رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مفتى الجمهورية: شعار "الإسلام هو الحل" من أسباب انتشار الإلحاد بين الشباب

فيتو

  • - يجب عدم حذف التراث بشكل كامل والأصح هو التنقيح
  • - نتلقى 4800 حالة طلاق سنويا
  • - نعمل على إعادة الخطاب الدينى إلى المؤسسات الدينية العريقة المعنية بصحيح الدين
  • - نحرص في دار الإفتاء على أن يجذب الخطاب الدينى أفكار الشباب والأطفال وجميع الفئات
  • - إصدار الفتوى بدار الإفتاء يتم وفق المنهج الأزهري القائم على مراعاة المآلات والأحوال
  • - أصدرنا 120 تقريرا للرد على ادعاءات جماعة الإخوان والجماعات المضللة
  • - نهدف من تواجدنا على منصات التواصل الاجتماعي إلى مواجهة المتطرفين والمتشددين
  • - الفتاوى الشاذة ساهمت في اضطراب العالم.. ونسعى لمواجهتها بكل الوسائل
  • - نحتاج للرجوع إلى سيرة النبي.. والبعض يتمسك بمظهر التدين ويترك الجوهر
  • - وسائل التواصل الاجتماعي أثرت على علاقاتنا الاجتماعية وتسللت إلى كل بيت
  • - القرآن والسنة هما المعتمد والأساس لكل مصادر التشريع الأخرى



بخطوات ثابتة ورؤية واضحة تسير دار الإفتاء في حركتها لتجديد الخطاب الديني، ومواجهة الأفكار التي تسعى الجماعات المتطرفة للترويج لها، بالإضافة إلى بيان الأحكام الشرعية للمواطنين، وفي سبيل ذلك وضعت الدار منذ تولى الدكتور شوقى علام منصة مفتى الجمهورية، عددا من الخطط والرؤى التي تمكنها من تحقيق ذلك، ونجحت بالفعل في احتلال الصدارة بين المؤسسات الدينية على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، إيمانًا منها بأهمية التواصل مع الجيل الجديد من الشباب، بالوسائل واللغة التي يجيدها ويحسن التعامل معها.
«فيتو» بدورها التقت الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، وفتحت معه العديد من الملفات في سياق الحوار التالى :

◄في البداية.. حدثنا عن كواليس الحرب التي خاضتها الدار مع جماعة الإخوان خلال الفترة الماضية؟
تصدت دار الإفتاء المصرية، لفكر جماعة الإخوان، بعد أن حملت ثوب الواعظين لتجييش الناس وتنفيذ مآرب سياسية، واستطاعت الدار من خلال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، تفنيد دعاوى الجماعة الإرهابية ودحضها بمنهج علمي، بغرض مواجهة فتاوى العنف وجماعات التكفير والتطرف، وخلص المرصد إلى نحو (120) تقريرًا ودراسة علمية تتناول الرد على ادعاءات المتطرفين وأسانيدهم الباطلة، وتوضيح كافة المسائل والقضايا التي وظفتها جماعة الإخوان للنيل من وحدة المسلمين وتماسكهم، حيث دأبت جماعة الإخوان على تجييش الشباب للدفع بهم نحو الهاوية من أجل هدف الجماعة الإرهابية في إبراز "المظلومية التاريخية"، وهو الشعار الذي راح ضحيته مئات من الشباب الذين خدعتهم الجماعة الإرهابية بشعاراتها وانطووا تحت فرمانات قياداتها، متوهمين أنهم جنود جيش الخلافة وحماة ثغور الإسلام، ولَم يعلموا أنهم وقود يُرمى بهم في لهيب المعارك لتظل الجماعة باقية.

◄ما الخطوات التي اتخذتها الدار على أرض الواقع في إطار تلك المواجهة؟
أعطت الدار أهمية كبيرة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات، لنشر خطاب وسطي، يكون قادرًا على مواجهة القدرات العالية للتنظيمات المتطرفة في هذا المجال، كذلك نظمت الدار عدة دورات لبرنامج "تفكيك الفكر المتطرف" بالتعاون مع عدد من سفارات الدول الأجنبية بمصر حضرها عدد من طلاب تلك الدول وحاضر في البرنامج عدد من علماء دار الإفتاء المصرية وأساتذة بالجامعات المصرية من تخصصات علمية مختلفة.

◄هل ما زالت فتاوى الطلاق تتصدر قائمة الفتاوى الواردة للدار؟
ظاهرة الطلاق تفشت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، ولاحظنا نسبا مرتفعة فيها، حيث يرد للدار فتاوى في هذا الشأن تتراوح بين 4000- 4800 حالة، بخلاف ما يسجل بدفاتر الطلاق، والنسبة تزيد في السنوات الخمس الأولى، وأمام دار الإفتاء تحدٍ كبير في مواجهة هذه الظاهرة، فلا بديل عن الكيان الشرعي للأسرة بالمنظور الشرعي، مع الأخذ في الاعتبار أن التزايد الملحوظ في ظاهرة الطلاق لا يتوقف على مصر، بل هي مشكلة موجودة في كل الدول، ودار الإفتاء في برامجها لتأهيل المقبلين على الزواج تهتم بنفسية المفتى، وكيفية التعامل مع المستفتى، وكذلك العناية الشديدة بمناهج وتأهيل واختبار المتعلمين عن بُعد في مؤسسة دار الإفتاء، وأهمية التأهيل الكامل، خصوصًا للمتصدرين المعتمدين للفتوى والدعوة والخطابة في المساجد التي تنتشر في القرى والنجوع والأحياء، خاصة أن الإنترنت كان مؤثرًا وفاعلًا بقوة في الخلافات الزوجية، بل هو أحد أهم أسباب وقوع الطلاق في عصرنا الحديث، وفي سبيل ذلك فقد أنشأنا وحدة الإرشاد الأسري لحماية الأسرة المصرية، والحفاظ على ترابطها إيمانا منا بأن قضية الطلاق لا تعد مشكلة اجتماعية وحسب بل هي بمثابة قضية أمن قومي؛ ذلك أن تفكك الأسر المصرية بالطلاق يعني ضخ المزيد من المدمنين والمتطرفين والمتحرشين والفاشلين دراسيا إلى جسد المجتمع لينخر فيه.

◄تتمتع دار الإفتاء بمكانة متميزة من المؤسسات الدينية على مواقع التواصل.. فما الهدف من ذلك؟
حركة تواجد دار الإفتاء المصرية عبر منصات "السوشيال ميديا" شهدت تطورا ملحوظا، نتيجة لعاملين مهمين الأول وهو أنها تحظى باهتمام وإشراف المركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية، والثانى نتيجة لتعاطى الجمهور مع مخرجات الدار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ودار الإفتاء تهدف من خلال تواجدها عبر منصات التواصل الاجتماعى إلى مواجهة المتطرفين والمتشددين من أعضاء التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش، التي تعمل بكثافة ولديها القدرة على اختراق مواقع السوشيال ميديا نظرًا لسرعتها في محاولات التجنيد والاستقطاب لعدد من الفئات العمرية التي تتواجد بكثرة عبر هذه الوسائل، ومن ثم كنا سباقين في اختراق منصات التواصل الاجتماعي، وتعد صفحة دار الإفتاء المصرية "العربية" على فيس بوك، هي النافذة الأكبر والأهم لدار الإفتاء المصرية، والتي أطلقت في عام 2010 حيث تحظى بمتابعة أكثر 7 ملايين متابع، وحاصلة على علامة التوثيق الزرقاء من فيس بوك، إلى جانب إطلاق الدار لحسابين آخرين بالإنجليزية والفرنسية، معنيين بنشر محتويات الدار باللغتين الإنجليزية والفرنسية، وذلك بهدف الوصول لكافة المسلمين الناطقين باللغات الأجنبية.

◄يكثر بين الحين والآخر الكلام عن تنقيح كتب التراث الإسلامى؟ كيف ترى ذلك؟
الارتكان إلى التراث سواء بحذفه تمامًا أو الاعتماد عليه كلية في حياتنا الحاضرة نظرة خاطئة، والنظرة السوية في التعامل مع التراث أن نتصل بهذا التراث اتصالا رشيدا عاقلا وهادئا، يأخذ بضوابط هذا التراث وقواعده وأصوله ومناهجه، ثم ينطلق من خلال ذلك ويعالج بعقل رشيد قضايا الحاضر، ولكن بواقع الحاضر وليس بنظرة الإنسان إلى الماضي، فالمناهج التي ننهلها من التراث تعطينا المكانة العلمية والإفتائية على وضع حلول كثيرة ومباشرة لقضايانا الحاصلة الحادثة الآن، ومطالبة البعض بحذف التراث الديني وعدم الارتكان عليه في الإفتاء على وجه العموم بمثابة تشويه لهذا التراث والمناهج، وبها نكون قد شوهنا الواقع في الوقت ذاته الذي نعيش فيه، والأصح هو التنقيح لا الحذف.

◄كيف ترى انتشار ظاهرة الإلحاد بين الشباب مؤخرًا؟
ظاهرة الإلحاد من الظواهر المعقدة التي تتداخل فيها العوامل الفكرية والنفسية والاجتماعية؛ وما حدث خلال السنوات الأخيرة من انفتاح وحريات غير منضبطة أتاح لأصحاب الأفكار الهدامة الجهر بمعتقدهم، ومن ثم وجد الملحدون الفرصة مواتية لنشر مذهبهم، وكان لتنامي دور التيارات الإسلامية وظهور الفتاوى المتشددة وفتاوى تكفير المعارض دور رئيسي في ازدياد أعداد الملحدين بعد ثورة 25 يناير، وهو ما أكده الكثير من علماء وأساتذة الأزهر الشريف، كما أكده العديد من المثقفين المصريين وبالفعل تم رصد زيادة في نسبة الإلحاد بمصر عقب العام الذي سيطرت فيه جماعة الإخوان على الحكم بالبلاد، نظرًا لاستخدامهم شعار "الإسلام هو الحل"، فبعدما اعترف الإخوان أنهم فشلوا في حكم البلاد ظن الشباب أن الإسلام هو الذي فشل وليس المجموعة التي حكمت وأدخلت الشباب في مرحلة تشويش فكرى تمكنا من علاج الكثير منه"، ودار الإفتاء تقف ضد الفتاوى التي يصدرها عناصر جماعة الإخوان المتواجدين في قطر وتركيا، وتوضيح صحيح الدين الإسلام الذي يدعو إلى البناء وليس الهدم والحفاظ على الروح الإنسانية وليس قتلها.

◄ما دور المؤسسات الدينية في مواجهة تلك الظاهرة.. وما هو السبيل الأمثل لتحصين الشباب من الوقوع في ذلك الخطر؟
إعادة الملحدين إلى المنظومة مرة ثانية يحتاج إلى جهد كبير وهو ما تقوم به دار الإفتاء الآن من أجل معالجة التشوهات الفكرية التي طالت الشباب المصرى عقب حكم جماعة الإخوان، وقد قمنا بمعالجة الكثير من حالات الإلحاد خلال الفترة الماضية، وظاهرة الإلحاد تحتاج إلى علاج، عن طريق مواجهة الفكر بمثله لإزالة الشبهات، ولدينا داخل دار الإفتاء إدارة خاصة للرد على قضايا الإلحاد من خلال باحثين متخصصين للنقاش، مع الملحدين بأساليب علمية وعقلية تتناسب مع طريقة تفكيرهم، كما أننا نعمل من خلال مجموعة آليات لحصار الظاهرة منها ضرورة أن يكون خطابنا الديني أكثر اعتدالا، والعناية بالرسوخ العلمي الذي يناقش تفاصيل القضايا العقدية والفكرية القديمة والمعاصرة، وعدم الانسياق وراء القضايا الهامشية وغير المجدية، فتح المراكز المتخصصة في رصد الأفكار والآراء الفقهية والفتاوى المتشددة والشاذة التي تبث في مواقع النت وغيرها من النوافذ الإعلامية، ومعالجتها من خلال اجتماع المتخصصين في المجالات الشرعية والفكرية والعلمية، التشديد على عدم فتح الباب لغير المؤهلين وغير المتخصصين في البرامج الدينية التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة، حيث يتعمد غالبيتهم الإساءة في توصيل المعلومة الدينية الصحيحة، وكذلك ضرورة ابتعاد العلماء عن الانخراط في العمل السياسي وخلط الدين بالسياسة، وترسيخ المنهج الوسطى لمواجهة التشدد.

◄هل يمكن القول بأنه تم القضاء على ظاهرة الفتاوى الشاذة؟
الفتاوى الشاذة تضرب العالم أجمع والظروف العصيبة التي يمر بها العالم يأتي معظمها نتيجة إصدار الفتاوى المضللة المنحرفة، مما كان له تهديد الأمن والسلم، وإذا كان العالم ينتفض لمحاربة الإرهاب، فإنه ينبغي على أهل العلم أن يصدوا الأفكار المتطرفة ونشر تعاليم ديننا السمحة، ولا شك أن دار الإفتاء كان ومازال لها دور بالغ الأثر في حصار تلك الفتاوى، حيث عملنا على توظيف الأدوات الإلكترونية، من "مواقع وصفحات التواصل الاجتماعى" في النشر والترويج لمخرجات مراكز دار الإفتاء البحثية، ونشرها بين الأفراد، علاوة على تبنى مبادرة لتدشين موقع إلكتروني خاص تم إطلاقه بالنسخة العربية، بالأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بعدة لغات للتواصل مع الجمهور الإسلامى في كافة أرجاء العالم، وهو يعد من أهم الأدوات العصرية التي تساعد على ربط الأمة بعضها البعض، وتسهل من نقل المعلومات وتداولها، إضافة إلى الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية التي حققت متابعات فاقت 7 ملايين متابع، وهي في زيادة، لتحقيق أكبر تواصل ممكن ونشر هادف لمخرجات المراكز البحثية ومنتجاتها العلمية والبحثية الهادفة، فضلا عن جهد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة في القضاء على التشدد ومصادر التطرف، وحصار الفتاوى الشاذة.

◄هل نعاني من أزمة أخلاق في مجتمعاتنا العربية؟
البعد عن الأخلاق المحمدية والقيم السامية التي جسدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتعلمها منه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، هو ما أوصلنا إلى كثير من الأزمات التي ما زلنا نعانى منها في مجتمعاتنا، خاصة بعدما تمسك البعض بمظاهر التدين دون جوهر الدين، ونحن في أشد الحاجة الآن إلى الرجوع إلى سيرة النبي، لنقرأها قراءة عصرية وحضارية، فنتعلم منها الرحمة والإنسانية وعمارة الأرض بالعمل والاجتهاد، لكي نحقق الغاية العظمى من استخلاف الله لنا في الأرض على مراد الله منا.

◄كيف ترى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على مجتمعاتنا العربية وكيف أثرت في العلاقات الأسرية؟
وسائل التواصل الاجتماعى أثرت على علاقاتنا الاجتماعية وتسللت إلى كل بيت وتم استخدامها من قبل البعض دون وعى أو حدود، ولا بد من التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي بذكاء وحرص، خاصة الشباب الذي يجب ألا يكون متلقيًّا من هذه المواقع بل لا بد أن يكون مدققًا حتى لا يصبح أسيرًا للجلوس أمام التواصل، ويتحول إلى مدمن للتلقي من هذه المواقع بدلًا من أن يكون إنسانًا مفكرًا، وسيكون فريسة لهذه الأفكار التي تعرض على هذه الشبكة، والطلاب في المرحلة الثانوية أصبحوا مدمنين لهذه المواقع التي تؤثر على مستوى الوعي والتفكير لديهم، وهذا ما أثبتته الدراسات، وهذا يتطلب منا مزيدًا من الوعي وترشيدًا في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي في تعاملنا مع وسائل التواصل، وعلينا أن نأخذ ما ينفعنا ونترك ما يضرنا، وهذه مسئولية الأسرة.

◄ما رأيك في الحملات التي تنادي بفصل السنة النبوية عن القرآن؟
الأمة عبر تاريخها عملت على ضبط حركة الحياة بالأحكام الشرعية في تناسق حكيم، وذلك لأنهم فهموا ماهية "الشرع الشريف" فهمًا صحيحًا على وفق مراد الله تعالى ومراد رسوله الكريم، الذي تُعَدُّ المرونة من أهم خصائصه، وهي تقضي على المسلم بضرورة الانطلاق من القواعد الشرعية الكلية والاهتمام بترسيخ القيم والمبادئ العامة الثابتة، وهو منهج حكيم رسخه النبي في تطبيق الشرع الشريف، ثم سار على ضوء هذا الهدي الخلفاء الراشدون ومن بعدهم أئمة الإسلام المجتهدون عبر العصور من أجل تحقيق هذه الرسالة النبيلة، ولا شك أن القرآن والسنة هما المعتمد والأساس لكل مصادر التشريع الأخرى من القياس والإجماع والمصالح المرسلة وغيرها، والفقهاء اهتموا بالتعامل مع المسائل والقضايا غير الموجودة في القرآن والسنة بصورة جزئية تفصيلية من المستجدات والنوازل وقعَّدوا القواعد الضابطة لاستنباط الأحكام لها.

- بعد مرور أكثر من 5 سنوات تقريبا على تجديد الخطاب الديني.. كيف ترى ما تحقق على أرض الواقع؟
منذ الوهلة الأولى لدعوة السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الدينى، ونحن نأخذ على عاتقنا العمل على هذه القضية بالتوازى مع كافة المؤسسات الدينية الرسمية، لما لها من أهمية وغاية كبرى في الوقت الحالي والظروف الراهنة، لاسيما أن هذا الخطاب مختطف من قبل جماعات لها مآرب وأهداف سياسية، لذا فنحن نعمل على إعادة الخطاب الدينى إلى المؤسسات الدينية العريقة المعنية بصحيح الدين، فهناك بلا شك أناس رسخوا مفاهيم خاصة بهم لتحقيق أغراض سياسية بدعم جهات خفية وعلنية، وفى سبيل ذلك نعمل في دار الإفتاء على عدد من المحاور لإعادة تصحيح المفاهيم، كان آخرها افتتاح وحدة للرسوم المتحركة لاستخدامها في الرد على المتطرفين وتصحيح الأفكار الشاذة، فقد انصرفت أذهان الكثيرين إلى أن التجديد مقصور على الخطاب الديني الدعوي، متجاهلين ضرورة أن يكون التجديد في الفتوى هو رأس الحربة التي تنطلق منها دعاوى التجديد، خاصة بعدما أصبحت الفتاوى سلاحًا تستخدمه تيارات الدم والتخريب لشرعنة ممارساتها التي تخدم بها الأجندات الخارجية الممولة، ونحرص في دار الإفتاء على أن يجذب الخطاب الدينى أفكار الشباب والأطفال وجميع الفئات، حتى يتوافق مع العصر، فتجديد الخطاب الديني يعني أن نأخذ من المصادر الأصيلة للتشريع الإسلامي ما يوافق كل عصر باختلاف جهاته الـ 4 "الزمان والمكان والأشخاص والأحوال"، بما يحقق مصلحة الإنسان في زمانه وفى إطار منظومة القيم والأخلاق.

- كيف ترى الأصوات التي تتهم المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر بالتقصير في هذا الشأن؟
جميع المؤسسات الدينية في مصر مهمومة بقضية تجديد الخطاب الدينى، وكلفة المؤسسات تعمل في تكامل وتناغم مع بعضها البعض في نشر صحيح الدين، ولا تقصير من جانب أحد فجميعنا يكمل بعضه البعض كما أن كافة المؤسسات تعمل وفق منهج الأزهر الشريف وتحت لوائه.

- البعض يرى أن المؤسسات الدينية لم تعد تتمتع بثقة كبيرة لدى الشعب المصري ويتحدثون عن خلل في تلك العلاقة.. ما رأيك؟
لماذا الخلل وجموع المواطنين يجدون ضالتهم لدى كل مؤسسة يقصدونها، فعلى سبيل المثال فإن إصدار الفتوى بدار الإفتاء يتم وفق المنهج الأزهري القائم على مراعاة المآلات والأحوال والعادات والتقاليد التي تتفق والشرع الشريف وكذا إدراك الواقع، وهو ما يفتح باب الاجتهاد أمام علماء الأزهر ودار الإفتاء للتفاعل مع قضايا الأمة، بما يعود عليها بالنفع، ويناسب العصر، ويسد الباب أمام الفتوى المتطرفة والشاذة، فالفتوى علاوة على كونها مستمدة من منهج الأزهر الشريف فهي أثناء التكييف الفقهي للمسألة تبحث في الوقائع بصورة متخصصة، بالإضافة إلى التنقل بين المذاهب الفقهية المعتمدة، مع دراسة الواقع ومآلات الفتوى؛ لأجل الوصول إلى حكم شرعي صحيح يراعي الزمان والمكان والعوائد والأحوال.

◄كيف يقضي مفتى الجمهورية يومه في رمضان، وهل لديه طقوس خاصة؟
لا شك أن شهر رمضان شهر الطاعة والمغفرة، ولا بد أن نعمره بمختلف الطاعات ونستغل كل ساعة فيه للقرب من الله عز وجل، لذلك خلال شهر رمضان أكون حريصا على عمارته بالطاعة وأولاها التوبة حتى تكون بداية جديدة مع الله، نستفتح بها الشهر الكريم حتى تزداد الهمة في طاعة الله، وخلال الشهر الكريم أكون حريصا على أداء عملى على أكمل وجه لأن العمل فريضة وأمانة ومسئولية يجب ألا نقصر فيها بحجة الصيام، كذلك أخصص وردا من القرآن لقراءته كل يوم لأن شهر رمضان هو شهر القرآن مع تدبر معانيه والعمل به، وكذلك ذكر الله سبحانه وتعالى وتسبيحه كلما وجدت فرصة لذلك، أيضا الحرص على السنن الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الأمور المهمة خاصة في شهر رمضان؛ لأن الثواب مضاعف في هذا الشهر الكريم، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه"، كما أحرص على أداء صلاة التراويح، وأحاول قدر الإمكان تخصيص وقت لزيارة الأقارب وصلة الأرحام خلال شهر رمضان الكريم.

◄كيف يمكننا استغلال الشهر المبارك بأفضل صورة؟
يجب على كل صائم أن يبتعد عن كل ما يغضب الله من قول أو عمل، وأن يعامل الآخرين معاملة طيبة، فلا فحش ولا صخب، وإن امرؤ خاصمه أو شاتمه فليقل: "إني صائم" إرضاءً لله تعالى، كما يجب على المسلم القادر أن يعطف على الفقراء والمساكين بإخراج زكاة الفطر التي هي طهرةٌ للصائم، والتوبة من الأفعال التي لا يرضاها الله عز وجل، فيكون لهذا مردود على كل من يحيط بنا، فقد خص الله تعالى شهر رمضان من بين سائر شهور العام بالتكريم والبركة وجعله موسمًا عظيمًا تنهل منه الأمة من الخير ما لا يمكن حصره ووصفه، حتى بات هذا الشهر الكريم يمثل غاية كبرى وأمنية منشودة للصالحين يتمنون على ربهم بلوغها، وإدراك هذا الزمان المبارك والاستعداد والتهيؤ ظاهرًا وباطنًا لإحيائه بإخلاص النية لله تعالى والعزم على اغتنام أوقاته والاجتهاد فيه بالأعمال الصالحات، وهم في صحَّة وعافية ونشاط.

◄ في النهاية ما أهم الرسائل التي تود أن ترسلها إلى الشباب؟
عقلية الشباب اليوم لا يمكن أن تقبل بالنهي والزجر، ولن تقبل أن يفرض عليها أحد قواعد مسبقة لمساحات التفكير والأسئلة الممكنة، ومن ثم يجب مخاطبة الشباب بلغة العصر، من هذه الإجراءات اهتمام الدار بإنشاء وحدة للرسوم المتحركة، لإيصال الرسائل المستهدفة إلى الشباب والأطفال، بلغة سهلة وبسيطة، فالتحديات كانت كبيرة للغاية خلال الفترة الماضية فيما يتعلق بهذا الشأن، وفى النهاية أقول لهم عودوا إلى جادة الصواب، واعلموا أن الأفكار الهدامة ليست من صحيح الدين.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو"
Advertisements
الجريدة الرسمية