رئيس التحرير
عصام كامل

محمد فودة يكتب: قصة من عرف اسم الله الأعظم

فيتو

استوقفني قول الحق سبحانه وتعالى {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ(176)} سورة الأعراف.


وتوقفت أكثر عند تلك الآيات التي أعطاه الله سبحانه وتعالى لذلك الرجل "آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا" إضافة لمعنى الانسلاخ.

أما عن الشخص الذي نزلت فيه تلك الآيات فتشير معظم التفاسير أنها في «بلعام بن باعوراء»، وكان من قوم سيدنا موسى عليه السلام، وتلقى العلم على يديه وأرسله إلى قوم مدين ليدعوهم إلى عبادة الله تعالى، وكان رجلا مجاب الدعوة يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به إنسان أجاب الله تعالى دعوته.

بلغ ذلك الرجل من العلم والمعرفة والتقى والهداية ما جعله إذا نظر رأى عرش الرحمن وهو في مكانه على الأرض، وتلقى العلم في مجالسه الآلاف ممن يتلقون ويكتبون عنه.

وإذا توقفنا عند قوله تعالى "آياتنا" سنجد أن الله تعالى لم يعطه آية واحدة بل تفضل عليه وأعطاه آيات كثيرة.

إذا ماذا حدث بعد ذلك ولماذا ينقلب من الإيمان للكفر وما سبب الانسلاخ، يقول الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه إنه لما آتاه الله تعالى العلم ولم يتبع ما عَلم انسلخ منه كما تنسلخ الشاة من جلدها وأخلد إلى الأرض.

ولذلك وقع في الاختبار الأول.. فحينما أرسله سيدنا موسى عليه السلام إلى قوم مدين لعبادة الله تعالى أغروه بالمال والجمال وعرض عليه الملك الزواج من أجمل النساء مقابل أن يترك دعوته فطلب منهم مهلة ثم اتبع هواه واختار ما عرضوه عليه.

الاختبار الثاني حينما قاد سيدنا موسى عليه السلام قومه إلى الأرض التي بها بلعام قال له أهلها أنت رجل مجاب الدعوة فادع على موسى وقومه، فقال لهم بلعام ويحكم إن هذا نبي الله تعالى وهؤلاء قومه كيف أدعو عليهم إنكم تلقون بي إلى التهلكة.

فجاءوا إلى امرأته وأهدوا لها هدية وطلبوا إليها أن تحسن لزوجها أن يدعو على بني إسرائيل فقالت له في ذلك فامتنع فلم تزل به حتى قال أستخير ربي فاستخار الله تعالى فنهاه في المنام فأخبرها بذلك فقالت راجع ربك فعاد الاستخارة فلم يرد جواب فقالت لو أراد ربك لنهاك ولم تزل تخدعه حتى أجابهم.

فركب حمارا له متوجها إلى جبل يشرف على بني إسرائيل ليقف عليه ويدعو عليهم فما مشى عليه إلا قليلا حتى ربض الحمار فضربه حتى قام فركبه فسار قليلا فربض ففعل ذلك ثلاث مرات.

فلما اشتد ضربه في الثالثة فأنطقها الله تعالى ويحك يا بلعم أين تذهب أما ترى الملائكة تردني فلم يرجع فأطلق الله تعالى الحمار حينئذ فسار حتى أشرف على بني إسرائيل فكان كلما أراد أن يدعو عليهم ينصرف لسانه إلى الدعاء لهم وإذا أراد أن يدعو لقومه انقلب دعاؤه عليهم.

فقالوا له في ذلك فقال هذا شي‏ء غلب الله تعالى عليه واندلع لسانه فوقع على صدره فقال الآن خسرت الدنيا والآخرة.

نسأل الله سبحانه وتعالى الثبات واليقين {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)} سورة آل عمران.
الجريدة الرسمية