رئيس التحرير
عصام كامل

حكايات رمضانية من القصور الملكية

الملك فاروق
الملك فاروق

في مجلة "البوليس" عام 2000، نشر الكاتب الصحفي محمد مصطفى، موضوعًا رمضانيًّا، يحكي فيه مظاهر رمضان في العهد الملكي، وخاصة في عهد الملك فاروق، في القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، قال فيه:


حكايات كثيرة.. صيام وقيام.. فوانيس وزينات.. موائد ومسحراتي، فجر ومغرب، تراويح وتسابيح.. هذا هو شهر رمضان الكريم.

بدعوة العلماء والأعيان والباشوات وكبار الساسة والأمراء.
اهتمت الأسرة العلوية بالاحتفال بشهر رمضان الذي يبدأ باستطلاع الهلال بدعوة الساسة والعلماء والأمراء لحضور الاحتفال برؤية الهلال، حيث يسير المحتسب الذي يتولى أمور الأسواق، ومعهم فرق من الموسيقيين وحاملي الطبول، وبعض الدراويش يحملون البيارق، وينطلق الجميع من القلعة إلى مجلس القاضي ينتظرون عودة أحد المرسلين لرؤية الهلال للتثبت من رؤيته، ثم يعلن الناس بموعد الصيام، ثم يقوم القاضي بإثبات بدء شهر رمضان في وثيقة يودعها المحكمة الشرعية.

ويقوم القاضي بإصدار أوامره لإضاءة المساجد بالقناديل ليلًا، وتخرج المواكب تجوب الشوارع احتفالًا بالشهر الفضيل، ويخرج الحرفيين. كل شيخ حرفة على عربة مزينة بآلات الحرفة، وعليها الحرفيين يمارسون حرفتهم بطريقة رمزية مثل الطحانين والخبازين والزياتين والجزارين والفطاطرية.

وفي عهد الخديو توفيق عام 1879 كان يقام احتفال استطلاع الرؤية لهلال رمضان ويتقدم الموكب عساكر البوليس والعلماء وممثلو الحرف، وما أن تثبت الرؤية حتى تضرب المدافع في العاصمة لإعلام الناس بقدوم الشهر المبارك.

وكان الإعلام بالنسبة للمحافظات يتم بإرسال تلغرافات لتعريفهم بثبوت الرؤية، وإذا تأخر وصول التلغراف تحدث المشكلة، كما حدثت عام 1892 حين لم يصُم أهلُ بنها بسبب تأخر وصول التلغراف، وبالتالي لم تضرب المدافع لإعلام الناس.

وفي عهد الخديو عباس حلمي الثاني، كان يُعلن عن ثبوت الرؤية من خلال مآذن المساجد، ثم تنطلق المدافع من القلعة إيذانًا بالشهر الكريم، ولأول مرة كان في عهده استخدم الراديو عام 1909 لتوجيه خطاب الخديو إلى الشعب أول أيام رمضان يهنئهم لقدوم رمضان ويتجمع الأهالي حول المقاهي لسماع الخطاب.

وفي عهد الخديو توفيق، عام 1879، كان يقام احتفال استطلاع الرؤية لهلال رمضان يتقدم الموكب عساكر البوليس والعلماء وممثلو الحرف، وما أن تثبت الرؤية حتى تضرب المدافع في العاصمة لإعلام الناس بقدوم الشهر المبارك.

وجاء الملك فاروق ليسير على درب أبيه، فكان يوجه بيان تهنئة إلى الشعب، ثم يصدر أوامره بمنع بيع المشروبات الروحية والكحولية في المحال العامة إبان شهر رمضان، والتنبيه على أصحاب المحال التي تستخدم أجهزة الراديو بإذاعة القرآن الكريم، كما تستخدم القصور الملكية مكبرات الصوت لإذاعة القرآن الكريم والتواشيح الدينية طوال أيام شهر رمضان.

وقد عرفت مصر الموائد الملكية الرمضانية التي انتشرت في عهد فاروق لإطعام الفقراء والمساكين والموظفين وعابري السبيل، وكانت تتسع للمئات من الأشخاص.

وكانت المائدة الملكية الأساسية تقام في قصر عابدين أو في قصر رأس التين بالإسكندرية، واعتاد الملك فاروق أن يتوسط ضيوفه على تلك الموائد التي لا تنقطع طوال الشهر، وكانت المائدة تتسع لأكثر من خمسة آلاف مواطن.

ويتخلل هذه الموائد موائد ملكية للعائلة المالكة تحضرها وفود الجامعة العربية والأمراء والباشوات، وأشهرها المائدة التي أقيمت على شرف الأمير عبد الكريم الخطابي، وقدمت فيها الخرفان والديوك وشراب قمر الدين، واستمرت هذه الموائد تقام حتى قيام ثورة 23 يوليو.
الجريدة الرسمية