رئيس التحرير
عصام كامل

بعضًا من الاهتمام بالأميات في القرى المصرية


يقال إن المرأة هي العدو الأول والأكبر للمرأة، وهذا صحيح، فيما يخص تعليم الكبار منهن هناك عدو آخر يقوي هذا العدو النفسي بداخلها ويعد أكثر خطرًا، بيئة محيطة تحتوي على متنمرين لتعليمها في الكبر، وهناك رجل تزوجها أمية، ويأبى بعد الزواج أن تصبح دون ذلك، بجانب المسؤوليات والأبناء، "بعد ما شاب ودوه الكتاب".. بهذه الكلمات الشهيرة وغيرها تقع المرأة الكبيرة طالبة التعليم فريسة الفشل.


في زمن تخطت فيه التكنولوجيا جميع الحواجز أصبحنا والعالم نعيش في غرفة واحدة، ثم ترى النساء جميع النساء والفتيات لا تخلو منهن مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحن يشغلن في مصر جميع المناصب والأعمال وحتى الأشغال الشاقة، في حين أن هناك عالمًا موازيًا لذلك لا يراه الكثير؛ بل لا يراه إلا الباحثون والمهتمون برؤيته في قرى صعيد مصر وريفها، تجد عالمًا كبيرًا من النساء الأميات لم نسمع عنهن شيئا، وإذا سمعت للوهلة الأولى تتساءل ما فائدة أن يتعلم هؤلاء، وخاصةً إذا كن أنفسهن لا يردن التعلم؟!

النفع العام تكون بدايته من الإصلاح العام، حيث يمتد النفع ويبقى أثره حين تكون جميع الجوانب مكتملة، فإن كان هناك سيدة في الريف لم تتعلم وأخرى في الصعيد لم تتعلم.. هذه أم لأبناء، وهذه أيضًا أمٌ إذا تعلم لديها طفلٌ فالآخر لا يتعلم إذا خسرنا متعلمًا في الشمال ومتعلمًا في الجنوب، بل ويكون العدد أكثر من فرد.. إذا تعلموا يوفرون الكثير الكثير هناك وهناك، وإذا أُهمل تعليم الأم فهذا جيلًا جديدًا ينشأ جيلٌ آخر من الأمية.

سوف لا يعلو وطنُ لا يتعلم جزءٌ من أهله.. ما الوطن إلا عدة مجتمعات وثقافات، إذا اختل مجتمع منهم بالطبع تشتكي سائر الأعضاء، ويتأثر باقي أعضاء الجسد بشكل أو بآخر.

ليس كافيًا مد السيدات بالريف والصعيد بالمال عن طريق البرامج الحكومية.. لا تنكر أهميتها وعظمتها، ولكن التنمية لها جوانب عدة ومختلف أشكال غير الشكل المادي منها، كما أنه ليس كافيًا عمل هيئة تعليم الكبار، ولا المشروعات القومية والعالمية مثل مشروع قرية متعلمة، فبالرغم من نشاط هذا كله، إلا أن الأمية لا تزال مترسخة في نواحي قرى مصر، في الأغلب لما نقوم به من التوعية تحدث الناس في هذه الأماكن عن العلم والتعليم يحدثونك عن لقمة العيش والمال، لا أقلل من شأن ذلك، ولا أقلل من قدر المعاناة الاقتصادية التي يعانون منها، ولكن هؤلاء إذا تعلموا سيتوفر لهم من أنفسهم كثير من المساعدة على مواجهة صعوبة الحالة الاقتصادية.

لماذا لا يشترط في برنامج "تكافل وكرامة"، على سبيل المثال، أن تكون السيدة متعلمة أو يشترط عليها التقدم لتعليم الكبار بجانب التقدم للاستفادة من "تكافل وكرامة"، هذا بجانب أن هذه الفئة من النساء لم يعد يسلط عليها الإعلام والدراما الضوء، مثلما كان يحدث في جيل التسعينيات وقبله، لا أعرف هل يظنون أن الأمية في القرى المصرية قد انتهت، أم أن الموضوع لم يعد من وجهة نظرهم بتلك الأهمية ؟!

ويل لدولة تبحث عن النجاح ومواكبة العالم، وما زال هناك بداخلها من لا يعرف عن العالم سوى الطعام والشراب والزواج والإنجاب.. على الدراما المصرية والإعلام إعادة النظر في تسليط الضوء على هؤلاء فهم أسرع وأسهل من يدخلون بيوتهم.
Advertisements
الجريدة الرسمية