رئيس التحرير
عصام كامل

عميد كلية الدراسات الأفريقية: مصر في المرتبة السادسة أفريقيًا بمؤشر الدول الجاذبة للاستثمار

فيتو

تزخر القارة الأفريقية بجميع مقومات الاستثمار في جميع المجالات، كما تشهد إصلاحات اقتصادية كبيرة، وتبنت العديد من الدول إجراء حزمة ضخمة من التيسيرات للمستثمرين، خاصة دولا مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا، فضلًا عن توافر الأسواق على السواحل المختلفة، وتميز القارة السمراء بموقعها الإستراتيجي، واستغلال الدول المختلفة للعديد من الفرص، وحققت الاستثمارات المصرية في أفريقيا في عام 2018 ارتفاعًا ملحوظًا، حيث ازدادت بنحو 1.2 مليار دولار، ليبلغ إجماليها نحو 10.2 مليار دولار، فيما بلغت الاستثمارات الأفريقية في مصر نحو 2.8 مليار دولار.. هذا ما أكده الدكتور محمد نوفل، عميد كلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة لـ"فيتو"، موضحًا أن حكومات الدول الأفريقية عملت على إيجاد بيئات استثمارية ملائمة، فعملت على مراجعة الاتفاقيات المختلفة، وسن العديد من التشريعات التي تشجع الاستثمار، لذلك أفريقيا قارة متعطشة للاستثمارات، ومصر جديرة بقيادة القارة السمراء اقتصاديا واستثماريا، وإلى نص الحوار...


- تزامنًا مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي.. ما الفرص المتاحة للاستثمار في أفريقيا؟
دول أفريقيا جميعها تزخر بالموارد البشرية المتعددة، لكن ينقصها التدريب والتأهيل والتطوير، فضلًا عن كثرة الموارد المعدنية والنفطية والزراعي، والسمكية أيضًا، والمساحات الشاسعة من الغابات، لكن ومع الأسف هذه الموارد ليست جاهزة بشكل يجعلها مؤهلة للاستثمار 100% لكنها تمثل مجالات استثمارية قوية، بجانب فرص أخرى متاح بها الاستثمار مثل بناء الطرق والسكك الحديدية والمطارات والموانئ وتوليد الكهرباء، ومساحة قارة أفريقيا الكلية نحو 30 مليون كيلو متر مربع، وتمتلك أكبر مخزون من الثروات والمعادن الإستراتيجية، فمن بين 50 معدنًا مهمًا في العالم يوجد 17 معدنا منها في أفريقيا ومنها "الكوبلت، الماس، الذهب، المنجنيز، الفوسفات، البلاتين، التيتانيوم".

- ما عدد الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة مع دول أفريقيا وما أهمها؟
تمتلك مصر العديد من الاتفاقيات التي تحاول من خلالها تفعيل العلاقات الاقتصادية، سواء من خلال اتفاقيات تجارية كالتي مع أوغندا، وإثيوبيا، والسودان، والكونغو، واتفاقيات لمشروعات كبرى كالتي في أوغندا وتنزانيا، إضافة إلى العديد من الاتفاقيات الخاصة بتمويل مشروعات تنموية، وقوافل رعاية، واتفاقيات قارية كالتي تحت رعاية الاتحاد الأفريقي تتعلق بالمنطقة الاقتصادية، ومنطقة التجارة الحرة، وعدد من الاتفاقيات التي تتعلق بتنظيم النواحي الاقتصادية التكاملية على مستوى القارة، وإن كانت بعض الاتفاقيات لا يتم تفعيلها.

- ما الدول المؤهلة لاستقبال الاستثمارات المصرية وما يميزها؟
وفقًا لتقارير بنك التنمية الأفريقي تعتبر جنوب أفريقيا من أكبر الدول المؤهلة لاستقبال الاستثمارات، فضلا عن دول مثل الكونغو الديمقراطية، وتنزانيا، وكينيا، وأنجولا، وموزمبيق، من الدول الرئيسية في الجذب الاستثماري.

- ما أولويات الاستثمار في القارة السمراء؟
منذ بدايات القرن العشرين تشير التقارير الدولية إلى أن أفريقيا شهدت تغيرًا، حيث أصبحت الاستثمارات بها لا تقتصر على قطاعات إنتاج المواد الأولية، بل أصبحت أكثر تنوعًا، حيث ارتفعت نسبة الاستثمارات بقطاعات الصناعة والخدمات والبنى التحتية والتكنولوجيا والطاقة المتجددة والزراعة بالطبع، فضلا عن الفرص الهائلة للاستثمار في الثروة الحيوانية وبناء مصانع السيارات، كما أن أفريقيا غنية بالاستثمارات في مجالات الطاقة ومصادرها، فبالرغم من ضخامة الطاقة الكهرومائية الكامنة الهائلة في أفريقيا، والتي تناهز 1750 تيراواط/ساعة، ورغم إمكان ضمان أمن الطاقة من خلال توليد الطاقة الكهرومائية، لا يُستغل حاليًا منها سوى 5%.

- ما السبب في عدم استغلال مصر للفرص الاستثمارية في أفريقيا؟
غابت مصر عن أفريقيا لفترات طويلة؛ بسبب التغيرات السياسية التي كانت تمر داخل الدولة المصرية، وكذلك سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية، ومع وصول الرئيس السيسي إلى مقاليد الحكم في البلاد عادت مصر للاهتمام بالقارة، وهو اهتمام وليد يحتاج إلى التفعيل، وإلى إرادة سياسية فاعلة، ووضوح رؤية عامة تعمل داخلها القطاعات الخاصة والعامة في دول القارة، ما يمكن أن يواجه تحدي التنافس الخارجي.

- ما الاتفاقيات المعطلة بين مصر ودول أفريقيا ويجب تفعيلها فورا للاستفادة منها؟
لا توجد اتفاقيات معطلة، بمعنى أنه لا يوجد تعطيل متعمد، ولكن هناك افتقادا لأهمية العمل الجماعي داخل القارة، وهو ما تعمل مصر عليه حاليا، أن يتم تفعيل الإرادة العامة الجماعية، خاصة ما يتعلق بالسوق المشتركة ومنطقة التجارة الأفريقية.

- هل بيئات الدول الأفريقية ملائمة لاستقبال الاستثمارات؟
أفريقيا قارة واعدة ومن أهم مناطق جذب الاستثمار، وذلك يعود إلى عدة أسباب من أهمها تخطي معدلات النمو في الكثير من الدول نسبة 10% وتنوع الهياكل الاقتصادية، وكبر حجم السوق الأفريقي، ووفرة الموارد الطبيعية، حيث تمتلك القارة السمراء احتياطات بترولية تتراوح بين 7% إلى 9% من إجمالي الاحتياطات البترولية العالمية، ونسبة 35% من الأراضي صالحة للزراعة ويُستغل منها 7% فقط.

– ما أهم التحديات التي تواجه الدول الأفريقية في جذب الاستثمارات؟
أولها وأهمها على الإطلاق غياب الاستقرار السياسي، وانتشار الصراعات والحروب الأهلية وتجارة السلاح والنزعات القبلية وانعدام الحوار، ما يؤدي إلى عدم استقرار اقتصادي ويؤثر ذلك بالطبع على عدم استقرار أسعار الصرف ومشكلات البنية التحتية وضعف العمالة، كما تعاني بعض الدول الأفريقية من تخبط تشريعي وتغيير القوانين كل فترة مما يؤثر سلبا على تدفق الاستثمارات.

- ما الدول التي تقود حركة الاستثمارات في أفريقيا؟
يوجد اليوم تنافس عالمي محموم على الاستثمار في القارة الأفريقية، وفي مقدمة الدول التي تصارع الجميع للفوز بأكبر نصيب من كعكة أفريقيا هي الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تمتلك رءوس الأموال وجميع الإمكانيات اللازمة للاستثمار في دول أفريقيا المختلفة، فضلا عن التكنولوجيا والأدوات المتقدمة، ثم يأتي بعدها فرنسا والصين وروسيا وإيران وتركيا وماليزيا والهند وكوريا وتايوان والبرازيل، وتسيطر كل من بريطانيا وفرنسا على التجارة في مستعمراتهم الأفريقية السابقة، وتستهدف البرازيل الدول الناطقة بالبرتغالية، والهند بدأت أيضا توسع نفوذها في العديد من المناطق الأفريقية، ومؤخرًا هناك الإمارات والسعودية، ومصر، كما تتمتع دول الخليج بخبرات واسعة بالقارة السمراء حيث تقود الإمارات اليوم الاستثمارات في الجنوب الأفريقي، وتتركز نسبة كبيرة من استثمارات دول الخليج في القارة السمراء في الزراعة لتأمن نفسها غذائيَا، وستتخطى فاتورة واردات دول مجلس التعاون الخليجي 54 بليون دولار بحلول عام 2020.

- ما الدول الأكثر جذبًا للاستثمار بالقارة السمراء؟
أكدت التقارير الدولية مستندة إلى مؤشر ريادة الأعمال العالمي لعام 2018، أن هناك 10 دول أفريقية تأتي على رأس قائمة الدول الجاهزة للاستثمار طبقًا لمدى توفر البيئات الصالحة للأعمال والاستثمارات، وتصدرت تونس القائمة، وثانيا بتسوانا ثم كل من جنوب أفريقيا وناميبيا والخامسة المغرب، واحتلت مصر المرتبة السادسة، وبلغ معدل توفر البيئة الصالحة للأعمال والاستثمارات بها 25.9%، تلتها الجزائر، واحتلت رواندا المرتبة الثامنة ثم غانا ثم نيجيريا.

- ما حجم التبادل التجاري مع مصر وكيف يمكن تنميته؟
من العام للعام العلاقات التجارية بين مصر ودول القارة الأفريقية في تقدم وتطور مستمر، خاصة على مستوى الصادرات المصرية، حيث شهدت صادرات مصر للقارة السمراء ارتفاعات متتالية على مدار السنوات الماضية تحديدًا في الـ3 أعوام الأخيرة "2016، 2017، 2018"، وطبقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يؤكد أن حجم التبادل التجاري بين مصر وأفريقيا نحو 6.2 مليار دولار خلال العام 2018، بارتفاع 26.1% عن العام 2017، بحجم صادرات تصل لنحو 4.2 مليار دولار، وواردات 2 مليار دولار.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
الجريدة الرسمية