رئيس التحرير
عصام كامل

يوميات أول مسحراتية في الصعيد الجواني (فيديو وصور)


"ياخفي بالسر عنا.. نور على نور.. يا نبي الله يزيدك نور".. تلك الكلمات ترددها الحاجة زينب التي تقطن بمنطقة الشعراني في مركز قوص، جنوب محافظة قنا.


ترتدي تلك السيدة السبعينية، الكوفية والجلباب. تجلس أمام منزلها البسيط المكون من غرفة بها مطبخ وإلى جوارها ستارة خلفها الحمام، والمعروفة بين أبناء قوص جميعًا بأنها المسحراتية الأولى على مستوى الصعيد كله التي عملت مذ كانت طفلة عمرها لايتعدى الـــ 7 سنوات.

"فيتو "زارت الحاجة "زينب محمد محمود"، لتتعرف منها على أهم أسرار تلك المهنة والتي ما زالت حريصة على الاحتفاظ بها حتى اليوم.



50 سنة مسحراتية
سردت زينب، تفاصيل أول ليلة خرجت فيها مع والدها الذي كان يعمل بنفس المهنة، والتي لم تتقاضى أجرًا عليها طوال حياتها هي أو والدها، حيث إنها خرجت مع والدها وكان عمرها وقتها نحو 7 أعوام وبدأت تمسك بيدها المطرقة والطبلة التي تنقر بها لإيقاظ المواطنين للسحور، ووقتها كانت تجوب مع والدها بفانوس كيروسين فالشوارع لم تكن مثل اليوم مرصوفة.

وأكدت "زينب"، أنها كانت تتعلم ما يردده والدها بصعوبة في البداية إلا أن الأمر أصبح سهلًا وحفظته عن ظهر قلب، لافتة إلى أن الطبلة التي يطلق عليها "النقارة" ورثتها عن والدها منذ أكثر من 70 عاما.

وأشارت الحاجة زينب، أن الجميع هنا يعرف عنها أنها المسحراتية وكانت تجوب قرى ونجوع قوص بالكامل لسحور المواطنين ولم تطلب يوما قرشا من أحد وإنما تفعل ذلك لوجه الله تعالى، وقالت :"لكن هناك البعض الذي يحرص على تقديم الهدايا لي والنبي قبل الهدية".

وقالت الحاجة: إن الجميع هنا يحبها قائلة "بلدي حلوة قوي" ولم يرفض عملي أحد بل الكل كان يساعدني في عملي ويقف إلى جواري، ورغم العادات والتقاليد، إلا أنهم كانوا سعداء بي.

وأشارت إلى أن عملها كان يبدأ بعد منتصف الليل، وقالت :"أعود إلى منزلي لأعدّ وجبة السحور لعائلتي وأتناول معهم السحور".

زفة الأطفال
وأضافت الحاجة زينب، أن أسعد شيء بالنسبة لها كان عندما تخرج في وسط الأطفال الصغار حاملين المشاعل والفوانيس ويجوبون البلد مرددين أغاني رمضان "رمضان جانا.. إصحى يا نايم وحد الدايم.. رمضان كريم" "أهو جِه يا ولاد.. رمضان كريم"، وقالت: "تلك الأغاني التراثية تربينا عليه، وقديما كانوا يخرجون أول يوم في رمضان وبيدهم جريد النخيل، كيوم هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم للمدينة".

وأكدت زينب، أنها لاتزال تحتفظ بمطرقتها وطبلتها وتخرج كلما كانت صحتها تساعدها على ذلك ولكن في بعض الأوقات بسبب المرض تجلس أمام منزلها وتوقظ محبيها من الجيران.
الجريدة الرسمية