رئيس التحرير
عصام كامل

نيفين عبد الجواد تكتب: شمس الحياة

فيتو



أشرقت شمس الحياة اليوم على الناس جميعًا مثلما اعتادت كل صباح.. ولكنَّ البعض منهم لم ينتبه لضيائها الذي ملأ الأرجاء بلا استئذان.

وذلك أمرٌ طبيعيٌ فالناس ليسوا كلهم على درجة واحدة من الانتباه في الصحو أو من الانشراح عند الاستيقاظ.. ومع ذلك فالشمس لا تمل من الإشراق، ولا تعتذر عن عدم الظهور حتى إذا حجب أشعتها الضباب.

ومع دبيب الروح في الجسد تدب الحياة التي يسعى الإنسان لفك شفرتها على مدار الأيام.. 

ومع الأيام تتوالى الأحداث التي تأخذ الناس في دوامة متلاحقة الأمواج بلا شطآن.. إلى أن تأتى الرغبة الملحة في هدنة لالتقاط الأنفاس.. وعندئذٍ نرى الحياة بلونٍ مختلفٍ عمَّا ألفناه، ونشم لها عبيرًا تنتعش له الأبدان، وتأخذنا الأفكار لعالمٍ آخرٍ غير ذلك الذي عشناه.. فيكون للتأمل وازعٌ يهفو للعِبرة، ويكون للتدبر دافعٌ يتوق للحكمة. 

وبعد تأملٍ وتفكرٍ لا يستطيع الإنسان سوى التمسك بالحياة حتى وإن اعتراه اليأس منها وعَزم على الفِرار من تحمل تبعاتها.. إنها الغريزة الفطرية القديمة التي تصرخ بلا صوتٍ مسموع مع كل دقة من دقات قلبه: "أريد أن أحيا..."، وهى أيضًا الرغبة حديثة الولادة التي انتفض لها كيانه عندما أدرك ضرورة تمسكه بالحياة عن عمدٍ منه حتى آخر نفس من أنفاسه. 

قد نكون قد عشنا الحياة من قبل بلا أدنى اكتراثٍ منا وبتبعيةٍ مطلقة لما هو سائدٍ ومألوف، ولكن إذا أتتنا الفرصة لنحياها بوعيٍ وإدراك منا فلِمَ لا ننتهز هذه الفرصة لنحياها هذه المرة بحق. 

إن كل ما علينا لنبدأ حياة جديدة بانتباهٍ منا لكل ما نقوم به فيها ليس سوى أن نفكر، وبقليلٍ من التفكير وبمزيدٍ من البحث والتنقيب تتولد لدينا قناعاتنا الفكرية التي ربما يكون منها ما يتطابق مع ما كان لدينا من أفكارٍ سابقة، أو يكون منها ما يحل محل ما اعتقدنا أنه هو الصواب المطلق بينما كنا مخطئين في ذلك الاعتقاد الذي سلمنا به تقليدًا أعمى واتباعًا أبكم فصممنا الآذان عن سماع ما هو مختلف.

وكما قال الأستاذ "خالد محمد خالد"، رحمه الله: "تذكر مع بداية كل يومٍ في حياتك أنه منذ أن أضاءت شمس الحياة بين جنباتك وأنت قد صرت واحدًا من شموعها الكثيرة وحدثًا هامًا وبالغ الأهمية بالنسبة لها".

لذا دعونا نستقبل أشعة شمس الحياة، ونسمح لها أن تنطلق بين جنباتنا، ونسعى لأن تكون حياتنا حدثًا هامًا حتى وإن لم تحتفِ به الإنسانية جمعاء، فسنفخر به نحن إن حسن سعينا ورجونا عليه الثواب.

الحياة شمس يملأ نورها الدنيا..
ونور شمس الحياة أشعته هي الأمل..
ونور الأمل الذي لا يزول لا يكون سوى لحياة لا تنتهي.
Advertisements
الجريدة الرسمية