رئيس التحرير
عصام كامل

"الدستورية" ترفض الطعن على قانون نظام العاملين بالدولة


قضت المحكمة الدستورية العليا، اليوم السبت، برئاسة المستشار الدكتور حنفي على جبالي، برفض الدعوى رقم 105 لسنة 35 قضائية "دستورية" المحالة من محكمة القضاء الإداري بالمنوفية بحكمها الصادر بجلسة 24/ 2/ 2013، والتي أقيمت طعنًا على نص المـــــادة (69) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما أغفله من تنظيم الحــــق في الاحتفــــاظ بترتيب الأقدمية والحــــق في الترقية بالأقدمية المطلقة أو بالرسوب الوظيفى للعامل الذي يشغل وظيفة تكرارية، ومُرخص له بإجازة بدون مرتب زادت على أربع سنوات، ومُصرح له بالعمل - خلال إجازته - في أعمال من ذات طبيعة أعمال وظيفته".


وأقامت المحكمة حكمها على سند من أن الأصل أن يكون لكل وظيفة حقوقها وواجباتها، فلا تقابل مزاياها بغير مسئولياتها، ولا يكون وصفها وترتيبها منفصلًا عن متطلباتها التي تكفل للمرافق التي يديرها موظفوها حيويتها واطراد تقدمها، وقابلية تنظيماتها للتعديل وفق أسس علمية قوامها التخطيط المرن وحرية التقدير، فلا تتعثر أعمالها أو تفقد اتصالها ببعض أو تدرجها فيما بينها، وشرط ذلك إعداد موظفيها علميًّا وفنيًّا، فلا يلى شئونها غير القادرين حقًّا على تصريفهــــا، سواء أكـــــــان عملهم ذهنيًّا أم مهنيًّا أم يدويًّا.

وتابعت المحكمة: إن ما تقدم مؤداه، أن لكل وظيفة تبعاتها، فلا يشغلها إلا من يستحقها على ضوء طبيعة الأعمال التي تدخل فيها، وغاياتها، والمهارة المطلوبة فيها، والخبرة اللازمة لها، ولا يجوز بالتالى أن يكون التعيين في وظيفة بذاتها أو الترقية منها إلى ما يعلوها، عملًا آليًّا يفتقر إلى الأسس الموضوعية، أو منفصلًا عن عوامل الخبرة والجدارة التي يتم على ضوئها اختيار من يتولاها، ولا مجرد تطبيق جامد لمقاييس صماء لا تأخذ في اعتبارها خصائص كل وظيفة ومكانتها، والحد الأدنى للتأهيل لها والتدريب على أداء واجباتها ومسئولياتها، وغير ذلك من مقوماتها الموضوعية المحددة تحديدًا دقيقًا، وعلى تقدير أن تقييم شاغل الوظيفة إنما يرتبط بأهميتها الحقيقية.

وأوضحت أن الأصل في الأقدمية الوظيفية أن تكـــــــون معبرة عن مدة خدمة فعلية قضاها الموظف قائمًا بأعباء وظيفته، وهى بذلك لا تُفترض، ولا يجوز حسابها على غير حقيقتها سواء بزيادتها أو إنقاصها، كما أن شروط الترقية إلى الوظائف، وبخاصة الوظائف الإشرافية أو القيادية يجب أن تعبر عن الانحياز إلى الأصلح، والأكثر خبرة وعطاء، وهو ما يتطلب أن تكون المدة البينية أو الكلية اللازمة لشغل تلك الوظائف - بحسب الأصل - مدة فعلية وليست حكمية، حتى لا يُعهد بأعمال هذه الوظائف لغير من يؤدونها بحقها، فـــــلا يكونون عبئًا عليهـــــــــــا يُقيدها أو يُضعفها، بل يثرونها من خلال خبرة سابقة وجهد خلاق يتفاعل مع مسئولياتها.

ونوهت المحكمة أنه يتبين من الاطلاع على المذكرة الإيضاحية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أن أحكام هذا القانون تقوم على أسس موضوعية، وذلك عن طريق الاعتداد أولًا "بالوظيفة"، باعتبارها مجموعة من الواجبات والمسئوليات، يلزم للقيام بها توافر اشتراطات معينة في شاغلها، تتفق مع نوعها وأهميتها، وتسمح بتحقيق الهدف من إيجادها، وأن هذا الاعتداد الموضوعى لا يتعارض مع الجانب الآخر للوظيفة، المتمثل في "الموظف" الـــــــــذى يقــــــــــوم بأعبائها وما يتطلبه هــــــــذا الجانب "البشــــــــرى" لا الشخصى من الاعتداد بالخبرة النظرية أو المكتسبة اللازمة للقيام بأعباء الوظيفة، ومراعاة ذلك في الأجـــــــــر الذي يحصـــــــــل عليه بوصفـــــه مقابلًا موضوعيًّا لا شخصيًّا، لما يناط به من مسئوليات.

وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان المشرع بإقراره النص المحال قد انحاز إلى إعمال الأسس الموضوعية للوظيفة وذلك بالاعتداد بالوظيفة ومراعاة واجباتها ومسئولياتها، والتي يلزم للقيام بها توافر الاشتراطات اللازمة لشغلها ومن بينها مدة الخبـــــــرة الفعلية التي قضاهـــــــا الموظف في وظيفتـــــــه السابقـــــــة قائمًا بأعبائهـــــــا، وذلك ضمانًا لجدارته وكفاءته بتوليها، فينهض بها من خلال خبرته السابقة وجهده الخـــــلاق الذي دأب عليه خـــــلال الفترات المنقضية، وهو ما يتفق مع الأهـــــداف التي رنا المشرع إلى تحقيقها بالنص المحال، الذي ترتكن أحكامه إلى أسس موضوعية تبررها، دون مصادمة في ذلك لمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص التي حرص الدستور على كفالتهما في المواد (4، 9، 53) منه.
Advertisements
الجريدة الرسمية