رئيس التحرير
عصام كامل

كيف تطبق مصر التجربة الألمانية في التعامل مع المخلفات

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

22 عامًا، هو عمر التجربة الألمانية التي تهدف بشكل أساسي تطبيق نظام فصل النفايات، حيث اعتبر الكثيرون آنذاك هذا القرار بمثابة "ثورة خضراء"، فالغاية كانت في بادئ الأمر تصفية المواد القابلة لإعادة الاستعمال حتى لا يتم دفنها أو حرقها، لما في ذلك من مخاطر تهدد التربة ومنابع المياه، وللمحافظة أيضًا على المناخ، ثم تحول الأمر إلى صناعة تدرّ على الاقتصاد الألماني نحو 4 مليارات يورو سنويًا، وإلى مصدر متجدد للطاقة.


الشركات الألمانية
بدأت وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، ووزير التنمية المحلية اللواء محمود الشعراوي، ووزير الإنتاج الحربي اللواء محمد العصار، في عقد بروتوكولات تعاون بين مصر وألمانيا، وبحث سبل التعاون المشترك، وبالفعل تم عقد اجتماع مع مسئولى شركة Black Forest Solution لبحث سبل التعاون المشترك في مجال إدارة المخلفات في إطار زيارة الوفد إلى ألمانيا لنقل وتوطين التكنولوجيا الألمانية للاستفادة منها في وضع نظام متكامل ومستدام لإدارة المخلفات في مصر، وتعد شركة Black Forest Solution من كبرى الشركات المتخصصة في تقديم الخِدْمات البيئية والاستشارية لتطوير منظومة إدارة المخلفات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمختلف الشركات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية من خلال إدارة المشروعات وتقديم دراسات الجدوى والحلول الفنية والعلمية لإدارة المنظومة.

كما عقد الوفد الوزاري اجتماعًا مع شركة RKD وقدمت الشركة عرضا عن نظام تدوير المخلفات في مصر، وتصنيف المخلفات، وتناول خريطة الجمهورية مع التركيز على مصر العليا وبخاصة محافظتي الأقصر وأسوان وذلك لأهمية المحافظين في مجال السياحة، كما تم عرض نموذج لتدوير وإنتاج منتجات تستخدم في صناعة المواسير والأسفلت وكذا نموذج تطوير الورق بمحافظة الإسكندرية مع التأكيد على تحمل الشركات الاستثمارية الكبرى في مجال الصناعات الغذائية والمصنعة للمنتجات البلاستيكية والزجاجية وغيرها لرسوم وضرائب غير مباشرة لكي يتسنى تمويل عمليات تدوير المخلفات في مصر أسوة بدول الاتحاد الأوروبي.

والمفاجأة أن الشركة الألمانية أبدت استعدادها للاستثمار في مصر في هذا المجال، حيث تتوافر الخامات والعمالة منخفضة التكلفة والتي يمكن تدريبها وتساعد في تخفيض التكلفة النهائية للمنتج والذي يمكن أن تصل ما بين ٢٠٠ إلى ٣٠٠ جنيه سعر المتر المربع، مع إمكانية قيام الشركة بتصدير تلك المنتجات إلى السوق الأوروبي والدول العربية والأفريقية، الأمر الذي يعزز من قيمة متحصلات ميزان المدفوعات المصري وتعزيز الشراكات المصرية الألمانية.

إعادة التدوير
تبدأ التجرِبة في مصر من خلال تجميع كل النفايات من المقالب العمومية التي تنقل إليها المخلفات التي يجمعها متعهدو جمع القمامة من المنازل، ثم يتم نقل جميع النفايات عن طريق شاحنات جمع النفايات في مجمع مغلق على عمق 12 مترًا تحت الأرض، ويكون هذا هو المقلب العمومي الذي يمكن للعديد من الناس أن يأتوا بسياراتهم الخاصة لرمي الفضلات التي لا تصلح، كالأجهزة الإلكترونية القديمة.

بعد ذلك يتم نقل هذه الفضلات بواسطة رافعتين تداران من غرفة القيادة في أعلى المجمع إلى ثلاثة أفران كبيرة لحرقها، حيث يتم إحراق عشرة أطنان من النفايات كل ساعة، وهذه الحرارة يمكن أن تستغل كذلك لتسخين المياه التي سينتج عنها البخار لتوليد الكهرباء، أما عن الرماد والرواسب المتبقية بعد عملية الحرق فيمكن تحويلها بطبعها إلى نوع آخر من الأسمنت يستخدم في رصف الشوارع.

إعادة الاستخدام
الفرق بين إعادة الاستخدام وإعادة التدوير هو أن إعادة التدوير تعني تحويل أصل المادة لاستخدامها في عرض آخر غير الذي نشأت عليه أول مرة، أما إعادة الاستخدام فتعني استخدام المادة مرة ثانية بنفس صورتها الأولى، وبالإضافة إلى فصل النفايات بهدف إعادة تدويرها، يسود في ألمانيا نظام إعادة استخدام الزجاجات الفارغة المصنوعة من الزجاج والبلاستيك مقابل مبلغ مالي، وهو ما تنوي مصر تجرِبته أيضا فعند شراء زجاجة ماء أو مشروبات غازية، مثلًا، فإن المشتري يدفع مبلغًا إضافيًا يسترده مرة أخرى عند إرجاعه الزجاجة الفارغة إلى البائع أو إلى إحدى الآلات المخصصة لاستقبال الزجاجات الفارغة، والمنتشرة في المتاجر الكبيرة.

تلوث البيئة
كان السؤال الأهم الذي يدور بذهن مسئولي البيئة عند عرض التجرِبة عليهم هو أنه هل ينتج عن تلك الصناعة دخان ملوث للبيئة والهواء، لكن جاء رد الشركة الألمانية مطمئنا فالدخان المتسرب هو مجرد انبعاثات ناجمة عن الماء المغلي وأنه ليس ملوثًا للبيئة كما يبدو للوهلة الأولى.
الجريدة الرسمية