رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

"الدستورية" تؤيد حقوق العمال في مقاضاة أصحاب العمل بعد الفصل التعسفى


قضت المحكمة الدستورية العليا اليوم السبت، برئاسة المستشار الدكتور حنفي على جبالي، برفض الدعوى رقم 5 لسنة 37 قضائية "دستورية" والتي أقيمت طعنًا على نص المادة (122) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008، والتي تنص على أنه: "إذا أنهى أحد الطرفين العقد دون مبرر مشروع وكافٍ، التزم بأن يعوض الطرف الآخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الإنهاء. فإذا كان الإنهاء بدون مبرر صادرًا من جانب صاحب العمل، للعامل أن يلجأ إلى المحكمة العمالية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون بطلب التعويض، ولا يجوز أن يقل التعويض الذي تقرره المحكمة العمالية عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة. ولا يخل ذلك بحق العامل في باقى استحقاقاته المقررة قانونًا".


وأقامت المحكمة حكمها على سند من أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لكل حق أوضاعًا يقتضيها، وآثارًا يرتبها، من بينها – في مجال حق العمل – ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقها منصفًا وإنسانيًّا ومواتيًا، فلا تنتزع هذه الشروط قسرًا من محيطها، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها؛ أو تناقض بأثرها ما ينبغى أن يرتبط حقًّا وعقلًا بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها. ومن ثم لا يجوز أن تنفصل الشروط التي يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها، عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها انحرافًا بها عن غايتها يستوى في ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية.

وتابعت: إن النص المطعون فيه – وعلى نحو ما ورد بالمذكرة الإيضاحية – قرر حكمًا مستحدثًا، لمن يخضعون لأحكام قانون العمل، حدد فيه الحد الأدنى للتعويض الذي يستحقه العامل حال إنهاء عقد العمل إنهاءً تعسفيًّا، دون أن يخل ذلك بسلطة القاضى في الحكم بالتعويض المستحق بما يزيد عن ذلك في ضوء تقدير المحكمة لجسامة الضرر الذي يصيب العامل جراء إنهاء العقد دون مبرر قبل انتهاء مدته.

وجاء هذا النص متضمنًا قاعدة عامة مجردة تنطبق على كافة العاملين الخاضعين لأحكامه، دون تمييز بينهم، ولا تسرى على غيرهم ممن يخضعون لأحكام قوانين التوظف الأخرى، وبالتالى تأتى مراكزهم القانونية مغايرة لمن يخضعون لأحكام قانون العمل المشار إليه، وأكدت المذكرة الإيضاحية لقانون العمل أن التعويض الذي يلتزم صاحب العمل به في هذه الحالة إنما يكون عن المدة التي قضاها العامل في خدمة رب العمل، الذي أنهى عقد العمل معه، دون أرباب الأعمال الآخرين ممن عمل لديهم العامل المتضرر. وقد جاء هذا النص مستهدفًا حماية العامل من تعسف رب العمل حال إنهاء عقد العمل قبل انتهاء مدته، بمنحه تعويضًا مناسبًا يحقق له حياة كريمة خلال فترة تعطله عن العمل ولحين حصوله على عمل آخر، ودون إجحاف بحقوق رب العمل أو سلطته في تنظيم منشأته، ومن ثم فإن هذا النص لا يخالف مبدأ المساواة.

وأشارت المحكمة إلى أنه ولئن كان الدستور قد كفل حق الملكية الخاصة، وأحاطه بسياج من الضمانات التي تصون هذه الملكية، وتدرأ كل عدوان عليها، إلا أنه في ذلك كله لم يخرج عن تأكيده على الدور الاجتماعى لحق الملكية، حيث يجوز تحميلها ببعض القيود التي تقتضيها أو تفرضها ضرورة اجتماعية، طالما لم تبلغ هذه القيود مبلغًا يصيب حق الملكية في جوهره أو يعدم جل خصائصه.

متى كان ذلك، وكان المشرع في إطار الوفاء بالتزامه الدستورى المقرر بنص المادة (27) من الدستور، بتحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة في علاقة العمل، بما يحفظ حقوق العاملين، ضمَّن النص المطعون فيه تحديدًا قانونيًّا للحد الأدنى للتعويض الذي يلتزم به رب العمل تجاه العامل الذي أنهى خدمته دون مبرر، مقدرًا هذا التعويض بأجر شهرين عن كل سنة من سنوات خدمة العامل لدى رب العمل، فإذا لم يزد التعويض العادل المقابل للأضرار التي أصابت العامل عن ذلك، اكتفى بهذا الحد الأدنى، أما إذا فاق التعويض العادل عن هذه الأضرار قيمة هذا الحد الأدنى، استحق العامل التعويض العادل لما لحقه من أضرار جراء الإنهاء التعسفى لعقد العمــــــــــــل الخاص به، ولا يعد ذلك مساسًا بملكية رب العمل أو انتقاصًا منها، ومن ثم فإن النص الطعين لا يخالف نصوص المواد (27، 33، 35) من الدستور.
Advertisements
الجريدة الرسمية