رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فكري أباظة يكتب: أبو القوانين

فيتو

في مجلة المصور عام 1948 كتب رئيس التحرير فكرى أباظة مقالا قال فيه:

يكمل الدستور المصرى "دستور 23" اليوم 25 عاما من عمره، وقد اجتاز بذلك مرحلة الطفولة والصبا ودخل مرحلة الشباب والنضوج والاستواء.


ورغم ذلك لم يستوِ الدستور فلا تزال أمامه سنون وأعوام لكى يستكمل نضوجه، ولا تزال أمامه مرحلة الكهولة والشيخوخة أدامه الله وأبقاه ومد في عمره وحفظه ورعاه.

والدستور هو أبو القوانين كلها وسيدها، وهو بجانب أبوته للقوانين يحكم كل سلطات الدولة من تنفيذية وتشريعية وقضائية.

رعية الدستور رعية كبرى فهل أثبتت الرعية في مدى هذه السنين الطويلة ولاءها ووفاءها وخضوعها للدستور.

لا.. وألف لا، وتقول الأحداث والحوادث أن السلطة التنفيذية لعبت عليه أو عبثت به أو غالطت في نصوصه أكثر من مرة.

فالحكومات التي حلت مجلس النواب أكثر من عشر مرات والتي أوقعت الدستور أكثر من مرتين، والتي سيطرت على الانتخابات أكثر من عشرين مرة وخرجت على نصوصه أكثر من ألف مرة، والتي أباحت الاستثناءات في التعيينات والدرجات والترقيات أكثر من ألف مرة، والتي ضيقت الخناق على حرية الخطابة والاجتماع والرأى أكثر من خَمسمائة مرة.. تلك الحكومات ليست ولية ولا وفية للدستور بل متمردة ثائرة.

أما الهيئة التشريعية فكان ولاؤها أكذوبة ووفاؤها أعجوبة، والديكتاتورية البرلمانية لعبت دورها في ظل البرلمان وتحت قبته.

لذلك كانت حالة الدستور في مدى ربع قرن الذي مضى من عمره.. ولا تزال هي حالته، وإذا حاولت العلاج بالإصلاح والتعديل والتفسير وسد النقص ثارت ثورة الثائرين، وما هي إلا ثورة المتآمرين على استدامة الفوضى واستفداح الشلل.

ومع ذلك كله نقول إن الدستور نعمة وبركة من الله لو رعاها الآباء وقدرها الأبناء.. إنه أبو القوانين وسيد السلطات ومصدر القوانين وشيكولاتة المجنى عليه.
Advertisements
الجريدة الرسمية