رئيس التحرير
عصام كامل

الخصام المقدس

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

موضوعنا اليوم قد يكون غريبًا بعض الشيء، وربما ما يزيد من غرابته هو فكرة العنوان "الخصام المقدس"، فهل يوجد خصام مقدس وخصام غير مقدس، ماذا نعنى بكلمة خصام ؟! وما الفرق بين خصام مقدس أو خصام غير مقدس؟!

حول تعريف كلمة خصام، نجد فريقًا من الناس قام بتعريفها على أنها تعني صراعًا أو نزاعًا تكون نتيجته قطع أواصر الود بين أطراف الصراع، وهناك فريق آخر يعرف كلمة خصام بأنها حالة من حالات اختلاف وجهات النظر بين الناس.

أما عن وصفنا للخصام بأنه مقدس، فسوف نروى قصة جاءت في رواية لجبران خليل جبران تسمى (الناسكان).. تحكى هذه الرواية عن ناسكين كانا يعيشان سويًا في إحدى المناطق البعيدة عن العمران.. لم يكن لديهما سوى وعاء من الفخار يستخدمانه سويًا، إلى أن أتى يوم، وقرر أحد النساك ترك زميله والعودة إلى العالم، وعندما أخبر الناسك زميله بهذا الأمر حزن زميله جدًا، وقال له: هل تتركنى بمفردى بعد هذه الفترة التي قضيناها سويًا؟! 

فأجاب الأول: تلك هي الحياة ولكن قبل أن أرحل أود أن أقتسم معك الوعاء الفخار الذي نمتلكه، فأجاب زميله: أنا لا أريد هذا الوعاء.. خذه أنت فأنا لم أعد بحاجة إليه، فأجاب الناسك الأول: لا لابد أن نتقاسم هذا الوعاء سويًا، لأن هذا هو تركتنا ولا نمتلك أي شيء سواه!

 أجاب الناسك الثاني: كيف نقوم باقتسامه؟! فأجاب الأول وقال: سوف نقوم بكسره وكل منا يأخذ الجزء الخاص به، وبإلحاح من الأول وافق الثانى على اقتراح زميله، لكن الأول ثار جدًا على زميله وقال له: لماذا وافقت على اقتراحى؟! 

فأجاب الثانى وقال له: لأنك كنت تصر على اقتراحك فوافقت.. فرد الأول: كان ينبغى أن ترفض اقتراحى حتى وإن كنت بذلك تختصمنى خصامًا مقدسًا، فلابد أن تعترض على ما أقوله لك مهما كنت مصرًا على ما أقول، فذلك أفضل من أن توافق على شيء خاطئ لم يكسبنا أي شيء ولكن سوف نخسر كلانا.

أما بالانتقال إلى الشكل الثانى للخصام وهو الخصام غير المقدس ولماذا اخترنا له هذا الاسم؟ فتأتى الإجابة لأن نتيجته تكون الضغينة والكراهية فكثيرًا ما نرى أناسًا يتشاجرون، ويزداد الأمر سوءًا بينهم بمحاولة كل منهم تشويه صورة الآخر أمام من يعرفه، لذلك وجب علينا التحذير من الخصام غير المقدس ونتائجه التي لا تجلب سوى المزيد من المشكلات، إن أردنا أن نختصم أحدًا فعلينا البحث عن الطريقة المناسبة للخصام.

وفى النهاية أود أن أوجه رسالة إلى قارئ هذه السطور وأقول له: إن أردت أن تختصم أحدًا اختصم ولا تكره، اختصم ولا تحرض الآخرين على اختصام خصمك، اختصم ولا تقلد، اختصم وتعلم قول الحق مهما كانت النتائج.
Advertisements
الجريدة الرسمية