رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

المفكر كمال زاخر: إلغاء خانة الديانة من الرقم القومي لن يمنع التمييز الديني

فيتو

  • *كل دين يعتبر نفسه يمتلك الحقيقة المطلقة عن الله الذي يتصوره وأن ما يعتقده الآخرون خطأ 
  • • الدولة الدينية ذات فكر أحادي ولا تقبل الآخر
  • • تطوير الكنيسة يتطلب تطبيق تعاليمها على أرض الواقع
  • • مصر في مرحلة انتقالية وتحتاج مزيدا من الوقت لتحقيق المواطنة الكاملة
  • • لجنة مواجهة الأحداث الطائفية تؤكد وجود أزمة حقيقية 
  • • ربط زيارة الأقباط للقدس بالتطبيع مع إسرائيل تجاهل للحقائق
  • • الإصلاح الاقتصادي جراحة صعبة وننتظر الرخاء في 2019




كمال زاخر، مفكر وكاتب قبطي، من أنصار التيار العلماني وفصل الدين عن الدولة، طالب بتطوير الكنيسة الأرثوذكسية المصرية وتطوير الخطاب الديني، من كتبه الشهيرة "العلمانيون وقضايا الوطن"، وهو واحد من الذين أسسوا التيار العلماني ويقف ضد التطرف الديني من أي طرف، ويؤكد أن المصريين أصبحوا يواجهون أحداث وظواهر غريبة بسبب الجهل والتعصب الذي يغذيه غياب الخطاب الديني المستنير، وأن حقوق المواطنة يجب أن تكون قبل الدين، لأن المسلمين والأقباط شركاء في وطن واحد.

وأجرت «فيتو» حوار مع المفكر القبطي كمال زاخر جاء نصه كالتالي:

*ركزت في كتاباتك على أهمية الدولة العلمانية وضرورة فصل الدين عن الدولة، فما أهمية فصل الدين عن الدولة؟
الدين والدولة يتكاملان لكنهما لا يندمجان فالدين يحض على القيم والمثل العليا ويعتمد على الأمور الروحية، ويمتلك فكرا أحاديا لا يتماهى مع غيره ولا يقبله فكل دين يعتبر نفسه يمتلك الحقيقة المطلقة عن الله الذي يتصوره، وأن ما يعتقده الآخرون خطأ ولذلك لا يقبل أفكارهم ومعتقداتهم، لكن الدولة هي التي تنظم شئون مواطنيها نيابة عنهم بغض النظر عن أديانهم ومعتقداتهم، وأعراقهم واختلاف المصالح وتشابكها وتتعامل مع الأمور بشكل نسبي، ولديها رؤية مادية للأشياء، وبالتالي فإن إدارة الدولة برؤية الدين يجعلها ذات فكر أحادي لا يقبل الآخر أو التعدد، سواء كان دينيا أو عرقيا أو فكريا.

*طالبت بتطوير الكنيسة الأرثوذكسية، فما المقصود بمصطلح تطوير الكنيسة؟
الكنيسة كائن حي فهي ليست المباني والمنشآت وإنما هي عبارة عن معتقدات وقيم تترجم إلى أفعال ينفذها أتباعها، وتاريخ الأديان يشهد عصور حضارة ورقي وعصور انحطاط وضعف، فكلما كان اتباع الدين منفتحين على الآخر، ويقبلون بالتعدد كلما كان المجتمع متحضرا راقيا، لكن عندما يكون أصحاب الدين منغلقين أحاديين لا يقبلون بالتعدد يصبح المجتمع متخلفا ضعيفا، ولذلك يجب على الكنيسة إيصال القيم والمثل العليا إلى أتباعها لتطبيقها على أرض الواقع.

*كيف نواجه التطرف الديني؟
طبيعة التطرف تختلف من دين إلى دين، فالمسلم المتطرف يعتقد أنه في محل الدفاع عن الله أو ممثلا لله في تطبيق تعاليمه في الأرض، وبالتالي يستخدم العنف وسيلة لتطبيق هذه التعاليم على المجتمع، لكنه في الحقيقه هو يحمل رسالة القيم السامية ويجب عليه أن يلزم نفسه بها لا غيره، أما التطرف في المسيحية يتمثل في انكفاء الإنسان المسيحي على نفسه، وانعزاله عن المجتمع وجلد نفسه والشعور الدائم بالذنب، لذلك يلجأ إلى العمل في الملاجيء والمدارس ومؤسسات الإغاثة، كما أن المجتمعات الأصولية المسيحية منغلقة على نفسها ومنعزلة، وتتشابه مع الجماعات الصوفية في الإسلام.

*هل تحققت المواطنة على أرض الواقع؟
كلمة مواطنة مشتقة من الوطن الذي يجب أن يعامل مواطنيه بشكل متساو في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن أديانهم أو معتقداتهم أو أفكارهم أو أعراقهم، كما ينتظر المواطن من الوطن أن يحقق إنسانيته ويحفظ كرامته، ويزداد انتماء الإنسان لموطنه كلما دافع الوطن عن حقوقه وكرامته، كما يجب على المواطن أن يكون إنسانا صالحا في المجتمع، أما في مصر فنحن في مرحلة انتقالية تم فيها اتخاذ خطوات لتحقيق المواطنة، وننتظر خطوات أخرى لتحقيقها بشكل كامل.

*هناك مقترحات لإلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي، كيف ترى هذه الخطوة حال تطبيقها؟
هذه الخطوة مهمة من الناحية النظرية فقط، لكن في الواقع العملي غير مجدية فالأسماء كاشفة للديانة، حيث يمكن تمييز ديانة الشخص بمجرد ذكر اسمه وبالتالي قد يحدث تمييز إيجابي لصالحه، أو سلبي ضده لكن المهم هو التأكد من تطبيق قيم المواطنة عند تعامل الدولة مع مواطنيها، ومراعاة ذلك في التشريعات التي يتم اصدارها.

*كيف ترى تشكيل لجنة مواجهة الأحداث الطائفية؟ وهل تمنع هذه اللجنة الأحداث الطائفية؟
تشكيل هذه اللجنة خطوة لمواجهة الإرهاب الذي ينتشر في الدولة، منذ أحداث الخانكة والأحداث الطائفية التي تلتها حتى الآن، وهذا القرار هو محاولة للحد من هذه الأحداث لكنه لن يمنعها بشكل تام، فهذا يحتاج إلى وقت وعمل وزيادة الوعي والاهتمام بالثقافة.

لكن تشكيل هذه اللجنة بقرار جمهوري وأن تتضمن جهات سيادية، يدل على أن هناك مشكلة حقيقية وليس كما يروج له البعض بأنه لا توجد أحداث طائفية في مصر، وأن الأمور «سمن على عسل»، من يروج لهذه الصورة يستخدم مواقف وأحداثا فارقة في التاريخ المصري، حدث فيها تكاتف بين المصريين مثل ثورة 1919 وحرب أكتوبر 1973.

*كيف ترى إقامة أول قداس في السعودية؟
حركة التاريخ لا يمكن مقاومتها، وهذه الخطوة جاءت بعد خطوات كثيرة اتخذتها المملكة العربية السعودية، مثل الحد من سلطات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والسماح للمرأة بقيادة السيارة وتقلدها مختلف الوظائف والانفتاح الثقافي.

كما أن السعودية بها كنائس داخل القواعد الأمريكية وشركات البترول والتجمعات الأجنبية، وهذه الخطوة ليست الأولى في دول الخليج العربي حيث سبقتها خطوات مماثلة في قطر والإمارات، ولكنها خطوة حضارية باعتبار السعودية تحتضن الأماكن الإسلامية المقدسة في مكة والمدينة، وهذا نتاج جيل جديد مثقف وواعي من الأسرة الحاكمة تلقى تعليمه في الخارج منفتح على الآخر، ويتبنى النهج الإصلاحي ويأتي في إطار حقوق المواطنة.

*هل توافق على زيارة الأقباط للقدس قبل حل القضية الفلسطينية؟
هناك ربط تعسفي بين القضية الفلسطينية وزيارة الأقباط للقدس، فالسبب الرئيسي في قرار منع الأقباط من زيارة القدس هو طرد القوات الإسرائيلية للأقباط من دير السلطان في المدينة المقدسة، وتسليمه للإثيوبيين في أواخر الثمانينيات، وفي ذلك الوقت أعلن البابا شنودة منع زيارة الأقباط للقدس كرد فعل على هذا الحادث، وليس كما يروج له بأنه يهدف لمنع التطبيع مع إسرائيل، وبالتالي هذه الزيارات هي زيارات دينية بحتة ولا تتعلق بالشأن السياسي، ولا يجوز ربطها بالتطبيع مع إسرائيل أو حل القضية الفلسطينية.

*ما الذي تتمناه في العام الجديد؟
اتمنى أن يكون 2019 عام جني الثمار، فالمواطن المصري تحمل إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي الصعبة، وهي كانت بمثابة علاج الاقتصاد بالجراحة، والتي كان لابد من إجراءها وتحمل المواطن تبعاتها، خاصة ارتفاع الأسعار ونتمنى أن يكون القادم سنوات رخاء بعد سنوات عجاف، وأن تتحقق المواطنة الكاملة بين المصريين، فالمواطنة هي الحل الأمثل للخروج من جميع الأزمات وبناء الدولة.
Advertisements
الجريدة الرسمية