60 أحدث الدبابات الأمريكية، والدبابات "سنتوريان" الإنجليزية المتقدمة جدا في هذا الوقت وبها إمكانيات تكنولوجية تفوق الدبابات المصرية ولكن الحرب للأقوى بالنسبة للإرادة والصمود وليس بحداثة أو قوة السلاح.

وأضاف البطل مجدي أن الموقف صباح 8 أكتوبر هو قيام الفرقة 18 مشاه باحتلال رأس شاطئ بمواجهة 12 كيلو، يمينها وجنوبها - الفرقة الثانية مشاة بفاصل -هام للمتابعة بـ 8 كيلو لم تعبر به قوات، مواجه جزيرة البلاح الطولية في القناة اللواء 15 مدرع يتمركز داخل قطاع الفرقة 18 بمهمة أساسية تطوير الهجوم شرقا الكتيبة 244 دبابات من اللواء تتمركز في المقدمة وسط قطاع الفرقة،(السرية الثانية) دبابات، قيادة نقيب مجدى مرسي، "يمين"، و(السرية الأولى) قيادة نقيب نور درويش، "يسار".

وأشار إلى أن: "السرية الثالثة قيادة نقيب أحمد شوقى، خلفهما نسق ثانى الكتيبة بداية هجوم مضاد إسرائيلى بكتيبة دبابات على منتصف قطاع الفرقة قائد اللواء عقيد أحمد تحسين شنن، وقرر دعم الفرقة، بواسطة سريتى، وسرية نور درويش".

وأضاف: "تقدمنا وواجهنا 2 سرية دبابات إسرائيلية في معركة ناجحة ودمرت كل سرية 4 دبابات منهم، وانسحبت باقى الدبابات مع باقى كتيبتهم شرقا، وتقدمنا وكسبنا أرض، واستقرت أوضاع وسط الفرقة، "اللواء 135 مشاة".

المعركة
وبدأت المدرعات الإسرائيلية بحجم كبير التقدم للقيام بهجوم رئيسى على الجانب الأيمن للفرقة " اللواء 134" مشاة مستغلة الفاصل بينها وبين الفرقة الثانية فقرر قائد اللواء 15 مدرع تكليف سريتى (السرية الثانية دبابات) الاندفاع بأقصى سرعة إلى الحد" الخط "الامامى للجانب الأيمن للغرفة " اللواء 134" مشاة، على مسافة 6 كيلو من مكانى، لمواجهة هجوم العدو، وأرسل ضابط من عمليات اللواء " رائد نبيل الرشيدى " - مجازفا - ليبلغنى بالمهمة لانشغال الشبكة اللاسلكية أثناء المعركة مهمة طارئة وعاجلة، وصعبة بلا أي تفاصيل عن قواتنا والعدو والأرض التي لم نستطلعها، ولكن ثقتي في الله سبحانه وتعالى ونصره لنا، وفى قدرات وكفاءة السرية وصلابة ابطالها والثقة المطلقة فيما بيننا، والاحترافية التي وصلنا إليها.

وقال: "بدون خطوات تقليدية، وبإشارة قصيرة منى، تحركت بأقصى سرعة والسرية خلفى، مع تشديد الرقابة في كل الاتجاهات، خاصة لليسار وللسماء لملاحظة طيران العدو.. تم تكليف سرية نور درويش من مكانها بتغطية وتأمين اندفاع سريتى بالنيران.. ابراج الدبابات في اتجاه اليسار ومدافعها جاهزة لإطلاق النيران المؤثرة من الحركة في لحظة.. مع التحرك شاهدت نتائج أعمال قتال الفرقة 18 وخسائر العدو الكبيرة.. وصلت منطقة واسعة ممتدة يكثر بها مدقات حجرية - طرق ضيقة عرض دبابة مشيدة من كتل الحجارة - عمودية على القناة، بينها أخرى عرضية تصل بينها شاهدت دبابتين T-54 استنتجت أنهما من كتيبة دبابات اللواء 135 مشاة غارزتين في الرمال رغم أن الرمال فاتحة اللون وليس مثل السبخات " غامقة نسبيا ".

وتابع :"أدركت خطورة الأرض، وقررت السير والسرية خلفى تماما على مدق عرضى موازى للقناة دعوت ألا تكون المنطقة ممتدة كثيرا، وإلا تعرضت لهجوم جوى، أو من نيران للدبابات من مرابض لها فوق تلال اليسار، أو صواريخ مضادة للدبابات، والسرية مقيدة الحركه فوق مدق يحيطه أرض رخوة.. مع زيادة السرعة خرجت من تلك المنطقة وانفتحت الأرض.. بعد دقائق حدث هجوم جوى على السرية مباشرة، وليس فقط غارة على المنطقة".

وقال: "مع زيادة السرعة السرية تتحرك في شكل زجزاج حرف (w) متكرر، مع عمل ستارة دخان بيضاء بجميع الدبابات تغطى السرية. ستارة الدخان لا تمنع الطائرات من الضرب التقريبى بالصواريخ أو إلقاء القنابل. مضادات الطيران المنخفض تنطلق في اتجاههم، عربات "الشيلكا" الحديثة تطلق نيران مواسيرها على الطائرات مع اقترابها، وصواريخ "ستريلا" المحمولة على الكتف تنطلق مع ابتعادها، وتشتمل النيران في مؤخرة طائرة تبتعد شرقا".

وأضاف: "حمدت الله على خروج الدبابات سالمة وعلى تأخر هذا الهجوم.. قائد اللواء مستمر في المتابعة والاطمئنان.. الموقف يظهر شيئا في شيء، مع الاقتراب من الخط الامامى لقوات الفرقة وفقا لتوقعى.. الأرض تتصاعد في الارتفاع مع التقدم.. ظهور هيئات أرضية - تلال وتباب - عرضية وانصاف دائرية متتالية متصاعدة.. كل منها تخفى ما بعدها.. مشاهد وشواهد صعبة.. مشهد أخير قبل انطلاقى خارج رأس شاطئ الفرقة، واستحوازى وسيطرتى على الموقف كاملا محاولة فاشلة منى وأنا فوق دبابتى متقدما للحصول من أحد على معلومات عن العدو المقترب، الذي لم أره حتى الآن مباشرة، ولكنى أشاهد تأثير اقترابه - تراجع قوات".

وتابع: "تقديرى للموقف حتى تلك اللحظة، إنى ما زلت أستطيع التقدم والسرية خلفى في "رتل" بأقصى سرعة للوصول لأنسب خط لفتح تشكيل السرية علية ومهاجمة العدو بدلا من الفتح المبكر تقدمت وتخطيت هيئة الحد الأمامى الذي كانت علية قواتنا إلى هيئة ثانية، ثم ثالثة، حتى وصلت إلى هيئة حاكمة أكثر ارتفاعا وعريضة جدا في شكل قوس متعرج، تشرف على الفرقة بالكامل من جنبها الأيمن.. أدركت أنها تمثل المصير.. إذا احتلها العدو أصبحت الفرقة تحت رحمته، وإذا احتلتها أنا أصبحت الفرقة في مأمن، وتصبح نقطة انطلاق لما بعدها".

نقطة تحول
وأكد أن المعركة كبيرة وبدأت تشتد حيث أصبح أمامى الآن مشهد مفتوح بانورامى مذهل للفاصل بين الفرقتين 18، والثانية مشاة كضابط مدرعات امامى كنز متاح من أحدث الدبابات الإسرائيلية الأمريكية M-60 لواء مدرع إسرائيلى متقدم للهجوم على الفرقة 18 مشاة.. يدفع إمامة وفى مواجهتى كتيبة دبابات كمقدمة اللواء معها سرية مشاة ميكانيكى، في تشكيل هجوم، يتقدمون في ثقة واطمئنان على مسافة أقل من 2 كيلو من سريتى في الخلف باقى كتائب اللواء على مسافة بعيدة 5 كيلو في عمق سيناء تنزل بإعداد ضخمة من فوق مجموعة تلال أكثر ارتفاعا، أميزها كنقط صغيرة غامقة متحركة لأسفل في اتجاهى.

ارتداد العدو
وقال: "قبل ارتدادهم دمرنا لهم 6 دبابات، و4 مدرعات ميزت منهم مركبة قيادة من كثرة الهوائيات فوقها. أكثر من ايريال أثناء الاشتباك أبلغت قائد اللواء بالموقف فقال: إنه يتابعنى على الشبكة، ويشاهدون من على بعد آثار النيران التي أطلقها، من مكانهم فوق تبة مركز قيادة اللواء، وكذا الفرقة، وأنه أرسل لى السرية الثالثة من كتيبتى لدعمى، ورغم انشغالى في الاشتباك، وفى موقف أعتز به وقدرة الجميع لى، نظرت للخلف من مكانى المرتفع، وجدت السرية الثالثة على وشك الدخول في منطقة السبخات والمدقات التي عبرتها سابقا بمجازفة كبيرة، ومع ظهور اللواء المدرع الإسرائيلى وتحركاته شعرت بالخطر من تحرك السرية بالجنب الآن، فقلت لقائد اللواء: أوقف السرية ستضرب من الجنب، فأوقفها وأعادها مكانها".

خساره العدو
وأضاف: "تمكنا من تدمير عشرة دبابات، و4 عربات مدرعة إسرائيلية، وأسر 4 دبابات باتون M-60 الحديثة الأمريكية، والاستيلاء على مجموعة وثائق وخرائط هامة من مركبة مركز قيادة إسرائيلى أصابوها، وذلك بعون الله سبحانه وتعالى الذي نصر جنده.. حاول العدو خلال يومى 9، و10 أكتوبر تكرار ما قام به أمام " السرية الثانية " يوم 8 أكتوبر، واقتحام الفرقة 18 مشاة، من جنبها الأيمن، فتكرر فشله وكبدته السرية خسائر أخرى، فاتحة في اتجاه الفرقة الثانية مشاة، وترتب على ذلك قيام السرية صباح 11 أكتوبر بالتدخل ضده، ومعها باقى سرايا الكتيبة 244 دبابات " الأولى والثالثة " بعد أن انضمت إلى مكانى، في معركة تصادمية كبيرة نموذجية في معارك الدبابات، في عمق سيناء مع مدرعات العدو تكبد فيها خسائر جسيمة".

يوم الانتصار
وتابع: "في 8 أكتوبر 1973 يوم انتصار عظيم للعسكرية المصريه، وسلاح المدرعات المصرى يوم الانتصار الثانى على إسرائيل، بعد انتصار يوم العبور العظيم 6 أكتوبر، بعد أن تحطم هجومهم المضاد بقواتهم المدرعة، وخسارة أعداد كبيرة من دباباتهم من مجموعتى عمليات " جنرال أدان "، و" جنرال مندلر "، ولم يتبق سوى مجموعة جنرال شارون".
الجريدة الرسمية