رئيس التحرير
عصام كامل

الائتلاف الحكومي في برلين.. حصيلة عام في السياسة الخارجية

فيتو

منذ سنة والائتلاف الحكومي الكبير قائم في برلين. فماذا حققت الحكومة في مجال السياسة الخارجية، وكيف كان رد فعلها على الأزمات الدولية؟ إليكم لمحة عن أهم الموضوعات والمناطق التي كانت محط اهتمام السياسة الخارجية.
الاتحاد الأوروبي والعلاقات الألمانية الفرنسية

"بداية جديد لأوروبا" هذا ما ورد في عنوان اتفاقية تشكل ائتلاف الحكومي، لكن لم يتمخض عن ذلك شيء. وهذا له علاقة بظروف خارجية مثل بريكسيت وتنامي الشعبوية اليمينية في أوروبا، لكن العراقيل موجودة في برلين أيضا، ويظهر هذا بشكل جلي في العلاقات الألمانية الفرنسية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حث الألمان عدة مرات على جعل أوروبا أكبر قوة حماية اجتماعية، وقدم من أجل ذلك مقترحات ملموسة، لكن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ظلت بعيدة عن تلك المقترحات، وفضلت ممارسة سياسة رمزية، وبالاشتراك مع ماكرون اعتمدت اتفاقية إليزيه جديدة.

وفي المقابل ردت خليفة ميركل في رئاسة حزبها المسيحي الديمقراطي وربما المستشارة المقبلة، أنغريت كرامب كارينباور على أفكار ماكرون وانتقدت أغلبها بحدة وأفرغت المقترحات من محتواها، إذ جاء في مقال صحفي لها: نعم لسياسة هجرة أكثر تشددا وتعاون أكبر في سياسة الدفاع، لكن "المركزية الأوروبية وسيطرة الدولة الأوروبية وتحويل الديون على المجموعة وإضفاء الطابع الأوروبي على الأنظمة الاجتماعية والحد الأدنى للأجور، ستكون الطريق الخاطئ". إنها وقاحة تجاه فرنسا، الطلب منها إلغاء مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ والتخلي عن مقعدها الدائم في مجلس الأمن الدولي لصالح الاتحاد الأوروبي. كما أن تعاونا عسكريا أوثق تعيقه تصورات مختلفة في سياسة التسلح.

نظرة إلى الشرق
تواجه برلين مشكلات متزايدة مع عدد من دول وسط شرق أوروبا، لاسيما فيما يتعلق بموضوع الهجرة، فرفض دول فيزغراد بولندا وتشيكيا وسلوفاكيا وهنغاريا لتوزيع اللاجئين على دول الاتحاد الأوروبي أشد من أي وقت مضى.

وحتى التوجهات السلطوية في هنجاريا وبولندا تسبب مشكلات للائتلاف الحكومي في برلين، وكانت برلين في الأصل تريد ربط التحويلات المالية الأوروبية بالسلوك الجيد لهذه البلدان، لكن يُسمع القليل حاليا عن هذا الموضوع، فالحكومة الألمانية تريد على ما يبدو تفادي ما يمكن أن يدعم الشعبويين اليمينيين في الانتخابات الأوروبية في مايو المقبل.

وفيما يخص العلاقة مع روسيا تحقق الحكومة الألمانية تحولا صعبا، فهي تريد -رغم ضم روسيا لشبه جزيرة القرم والتسليح- الحفاظ على علاقة جيدة نسبيا مع موسكو للحصول على دور الوسيط في النزاع مع أوكرانيا، وحتى مصالح اقتصادية تلعب دورا في العلاقة مع روسيا، إذ تريد برلين منذ مدة وبالرغم من المقاومة القوية من بولندا، تمرير مشروع تشييد خط أنبوب الغاز ستريم 2، والآن أوقفت واشنطن والمفوضية الأوروبية في بروكسل مشروع الأنبوب في صيغته الأصلية.

أفريقيا والهجرة
"مكافحة أسباب الهجرة" يبقى الموضوع الرئيسي لسياسة أفريقيا المتبعة من قبل الائتلاف الحكومي في برلين، ومع تدفق اللاجئين اكتشفت ميركل القارة الأفريقية كجارة إستراتيجية مهمة، وزارت مؤخرا السنغال وغانا ونيجيريا إضافة إلى الجزائر والمغرب.

وهناك دافعت بشكل غير معتاد عن ميثاق الهجرة للأمم المتحدة "كاعتراف" واضح بالتعددية، وأكدت أن الهجرة القانونية يساهم أيضا في تحقيق الرخاء الذي تريد برلين دعمه من خلال تسهيلات الاستثمارات والإصلاح في أفريقيا.

وتراهن الحكومة الألمانية على مشاريع إنمائية بمليارات اليورو، وتريد دعم وجود شركات ألمانية في أفريقيا، وحتى من ناحية السياسة الأمنية تلتزم ألمانيا بشكل متزايد في أفريقيا مثلا في مالي "وهذا كله لن ينفع في شيء"، كما قالت ميركل في مؤتمر ميونيخ للأمن "إذا لم تحصل هذه البلدان على آفاق اقتصادية".

العلاقات عبر الأطلسي
يقر الائتلاف الحكومي بأهمية الشراكة عبر الأطلسي مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكن خيبة الأمل تجاه حكومة دونالد ترامب تبقى كبيرة في برلين، فإعلان واشنطن التخلي عن الاتفاقية النووية مع إيران تم استيعابه في بروكسيل وبرلين كتنبيه لتقوية قدرة التحرك الذاتي، والنزاع التجاري عبر الأطلسي يُعتبر حاليا مؤجلا وليس بالضرورة محل وفاق.

وتعارض ميركل كما حدث مؤخرا في منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس شعار ترامب "أمريكا أولا"، وطرحت بديلا لذلك فكرتها التي تتمثل في أنه "يجب التفكير أيضا في مصالح الآخرين ليخرج الطرفان رابحين".

آسيا
السياسة الآسيوية لألمانيا تبقى حتى في ظل الائتلاف الحكومي الكبير السياسة تجاه الصين، واتفاقية الائتلاف لم تر فقط "فرصا" بل أيضا "مخاطر" في العلاقة مع هذا الشريك الهام إستراتيجيا، فمشروع الصين العملاق في مجال البنية التحتية "طريق الحرير" تنظر إليه ألمانيا والاتحاد الأوروبي بعدم الارتياح.

وإلى جانب حقوق الإنسان، فإن قضية الأمن الإستراتيجي للتكنولوجيا الصينية العالية تعتبر قضية مهمة وحساسة بالنسبة للائتلاف الحكومي، فهناك مشروع بناء شبكة الهاتف النقال G5، وما إذا إذا كانت شركة Huawei هواوي الصينية ستنفذه، إذ إن المشروع ستكون له انعكاسات على العلاقات مع الصين، ويتعارض مع "شراكة القيم" بين ألمانيا واليابان.

وزارت ميركل اليابان بداية شهر فبراير الفائت بمناسبة دخول اتفاقية التجارة الحرة بين اليابان والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ، ووصفت الاتفاقية بأنها "فرصة جديدة في كل اتجاه"، وتريد بذلك إظهار القيمة المتبادلة للاتفاقيات المتعددة الأطراف.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية