رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

شاعر وعاشق لـ«ناصر».. قصة أقدم عامل شارك في بناء أول مصنع للسكر بالصعيد (فيديو)

فيتو

على أريكة يجلس رجل يقارب على التسعين عامًا، نحيل الجسد، حفرت على وجه علامات الزمن، يجلس بجواره الأحفاد يطربهم بمربعاته: "يا شمس الضحى لا تغيبي.. خليني أشوف حبيبي.. ولقمة بالملح تحلي ليهم مدام حلال في حلال.. فقر بلا مال لكن القنع ساترهم"، قاصدا من وراء هذه المربعات تقويم سلوك أحفاده وغرس معنى القيم والرضا رغم أن المرض نهش جسمه، ويذهب اسبوعيا لمستشفى قوص للغسيل الكلوي.


"فيتو" التقت عبد الأمين محمد حسن، أحد أقدم العمال الذين شاركوا في أول مصنع بقلعة الصعيد للسكر بمدينة قوص، جنوب محافظة قنا، ليروي لنا أسرارا تنشر لأول مرة عن زيارة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لقنا.

قال: "أيام زمان كانت جوع.. كنا لا نعرف سوى المليم والنكلة ونصفها والملاليم الحمراء.. أيام فاروق كانت العملة كلها فضة وقبلها كانت العملات الذهبية، فلم يكن هناك مطبعة أو غيرها لطبق النقود الورقية، والأهالي كانت تتشوق للحصول على المليم بالكاد، وكانت وقتها السخرة والجهادية من أكثر الأشياء التي جعلت الكثير من الأهالي بقريتنا يتهربون".

وتابع: "كان معروفا من يذهب للجهادية والسخرة سيعود قتيلًا، لذا لجأ أهالي القرية إلى عمل غريب لأول مرة وهو عندما طلبوا من عمدة القرية الأهالي للجهادية ذكروا أنهم يعملون بحفر ودفن الموتى وعندما يتم سحبهم جميعًا من الذي سيقوم بالحفر ودفن الموتى ومن هنا أطلق عليهم في هذا الوقت "الحفارين".

وأضاف: "في 16 يونيو من العام 1963 علمت بفتح شركة تدعي "سيبيكو" تطلب عمالا، تقدمنا بدون أي أوراق للمشاركة في بناء مصنع للسكر بالمدينة وكان رقمي في الكارنيه الخاص بي 3810 وهو للدخول أثناء العمل في مواقع المشروعات".

وعن أهم المباني التي شارك في عملها داخل المصنع قال "عبد الأمين": "أهم المباني التي شاركت فيها داخل المصنع هو "النوارج والتوانس والعصارات" وهذه كانت أهم مقومات المصنع في هذا الوقت، وتم عمل الديكوفيل الذي لا يزال موجودا حتى اليوم وهو المنوط به نقل القصب من المزارع إلى المصنع، وكنا نتجمع صباحًا مايقرب من ألف عامل ونتوجه إلى مكان العمل بحسب ما يتم تكليفنا به وكان يأتي من مختلف البقاع بالمحافظة للعمل، ونصطف طابورا فمنا من كان يتوجه إلى الكراكة وآخرون إلى الحفر، وكان منا من يتحصل على 11 إلى 13 جنيهًا، وظللنا هكذا في العمل حتى عام 1967".

واستطرد: "أتذكر يومًا نزلت في داخل حفرة عميقة تصل إلى 3 أمتار تحت الأرض ومعي 3 عمال لكي يتم صب قواعدها لبناء قواعد المصنع والعمارات السكنية للعاملين به، والذي لا يزال موجودا حتى يومنا هذا، وجعلها تحتفظ ببقائها حتى اليوم ولمدة ألف سنة أخرى، وكان الحديد والأسمنت وقتها منخفض السعر قيمته 25 قرشًا، قائلًا: "يعتبر ببلاش إيه ربع جنيه للشيكارة".

وعن زيارة عبد الناصر للمصنع قال: "علمنا أنه سوف يأتي لقنا، وهو ما دفعنا إلى الاقتراب من المحطة لرؤية هذا الأسد كما كنا نطلق عليه، وكانت المسافات بعيدة فنحن سلكنا طريق البحر حتى المحطة وهو داخل القطار وفي تلك اللحظة التي اقترب فيها القطار منا وجدنا عبد الناصر يطل علينا وهو يحيى الشعب بيده، ووقتها لم نصدق رؤيته وهو ما جعلنا نجري لمسافات طويلة دون شعور بأي تعب أو ملل، ونحن في قمة الانبساط والسعادة".

وأوضح أن عبد الناصر من افضل الرؤساء، والسيسي يسير على نفس النهج وما بعد ذلك لا أعرف عن رؤساء مصر شيئا".

واستطرد: "عبد الناصر كان أبو الغلابة والصعايدة، فهو الذي أمر ببناء المدارس والشركات والمصانع في الصعيد وفي القرى خصوصًا ولا يزال الكثير مما أنشأه موجودا حتى اليوم، وهذا يعكس اهتمام القيادة السياسية بنا، ومنذ رؤية الرئيس عبد الناصر عشقت شعر المربعات في حب رسول الله وأحفظ ما أقوم بتأليفه لكني لست من عشاق الكتابة، وخاصة بعد المرض وأصابتي بالكثير من الأمراض وفقد جزءا من البصر يظل بالذاكرة وقت المحبة، وتذكر الأيام الجميلة أقوم بإلقائه بحب وسعادة".
Advertisements
الجريدة الرسمية