رئيس التحرير
عصام كامل

د. نورا عبدالعظيم تكتب: مبدعات أثَّرن في القارة الأفريقية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


كرمت المرأة في جُل الكتب المقدسة، وأحاطتها العناية الإلهية بعناية خاصة، كذلك فقد حمل شهر مارس من كل عام العديد من الاحتفالات والفعاليات الخاصة بالمرأة، ابتداء باليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس، ثم الاحتفال بذكرى إنشاء المجلس القومي للمرأة في الحادي عشر من مارس، ثم السادس عشر من مارس، وهو يوم المرأة المصرية، حيث ذكرى انتفاضة المرأة المصرية مطالبة بالحرية والعدالة، ثم عيد الأم في الواحد وعشرين من مارس من كل عام.. كل هذا بالتزامن مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي عام 2019.

لذا رأينا أنه من واجبنا إلقاء الضوء على دور المرأة الأفريقية، ومن قمن منهن بدور بارز في المجتمع، وأثَّرن في الحياة العامة، وحركات التحرر الوطني لبلدانهن في أفريقيا الحديثة، مرورا بتجارب الملكات والأمهات الملكات في التاريخ الأفريقي بمجمله، ومنهن على سبيل المثال:

ملك حفني ناصف: أديبة مصرية وداعية للإصلاح الاجتماعي، وتعتبر أول داعية لتحرير وإنصاف المرأة المصرية في أوائل القرن العشرين.. وُلِدت في حي الجمالية بالقاهرة عام ١٨٨٦م، وهي كُبرى سبعة أبناء للشاعر المصري حفني ناصف القاضي.

بدأت تعليمها في المدارس الأجنبية، ثم التحقت بالمدرسة السنيَّة حيث حصلت منها على الشهادة الابتدائية عام ١٩٠٠م، ثم انتقلت إلى قسم المعلمات بالمدرسة نفسها.. كانت أولى الناجحات في عام ١٩٠٣م وبعد تدريب عملي على التدريس مدة عامين تسلَّمت الدبلوم عام ١٩٠٥م عملت مدرّسة في القسم الذي تخرجت منه في المدرسة السنيَّة، ثُم تزوجت بعدها في عام ١٩٠٧ بأحد أعيان الفيوم.

لقبت بـ"باحثة البادية"، تم إطلاق اسمها على العديد من المؤسسات والشوارع في مصر تقديرًا لدورها في مجال حقوق المرأة، حيث كانت أول امرأة مصرية جاهرت ودعت لتحرير المرأة، والمساواة بينها وبين الرجل.

لها عدة مقالات تحت اسم مستعار وهو "باحثة البادية"، نُشرت في جريدة "الجريدة"، ثم جمعتها في كتاب أسمته (النسائيات).. طُبِع الجزء الأول منه، وظل الثاني مخطوطًا، ولها كتاب آخر بعنوان (حقوق النساء)، حالت وفاتها دون إنجازه.. كتبت عنها الأديبة اللبنانية مي زيادة، ولما توفيت رثاها الشعراء أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وخليل مطران.

لطيفة النادي: أول كابتن طيار مصري.. فتاة مصرية حملت في صدرها قلب أسد وجسارة فارس.. لم تكن أسيرة تقاليد وأعراف؛ ففي عامها السادس والعشرين كانت تعد أول امرأة تحصل على إجازة الطيران عام 1933، وكان رقمها 34 (أي لم يتخرج قبلها من مدرسة الطيران المصرية سوى 33 طيارًا فقط جميعهم من الرجال)، وبذلك تصبح أول فتاة مصرية عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة.

علاوة على ذلك، تعد لطيفة أول امرأة مصرية تقود طائرة بين القاهرة والإسكندرية، وثاني امرأة في العالم تقود طائرة منفردة في وقت كان يخاف الرجال فيه من العربات.. إذ تمكنت من الطيران بمفردها بعد ثلاث عشرة ساعة من الطيران المزدوج مع (مستر كارول) كبير معلمي الطيران في المدرسة في مطار ألماظة فتعلمت في 67 يومًا.

سهير القلماوي: ولدت في طنطا، ودرست في المدرسة الأمريكية للبنات هناك، ثم أقدمت على تسجيل اسمها للدراسة بجامعة فؤاد الأول مع بعض الفتيات الأخريات في سابقة كانت الأولى من نوعها.

وفى عام 1929 كان وجود فتاة واحدة بين 14 رجلًا يدرسون في كلية الآداب في جامعة فؤاد الأول أمرًا غريبًا، ولكن سهير لم تعرِ نظرات الاستغراب التفاتًا، وتفوقت على جميع زملائها في كل سنوات الدراسة لتصبح من أوائل المصريات اللاتي تخرجن من الجامعة وحصلن على درجة الماجستير، وكانت هي أول من حصلت منهن على الدكتوراه التي كان موضوع البحث فيها عن رواية "ألف ليلة وليلة"، ذلك الكتاب الذي واجه هجومًا ضاريًا بعد ذلك بعقود بدعوة أنه منافٍ للأخلاق.

في عام 1956 أصبحت سهير القلماوي أستاذًا للأدب العربي المعاصر، ثم رئيسة لقسم اللغة العربية بكلية الآداب في الجامعة العريقة ولمدة تسع سنوات.

أعجب عميد كلية الآداب آنذاك، الدكتور طه حسين، بحماسها وشجعها وساعدها أن تكتب في مجلة الجامعة المصرية، وما لبثت أن أصبحت محررة بها لتبدأ بعد ذلك مسيرة طويلة في عالم الكتابة والصحافة.

انضمت القلماوى للبرلمان المصري عام 1967، وشاركت في تأسيس معرض الكتاب، فقد أرادت أن تكون أعمال الأدب العالمي متاحة أمام جميع المصريين، وشجعت إقامة عديد من المكتبات والمشروعات التي عنيت بترجمة كلاسيكيات الأدب العالمى وتوفيرها في طبعة شعبية لتصبح في متناول الجميع، وكانت هي أيضًا من قدمت الأدب المصرى المعاصر كفرع من فروع الدراسة بكلية الآداب التي سيطر عليها، ولا يزال، الأدب العربى الكلاسيكى.

إلين جونسون سير ليف الرئيسة السابقة دولة ليبيريا: وُلِدَت عام 1938.. درست العلوم الاقتصادية من عام 1948، لغاية عام 1955 في كلية غرب أفريقيا.. تزوجت من جيمس سير ليف، وسافرت معه إلى الولايات المتحدة عام 1961 لمواصلة دراستها في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية، وفي عام 1971 عادت إلى وطنها للعمل في حكومة وليام تولبرت.

وبدأت سيرليف مشوارها في الحكومة الليبيرية في منصب مساعدة وزير المالية، ووصلت إلى منصب وزيرة المالية أثناء حكم تولبرت منذ عام 1979 حتى الانقلاب العسكري في السنة التالية حينما غادرت وانتقلت سيرليف إلى واشنطن حيث عملت في البنك الدولي وفي بنوك أخرى وفروعها في الدول الأفريقية.

يعتبر وصولها لرئاسة ليبيريا عبر الانتخابات الرئاسية التي عرفتها البلاد في عام 2005 بمثابة منعطف كبير نحو نوع من الثورة الهادئة على صعيد القارة الأفريقية كلها؛ ذلك أنها كانت هي المرّة الأولى التي تصل فيها امرأة إلى هذا المنصب الرفيع خلال التاريخ الأفريقي المعاصر الذي تميّز بسيطرة ذكورية واضحة على الحياة السياسية.

الجريدة الرسمية