رئيس التحرير
عصام كامل

وثائق سرية تكشف فضائح الـ«C I A» مع تجار المخدرات ومافيا الاغتيالات.. المخابرات الأمريكية تتعاون مع داعش.. تجند ساقطات لفضح الحكام.. تدفع بعملائها لقتل أعداء الجهاز.. وتمد الإرهابيين بالمخدر

فيتو

تجيد الإدارات الأمريكية لعبة «الكراسي الموسيقية وتقسيم الأدوار»، ولعل ما يحدث داخل إدارة الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، خير دليل على استمرار واشنطن في استخدام السياسة تلك، ففي الوقت الذي يهاجم فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكسيك، ويقول إنها السبب الرئيسي لجلب المخدرات للولايات المتحدة، ويخوض معارك ضد الديمقراطيين من أجل بناء الجدار الحدودي الذي سيوقف الشر القادم لبلاده، على حد قوله، تدير وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي إيه» عالما كاملا من الجريمة المنظمة بالتعاون مع كبار عصابات المخدرات على مستوى العالم من أجل تسيير مصالحها وإجراء صفقات مشبوهة تعود بالربح على الحكومة الأمريكية وتنفيذ اغتيالات بالوكالة والحصول على معلومات سرية عن المسؤولين والحكومات، دون أن تلوث ثوبها بشيء من ذلك.


الجريمة المنظمة
وذكرت مجلة «كاونتربنش» اليسارية الأمريكية، في تقرير لها بعنوان تحت عنوان «سي آي إيه.. 70 عاما من الجريمة المنظمة»، أن المخابرات الأمريكية تتاجر في المخدرات وتمد بها ضباط إنفاذ القانون من أجل تهريب بعض الأشخاص على الحدود.

وقالت المجلة الأمريكية: كشفت تحقيقات أجراها عدد من الباحثين والصحفيين في التسعينيات واطلع عليها مجلس النواب أن المخابرات الأمريكية كانت تهرب المخدرات بعد عام 1949 لبعض الجنرالات خلال الحرب الكورية مقابل الحصول على معلومات استخباراتية، وفي عام 1961 تم اتهامها بتهرب الهيروين والأفيون لدولة لاوس الواقعة على الحدود مع ميانمار خلال الحرب الفيتنامية، ونقله على متن طائرات تابعة للخطوط الجوية الأمريكية، وكان ردها على كل ذلك أنه قانوني بحكم عملها من أجل مصلحة الأمن القومي، في حين حاولت إخفاء بعض جرائمها بالقتل ففي أكتوبر 2013.

تهريب المخدرات
قال اثنان من العملاء الفيدراليين إن عناصر من «سي آي إيه» تورطوا في عملية خطف وقتل عميل سري في وكالة مكافحة المخدرات، يدعى إريكي كامارين، من أجل التستر على جرائمهم بشأن تهريب المخدرات، وأكد على ذلك المتحدث باسم حكومة ولاية تشيهواهوا في شمال المكسيك بقوله إن «سي آي إيه» تدير شبكة كبيرة تهريب المخدرات داخل أمريكا وخارجها.

وتابعت الصحيفة الأمريكية: لا يمكن لأحد أن ينسى الفضيحة التي سربتها ونشرتها جميع الصحف العالمية، حول تورط المخابرات الأمريكية في تهريب الكوكايين وإدخاله للولايات المتحدة، خلال حكم الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان، ففي عام 1986 أقر المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية، بأن الأموال من مبيعات الكوكايين المهربة إلى أمريكا ساعدت في تمويل متمردي الكونترا ضد حكومة نيكاراجو خلال الحرب التي كانت دائرة بينهم في ذلك الوقت.

وأكملت: تربط الوكالة الاستخباراتية علاقات قوية مع كبار تجار المخدرات على مستوى العالم، ففي 2012، كشف موقع «ويكيليكس» أن الحكومة الأمريكية و«سي آي إيه» تربطهما علاقات وثيقة بواحد من كبار تجار المخدرات بالمكسيك، ويدعى كارلوس سليم واشتركا معه في عمليات ضخمة لتهريب المخدرات، وكذلك فيليكس جالاردو، المعروف بـ«بيل جيتس الكوكايين» وهو الأب المؤسس لعصابات المخدرات المكسيكية وساعد المخابرات الأمريكية في اغتيال إريكي كامارين، الذي تم خطفه وتعذيبه وقتله عام 1985.

ولفت التقرير ذاته الانتباه إلى أن «صحف مكسيكية ذكرت في 2014، أن الحكومة الأمريكية في عهد الرئيسين السابقين باراك أوباما وجورج دبليو بوش، عقدت اتفاقية سرية مع المجرم كارتل سينالوا المكسيكي، من أجل الحصول على معلومات سرية عن المنظمات الأخرى مقابل السماح له بتهريب أطنان من المخدرات للولايات المتحدة وإسقاط الجرائم الموجهة ضده، بمساعدة الاستخبارات الأمريكية.

الاغتيالات
وأوضحت التحقيقات أن «سينالوا» كان المفضل لدى عملاء المخابرات الأمريكية لتحقيق أهدافهم السياسية، والتي شملت التخلص من منافسي المسئولين الأمريكيين والحصول على معلومات حساسة عنهم.

وأضافت التحقيقات أن حكومة أوباما عقدت اتفاقا مع كبار رجال المخدرات بالمكسيك لتنفيذ برنامج يدعى «جان راننج» لتسليح العصابات المكسيكية على نفقة دافعي الضرائب الأمريكيين، كما تبين أن الأسلحة التي كانت تقدمها السلطات الأمريكية للحكومات المكسيكية والكولومبية والأفغانية تتم بالتعاون مع سينالوا، وأكد ذلك ضابط سري بالوكالة المخابراتية يدعى ليندسي موران، مشددا على أن الوكالة لها علاقات عميقة مع تجار المخدرات.

وأضاف الضابط السري: كشف كتاب بعنوان «كذبة أكبر من أن تسقط» للكاتب الأمريكي ليزا بيز أن المخابرات الأمريكية جندت عميلا لها كان على صلة بكبار عصابات المخدرات بالمكسيك من أجل تأجير مافيا لقتل الزعيم الكوبي فيدل كاسترو وتسليط الساقطات على الرؤساء للإيقاع بهم، واغتيال السياسي والسيناتور الأمريكي روبرت كينيدي عام 1986، بسبب معارضة الأخير للاستخدام الأمريكي الموسع للطاقة النووية، وذلك بالاعتماد على تسجيلات مسربة من «سي آي إيه».

كما شددت الصحيفة الأمريكية على أن «الوكالة الاستخباراتية لا تقوم بتهريب المخدرات فقط، بل تعمل على تصنيعها أيضا وتجربتها على المعتقلين، فذكر مركز اتحاد الحريات الأمريكية المدنية أن (سي آي إيه) تُصنع المخدرات وأبرزها الهيروين وكذلك الأدوية التي بها مخدرات وتجربتها على المعتقلين للتعرف على مفعولها ضمن برنامج (يسمى "إم.آي.آر.آر.تي)، وكشف الوثائق المسربة عن عملاء من الوكالة الاستخباراتية عن مقتل بعض المسجونين، من تعاطي المخدرات المجربة عليهم أو استخدام آخرين في عمليات تطلبها منهم المخابرات بعد تهريبهم».

التعاون مع القاعدة وداعش
وكشف التقرير أن «وكالة الاستخبارات الأمريكية سعت أيضا لمد تنظيمي القاعدة وداعش بالمخدرات، فأوضحت شبكة فولتير الفرنسية، أن رئيس إحدى عصابات المافيا البلغارية، ويدعى بواكو بوريسيف، الذي شغل منصب رئيس الوزراء البلغاري عام 2014، مد التنظيمين الإرهابيين في ليبيا وسوريا بالمخدرات، بطلب من (سي آي إيه)، حيث كانت المنظمة المخابراتية من أهم عملاء المافيا التابع لها بوريسيف وتدعى (إس آي سي) وكانت الاتصالات تتم بينهما عن طريق السفير الأمريكي السابق بلغاريا، جون بيرل، والذي قدم بوريسيف على أنه على علاقة بأكبر عصابات المخدرات ببلغاريا».

وأضاف التقرير «تعتبر المخابرات الأمريكية هي المسئولة عن انتشار المخدرات بأفغانستان بنسبة كبيرة، وأكدت الرابطة الثورية الأفغانية أن الوكالة المخابراتية تواصل تهريب المخدرات لأفغانستان لتمويل الجماعات المتقاتلة بها وكسب ولائهم، موضحة أنه على مدى الـ10 سنوات الماضية، حصلت الجماعات المسلحة على نحو 3 مليارات دولار من الحكومة الأمريكية».

وتابع «كما كانت المخابرات الأمريكية على علاقة بوالي كرزاي وهو أحد أكبر مهربي المخدرات بأفغانستان، وتمكت بمساعدته من تهريب كميات كبيرة من المخدرات من الدولة المتناحرة لداخل أمريكا ودول أخرى، كما أن هناك علاقات مشبوهة بين المخابرات الأمريكية وحركة طالبان الباكستانية والتي تعتبر أكبر مافيا لإنتاج وتهريب المخدرات داخل إسلام أباد، وقال السيناتور الباكستاني طاهر المشعدي إن وكالة المخابرات الأمريكية استخدمت أموال المخدرات لتمويل برنامج طالبان بباكستان، بمبالغ تصل لملياري دولار».

نقلا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية