رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

يوم الأرض المجهولة في الأدب


هناك أرض وقرية ما، ولصوص وبنادق، يحاول أهل القرية أن يصرخوا. لكن ترحل أجسادهم أشلاء (يموت ستة أشخاص منهم!) بلا ثمن، فيتوحد نبت الأرض الخبيث مع اللصوص. ومن مهزلة التوحد يتكرر خراب الأرض مرة كل عام فشاع احتلال العفن في الباقي من أرض عُرفت بالحضارات القديمة!


ومِن حَوَل الواقع ونخبة السلطة الفاسدة أطلقت على المُغْتَصَبات صفة المُسْتَوْطَنات، فمنذ متى والاحتلال يفعل فعل "اِستَوطَنَ"؟ بل الحق أنه لا يفعل إلا فعل "اِستَوَط" أي برعوا في اختلاط القضية واضطرابها لحد المسخ والتطبيع والغفلة والممانعة الواهنة واتباع المذلة.

ومن ثم تكررت أفعال الداخل العربي في الاقتتال فيما بينها، فطفحت لغة السطح بـ "نصَبَ. تاجَرَ. حَمِسَ. فَتَحَ. اِستَغفَلَ..."، كل هذه الأفعال كفيلة أن تنتج عوالم أدبية ناقدة محرضة للوعي لو توفر لها المخيلة الإبداعية، وبالتالي بارت القضية وضاع حق الأرض الفسلطينية.

ثلج أدبي، وأقول للتقريب: ثَلَجَ الخيالُ أي بَرُدَ، فتجمّد. وهذا ليس تجنيا على المنتوج الأدبي العربي بالكلية، إنما هو نقد لخياله الكسيح في رصد مأساة الأرض العربية المحتلة.. الضائعة.. المسكوت عنها.. المباعة.. المستباحة من الخليج إلى المحيط. وهنا تأتي جريمة الأدب العربي المعاصر في جهوليته بقضية الأرض!

من الطرائف الساخرة إطلاق تصنيفات أدبية عبثية بلا قيمة نقدية، ولا هي ذات ثقل مقارنة بمرارة الواقع، ومن هذه النوعيات أدب الحرب، المقاومة. ولأن الرواية هي ما أعني هنا، فجاءت فقيرة لحد كبير في رصد مأساة الأرض العربية، وكأنها أرض مجهولة للأدب يصعب اختراقها. ربما لأسباب سياسية وغياب المعلومات إلى آخر التبريرات. لكن لا تبريرات على العجز والفشل الروائي أمام هذه المساحة من الواقع العريض المليء بأحداث ووقائع لو كانت في أرض أخرى غير أرضنا العربية؛ لكتب فيها المبدعون مجلدات روائية.

على البر الشرقي الأقصى وبالأخص الواقع الأدبي في كوريا يأتي الأدب الناقد الأكبر للواقع والقاضي العادل والحكيم الأريب في تناول قضية الأرض الكورية منذ احتلالها إلى تقسيمها ثم الحرب التي دمرت الأرض، فنتج العديد من الروايات التي صنفت بالتعبير الحقيقي باسم أدب التقسيم.

وهو تصنيف استحقته الرواية الكورية لرصد محنة الوطن المحتل وبشاعة الانقسام في الأرض وفي الأسرة وفي الشخصية، وقصص الموت البطولية الإنسانية في الحرب.

تمحورت تصنيفات الروايات الكورية حول الأرض برواية الاستعمار والتقسيم والحرب والتي يمكن اختزالها بمسمى رواية الأرض الوطنية؛ فجاءت بمثابة الوثائق البشرية التي جاور فيها المتخيل الأدبي الواقع ومأساته. وكثرة هذه الروايات في الساحة الكورية وقتئذ وحتى الآن الهدف منها التأكيد على حق الأرض والشعب في الحياة، ولهذا نهض الشعب الكوري!

قضيتنا ثرية بالواقع وخيالنا الروائي بجوارها فقير، فالأرض المحتلة لا زالت مجهولة في نصوصنا الروائية لم تكتب بعد!
فلا تستهينوا بمكر(ن والقلم وما يسطرون).
Advertisements
الجريدة الرسمية