رئيس التحرير
عصام كامل

عاملات التهجين بوزارة الزراعة.. إنتاج أغلى من الذهب وجيوب فارغة

فيتو

بساطة المظهر وضيق الحال قد يوحي إليك بصغر دور إنسان لم يجد حظه في المال الوفير والحياة المترفة، لكن المظاهر دائما خداعة، توحي بعكس الحقيقة، وهذا المعنى ينطبق على 25 فتاة يعملن في مهنة معقدة براتب هزيل وينتجن ما هو أغلى من الذهب.


العمالة الزراعية ببرنامج إنتاج تقاوي الخضر في مزرعة قها البحثية التابعة لوزارة الزراعة، يمتلكون قصة بها من المفارقات ما يكفي للوقوف ومراجعة طبيعة تقديرنا لأصحاب الفضل والمهارة الحقيقية، فهؤلاء الفتيات هن المسئولات عن عملية "التهجين" اليدوية التي تهدف إلى إنتاج أصناف جديدة من التقاوي من خلال جمع الصفات الوراثية المتميزة في صنفين مختلفين من النبات، وهي العملية التي تعتبر أهم ركائز خطة وزارة الزراعة للاكتفاء من إنتاج تقاوي الخضر حيث تستورد مصر سنويا تقاوي خضر من الخارج بما قيمته 1.2 مليار جنيه، بواقع 98% من الاحتياجات.

تقدير وزارة الزراعة للعاملات اللاتي من المنتظر أن يكون بيت خبرة لمهنة التهجين هو أجر يومي قدره 20 جنيها، ورغم ذلك لم يحصلوا على رواتبهم منذ 6 أشهر، إلى جانب معاناتهم من عدم وجود أية حوافز أو رفع أجورهن أو نظام للتأمين الصحي ضد الإصابات، ووفقا لإحدى العاملات في مزرعة قها فإن عملية التهجين تحتاج إلى تدريب وخبرة اكتسبوها على مدى السنوات الأخيرة التي عملن فيها بمزرعة قها التي تتراوح بين 10 : 20 سنة خبرة في نفس المجال.

وأكدت أخرى أن العاملات يعانين من مخاطر الطريق أيضا فبعضهن أصيب بكسور بسبب حوادث على الطريق حيث يضطررن للوصول إلى المزرعة من قرى ومراكز بعيدة نسبيا، وأن إصرارهم على مواصلة العمل داخل المزرعة رغم تأخر رواتبهم لـ6 أشهر هو أملهم في التعيين على قوة وزارة الزراعة للحصول على مزايا تأمينية بعد خروجهم لسن المعاش.

الدكتورة محاسن عبد الحكيم الأستاذ المتفرغ بقسم تربية الخضر بمعهد بحوث البساتين وأحد المشرفين على عمل إنتاج الهجن داخل مزرعة قها أكدت أن العمل توقف في المزرعة قبل عام وهو ما تسبب في هجرة نحو 200 فتاة من الأكثر مهارة في عمليات التهجين للمزرعة وبعد عودة العمل خلال الشهور الماضية بتكليف من الدكتور عز الدين أبو ستيت وزير الزراعة حاولنا استعادتهم مرة أخرى ونجحنا في جمع 25 فتاة فقط حتى الآن.

محاسن أكدت أن عملية التهجين من أسس إنتاج هجن الخضر التي تكلف الدولة مبالغ طائلة لاستيرادها، خاصة وأن كيلو جرام بذور الطماطم يصل إلى 5 ملايين جنيه، ويستهلك الفدان الواحد في حدود 20 جراما من البذور وهي تكلفة عالية حيث تباع البذرة الواحدة للطماطم في حدود 4: 5 جنيهات بينما يباع الإنتاج المصري منها بواقع جنيه واحد للبذرة.

من جانبه استمع الدكتور عز الدين أبو ستيت وزير الزراعة واستصلاح الأراضي إلى العاملات في مزرع قها وكلف المسئولين بمركز البحوث الزراعية بسرعة حل أزمة تأخر رواتب العاملات خاصة وأن الإخلاص والتركيز في العمل يتطلب أن يحصل الإنسان على حقوقه المادية في موعدها دون تأخير، وأن تأخر الرواتب لمدة 6 أشهر غير مقبول.

ووجه الوزير إلى ضرورة توفير وسيلة مواصلات تابعة لمركز البحوث الزراعية لنقل عاملات التهجين من قراهم إلى مزرعة قها خاصة وأن هناك طريقا واحدا فقط هو سبيلهم للوصول إلى المزرعة يوميا، مؤكدا أن تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل ستشمل جميع العاملين في وزارة الزراعة.

واستنكر أبو ستيت تدني أجور العاملات في المزرعة خاصة وإنهن من ضمن عمالة تعدت خبراتها 10 سنوات في مهنة التهجين ويجب النظر إلى أجورهن مرة أخرى.
الجريدة الرسمية