رئيس التحرير
عصام كامل

إحسان عبد القدوس يكتب: أين يقف الغرب منا؟

إحسان عبد القدوس
إحسان عبد القدوس

ما هو موقف الغرب منا؟ السؤال يجيب عنه الأديب إحسان عبد القدوس في مجلة روز اليوسف عام 1959 يقول:
السؤال يحتاج إلى كتاب يشرح تاريخ الغرب معنا ومصالحه الاقتصادية في منظقتنا واستغلاله الطويل لنا.


وقبل أن نستعرض موقف الغرب منا يجب أن نقرر حقيقة ثابتة تقوم عليها سياسة الجمهورية العربية وهى أنه ليس بيننا وبين أي دولة معركة مذهبية.

ونحن لا نعترض على اعتناق الروس الشيوعية أو الشعب الأمريكى مبادئ الرأسمالية، أو ينقسم البريطانيين بين رأسمالية محافظة، واشتراكية عمال، أو يعتنق الشعب الهندى الاشتراكية الهندية.
 
لكننا نقاوم ونحارب أية دولة تحاول الاعتداء علينا على حريتنا وسلامتنا، وعلى حقنا في اختيار مذهبنا وإيماننا.

نحن لا نحارب الرأسمالية داخل بريطانيا أو أمريكا لكننا نحارب الرأسمالية الدولية لأنها تعتدى علينا وتستغلنا وتمتص دماءنا.. نحاربها إلى أن تحترم حريتنا وتحترم سلامنا، ليس حريتنا وسلامنا فحسب بل حرية وسلام كل الشعوب.

فنحن نحارب الرأسمالية عندما تصبح استعمارا.. وهذا هو الأساس الذي تقوم عليه علاقاتنا مع الغرب.

ومنذ أن قامت ثورتنا ونحن نحاول أن نتحرر سياسيا واقتصاديا وقد استطعنا أن نتحرر فعلا رغم أنف دول الغرب إلى أن وصلنا إلى تأميم القنال.

وجن جنون بريطانيا فتعاونت مع فرنسا وإسرائيل واعتدت علينا عسكريا، واستطعنا أن نصد الاعتداء وأن نحمى حريتنا وكرامتنا.

ولم تقر الولايات المتحدة هذا الاعتداء وأعلنت ذلك في جلسات الأمم المتحدة، لكن اعتراض الولايات المتحدة على اعتداء بريطانيا وفرنسا كانت تعد لنا اعتداء آخر ففرضت علينا الحصار الاقتصادى الذي اشتركت فيه كل دول الغرب تقريبا.

وفشل الحصار الاقتصادى وأصبح الخطر الذي يواجه الاستعمار خطرا أكبر فهو ليس مجرد دولة تحررت بل هناك ثلاث صور للخطر، فإن نجاح الثورة المصرية أصبح وحيا لكل الجيوش الخاضعة للاستعمار أن تتحرك للتحرر.

كما أن تحرر مصر الاقتصادى والسياسي فتح أبواب التعاون مع روسيا، مما أثار في نفوس الغربيين الخوف من التغلغل الشيوعى.

في النهاية وضع الاستعمار خططا للمواجهة الأولى: افتعال انقلابات عسكرية يقوم بها قادة متعاونون مع الاستعمار يحملون نفس شعارات عبد الناصر ويحاولون إيجاد صداقة مع الثورة المصرية كما حدث في باكستان، وفشلت الخطة.

الثانية: محاولة عزل الثورة المصرية وعزل مصر عن البلاد العربية حتى لا تنطلق القومية بإقامة حكومات رجعية في سوريا والعراق والأردن، وفشلت.

الثالثة: إن الساسة الإنجليز يعتقدون أن الخطر الأول في المنطقة هو القومية العربية بينما الأمريكان يرونه في التغلغل الشيوعى إلى أن قامت ثورة العراق، وتحرك السفارة البريطانية في اتجاه عزل العراق عن القومية العربية حتى انها استغلت الحزب الشيوعى العراقى في مناهضة القومية العربية.
الجريدة الرسمية