رئيس التحرير
عصام كامل

غضب في الأوساط الدينية بعد انتشار «ترند جاء أعرابي».. مبروك عطية: دجل وشعوذة.. أحمد كريمة يوضح سبب انتشار اللفظ في الأحاديث الشريفة.. ومختار مرزوق: حملات ممنهجة ضد السنة النبوية

مبروك عطية
مبروك عطية

سيطرت حالة من الغضب بين الأوساط الدينية، بعد انتشار موجة من السخرية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين تجاه أحد الألفاظ المستخدمة كثيرًا في رواية الأحاديث النبوية أو الأحكام الفقهية وهي قول «جاء أعرابي» أو «سأل أعرابي» حيث ادعى أصحاب حملات السخرية تلك أن الكثير من علماء الأحاديث والفقهاء كانوا يمارسون نوعًا من «الاستسهال» في رواية الأحاديث أو الحكم الشرعي وبدلًا من ذكر سند الحديث بشكل كامل يكتفى بقول «جاء أعرابي» دون تحديد بيانات أو صفات هذا الشخص.


«فيتو» بدورها فتحت النقاش مع عدد من علماء الأزهر الشريف للتعليق حول الواقعة ومعرفة سبب تَكرار لفظ «جاء أعرابي» في السيرة النبوية وكذلك معرفة الشروط التي متى توافرت صحة الواقعة.

دجل وشعوذة
من جانبه قال الداعية الإسلامي الدكتور مبروك عطية، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر: إن العلماء يعرفون أن علم الحديث هو العلم الذي «نضج واحترق» بمعنى لم يعد فيه مجال للكلام من حيث إثبات الصحة والضعف والوضع بالنسبة للأحاديث فقد قتل الأمر بحثا وبات معروفًا سند كل حديث ودرجة صحته، مشيرًا إلى أنه حتى في الدراسات العليا سواء في مرحلة الماجستير أو الدكتوراه إن هي إلا رسائل في دراسة نوع معين من نوع الحديث في كتاب من كتب السنة.

وأضاف «عطية» في تصريحات خاصة لـ«فيتو» أن من أراد أن يستفيد من السنة النوبة التي هي المصدر الثاني للتشريع فليفكر في المعاني، لا أن يتحدث ويذكر مثل قول «جاء أعرابي» ليسخر من السُّنة قائلا: «فهذا يعتبر عابسا لاهيا وقد يسبب فتنة هي أشد وأكبر من القتل وليتق الله عز وجل مع من يتعامل، مع الحديث النبوي وعلينا ألا نتركه دون تعليق حتى لا يأتي على الناس زمان يسخرون من كتاب الله تعالى».

وأوضح عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر أن هذه الحملة من السخرية تعتبر من باب الدجل «وكلام فارغ»، موضحًا أن كثرة ورود لفظ جاء أعرابى في الأحاديث هو أن صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا يفرحون بهم لأنهم أهل جرأة على السؤال فالأعرابى يسأل والصحابة أجمعين يستفيدون.

حملة ضد السنة
من جانبه يرى الدكتور مختار مرزوق العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بفرع أسيوط، أن الحملات على السنة لن تنقطع ولن تنتهى، وذلك لأن هذه الحملات يقودها رجال ينقسمون إلى قسمين أولهما الحاقدون على السنة المشرفة الذين يطعنون فيها آناء الليل وأطراف النهار، والقسم الثاني منهم هم الجهلة الذين يأخذون كلام «الحمقى» ويرددونه دون وعي وينتج عن ذلك ما نراه هذه الأيام وغيرها من الهجوم والسخرية على السنة المشرفة.

وأوضح «مرزوق» لـ«فيتو» أن موضوع «جاء أعرابي» تتلخص في أن القضية ببساطة أن أعرابيا قدم من مكان بعيد وسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- سؤالا وتكرر هذا الأمر كثيرًا وكان الصحابة يعجبهم أن يأتى الرجل الأعرابي ليسأل النبي عن أمور الدين وبذلك يستطيعون معرفة الكثير من الأحكام الشرعية، من خلال الإجابة على هذه التساؤلات، موضحًا أنه فيما يخص معرفة من هو هذا الأعرابي وما تاريخه فهذا لن يفيد في شيء وإنما ما يهمنا هو معرفة الكلام والنصوص التي وردت في هذه الوقائع، وأن هذا هو فحوى القصة فيما ورد عن تَكرار لفظ "أعرابي" في الكثير من الأحاديث.

وأوضح أن المعول عليه هو في الحكم على صحة رواية «جاء أعرابي» أن يكون السؤال من الأعرابي والجواب من النبي –صلى الله عليه وسلم- والرواية للصحابة مع صحة السند، مشددًا على أنه إذا توافرت تلك الشروط فإن الواقعة تكون صحيحة ولا عبرة للسؤال عن الأعرابي من هو ومن أي البلاد. 

وتابع: أنه يجب على مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعى أن يتجنبوا الإساءة بعلماء الأمة وخاصة علماء الأحاديث لأنهم هم الذين وكلهم الله تعالى للدفاع عن السنة، موضحًا أن من الأشياء التي توجه إلى العرب أن النقد الذي يتم عبر الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي أن يكون النقد ليس موضوعى وإنما نقد ذاتى ومن المفترض أن ينتقد كلام العالم وليس ذاته.

خصائص الأئمة
من جانبه قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن علم الحديث النبوي ينقسم إلى نوعين "رواية" يتعلق بالسند الخاص بالحدث" و"دراية" يتعلق بنص الحديث، مشيرًا إلى أنه فيما يتعلق بالرواية فقد وضع العلماء شروطًا فيما يعرف بالتوثيق المبكر للحديث النبوي الشريف فاشتطروا التقاء الراوي والمروي عنه، كما أن الإمام البخاري اشترط أن يكون الراوى التقاء بالمروي عنه.

وأشار إلى أن ممن اختصت به الأمة المسلمة في الأحاديث هو السند و"العنعنة" وهي قولهم رواية فلان عن فلان عن فلان، موضحًا أن سبب تَكرار لفظ جاء أعرابي، هو أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يلقون الأسئلة على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- هيبة وإجلالًا، وكانوا يتطلعون لمجيء أعراب "وهم سكان البادية" يستفسرون من النبي عن أشياء تخص أمور دينهم، مؤكدًا أن التعبير هو حقيقي بمعنى أن مجيء أعرابي لسؤال النبي – صلى الله عليه وسلم.

وأوضح عضو هيئة التدريس بالأزهر أن على الناس إرجاع الأمور إلى علماء التخصص، مشددًا أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت أضرارها أكبر من نفعها وفتحت باب الاجتراء على العلماء كما أنها أصبحت سلاحا للتشهير.
الجريدة الرسمية