رئيس التحرير
عصام كامل

د. ليلى عبد المجيد: صناعة الصحافة بمصر أصبحت مكلفة والمشهد الإعلامي يمر بأزمة

فيتو



  • بعض الدول اعتذرت عن حضور ملتقى الثقافات بإعلام القاهرة بسبب امتحانات منتصف العام
  • -بعض المؤسسات القومية مديونة والإثارة أصبحت اهتمام الإعلام الأكبر 
  • - أزمة الصحافة الورقية تكمن في ارتفاع تكلفة الإنتاج وقلة التوزيع ويجب أن تبذل مجهودا لاستعادة جمهورها
  • -الثقة بين الجمهور والإعلام اهتزت بعد ثورة يناير 2011
  • -قضية فستان رانيا يوسف أخذت أكبر من حجمها بالإعلام
  • -وسائل التواصل الاجتماعي تسببت في انهيار سلم القيم
  • -الإعلام يُجر لاهتمامات الناس الغريزية
  • - صحف "بير السلم" توقع مع المتدربين عقود تعيين واستمارة 6 بنفس الوقت 
  • -ثورة يناير جعلت الجمهور يعتقدون أن الإعلام "بيضحك عليهم"
  • -الإعلامي يجب أن يطور من نفسه فلن يقدم نفس برنامجه 100 عام
  • -موقف الصحفيين تجاه نقابة الصيادلة كان مشرفًا فلا يجب إهانة صحفي في مهمة عمل
  • -أطالب في قانون الصحافة بوضع جدول تحت جدول التمرين للطلاب الخريجين

نظمت كلية الإعلام جامعة القاهرة لأول مرة "ملتقى الثقافات الأول" بمشاركة 13 دولة عربية وأفريقية وأسيوية، بحضور الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس الجامعة، والملحقين الثقافيين بسفارتي السعودية والإمارات والدكتورة هبة الله السمري، القائم بأعمال عميد الكلية، حيث نظم الملتقى جمعية أصدقاء الجودة بالكلية، بالاشتراك مع جمعية كليات الإعلام العربية، يعتبر الملتقى نسخة مصغرة من ملتقى شباب العالم، حيث شارك به دول "الإمارات، السعودية، السودان، العراق، الكويت، اليمن، تايلاند، تشاد، جنوب أفريقيا، سوريا، فلسطين، موريتانيا، بالإضافة إلى الدولة المضيفة مصر"، ويتضمن الملتقى فقرات فنية مصرية وسورية وسودانية ويمنية، بالإضافة إلى معرض لتراث كل دولة.

وتأمل إعلام القاهرة بالسنوات المقبلة، في تقديم الملتقى بالشكل الذي يليق به، بمشاركة دول العالم كافة وليس 12 دولة فقط، حيث قل عدد المشاركين هذا العام بسبب موعد الملتقى، الذي يوافق فترة امتحانات الفصل الدراسي الأول، ورغم التحديات التي واجهت الدورة الأولى، ألا أنه نجح بشكل ملحوظ، وشارك الطلاب والأساتذة بالفاعليات، متباهين بكليتهم دُرة كليات الإعلام بالشرق الأوسط، وعلى هامش الملتقى، حاورت "فيتو" الدكتورة ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام السابقة، عن أهم أهداف إطلاق الملتقى الثقافي، وأهم فعالياته الفترة القادمة، كذلك رأيها في المشهد الإعلامي والصحفي الراهن، وجاء الحوار كالتالي:

*بداية كعميدة سابقة، كيف تريين المشهد الإعلامي والصحفي الراهن؟
تعرض الإعلام المصري لأزمات مع الأحداث التي مرت بها مصر منذ ثورة يناير حتى الآن، ولدينا مشكلات متراكمة، منها الاقتصادي والإداري، المتعلقة بالإعلام الخاص أو القطاع الحكومي، فصناعة الإعلام باتت مكلفة جدًا، والعائد منها بسيط، ولا تحقق أرباحا جيدة، وبعض المؤسسات القومية مديونة بالفعل، وبعض الخاص بدأ إما يتم غلقه أو بيع المؤسسة، أو التخلص من الجهاز التحريري بالمؤسسة، فبالطبع مثل هذه الأزمات تكون هيكلية، وتحتاج مراجعة، في ظل منافسة وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تسبب زيادة في الأزمة على الإعلام التقليدي العادي، كالصحافة والتليفزيون والراديو وغيرهم.

*الجمهور يرى أن ثقته اهتزت بالإعلام المصري فما تعقيبك؟
نعم اهتزت الثقة بين الإعلام المصري والجمهور بعد أحداث يناير 2011، وتحتاج أزمة الثقة وقتا حتى يستعيدها الجمهور مرة أخرى بالإعلام، ونستعيد الاهتمام بأن يكون لدى الإعلاميين رؤية، وتركيز على أجندة اهتمامات أهداف المجتمع الحقيقية، لأن بعض الإعلاميين يسعون وراء تحقيق ربح، من خلال إذاعة ونشر أخبار الإثارة، وتفاوتت الأزمة السنوات الأخيرة، حيث أصبح التركيز على الجرائم والحوادث والفنانات.

*على ذكر المادة الإعلامية.. كيف تريين اهتمام الإعلام كله بفستان الفنانة رانيا يوسف بمهرجان القاهرة السينمائي؟
دون الخوض في تفاصيل الأزمة، حين يكون المجتمع الإعلامي كله مهتم بفستان إحدى الفنانات، أعتقد أن الموضوع أخذ أكثر من حجمه بكثير، في حين أن لدينا أوضاع اقتصادية وسياسية، ومراحل نمو ومشكلات تنمية في المجتمع تحتاج اهتماما أكبر، كذلك أزمات التفكك الأسري تحتاج لتركيز الإعلام عليها، وهذه القضايا الأهم التي يجب أن يلتفت لها الإعلاميون والصحفيون.

*هل أثرت وسائل التواصل الاجتماعي على الأزمة؟
بقدر ما لوسائل التواصل الاجتماعي من إيجابيات، فهي لها سلبيات كبيرة، وأثرت على القيم بشكل ملحوظ، فانهار سلم القيم، وللإعلام دور كبير في إعادة القيم، في حين أن إعلامنا مهتم الآن بقضايا زنا المحارم، والحوادث، والإثارة، لجذب مشاهدين فقط، وحين يكون هذا فقط التركيز بالإعلام، فهذا يعتبر اختلال بالإعلام المصري، يحتاج وقفة جادة، والانتباه لخطورة الأمر، لأن الكلمة مسئولية وأمانة، ولا يجب أن نُجر لاهتمامات الناس الغريزية، لكن يجب الموازنة بين احتياجات الجمهور الحقيقة والفعلية، وبين ما يهمهم، لكن اللجوء للإثارة والتوزيع فقط، ونسبة المشاهدة الأعلى على المواقع الإلكترونية لا تبني قيما، بل تُزيد الفجوة داخل الأسرة وبين الطبقات، فوسائل التواصل تصدر للجمهور مشهد اليأس والإحباط، أي ليس هناك أي إيجابيات، وهو ما يفقد الجمهور الأمل، والهام جدًا للتنمية.


*كيف تطور المشهد الإعلامي من وجهة نظرك بداية من عهد عبد الناصر حتى الآن؟
كل مرحلة لها خصوصيتها، وظرفها التاريخي، سواء كان سياسًا أو دوليا، أو اقتصاديا، كذلك النظام الإعلامي، فحتى عام 1974، لم يكن النظام الإعلامي به تعددية، كانت الصحف القومية والإذاعة والتليفزيون المملوكين للدولة، لكن لم يكن هناك إعلام خاص، ولكن بعد عودة المنابر والأحزاب السياسية، من عام 1976، أصبح هناك صحف حزبية، ومن منتصف التسعينات، أصبح مسموحا بإصدار صحف خاصة، في شكل شركات مساهمة، حسب قانون تنظيم الصحافة وقتها، وكذلك قنوات فضائية خاصة، فأصبح هناك تعددية الآن، وأصبح هناك أنماط إعلامية متعددة، ولم يكن هناك أشكال الرقابة المباشرة التي كانت مألوفة بالماضي، فتغير النظام أثر بالتأكيد على الإعلام.

*هذا يعني أن العاملين بالإعلام الآن يواجهون صعوبات؟
نعم يواجهون صعوبات أكثر من الماضي لأن هناك منافسة، لأنه بالماضي كانت للدولة سيادة إعلامية، وكان يمكن للدولة التشويش على الوكالات الأجنبية ومنع دخولها، ولكن الآن لم يعد هناك حد، ولا يمكن منع الجمهور من مشاهدة أو سماع أي شيء، فأصبحت المسالة أصعب، هذا يعتبر سلبيا وإيجابيا، لأن إعلامنا يجب أن يكون قويا جدًا ليحظى بثقة الجمهور، فما حدث في يناير، أعطى الجمهور إحساسا بأن الإعلام "بيضحك عليهم"، وقبل يناير بقليل، كانت نفس الأزمة موجودة، ولكن زادت مع الثورات.

*بعض الإعلاميين أيضا كان لديهم شكوى مؤخرا بعدم توفير فرص عمل لهم بعد وقف برامجهم ما تعليقك؟
بشكل عام لا يوجد إعلامي سيظل يقدم نفس البرنامج طوال الوقت، ويجب أن يكون هناك تغير وتطوير وتنوع، لا أتمنى أن يكون هناك إعلامي دون وظيفة، ولكن بالنهاية أي إعلامي محرر صحفي، يمكن تغيير مساره إذا أُغلقت الشاشات بوجههم، أو تقديم شيء جديد من باب التنوع، فيجب أن يطور أي إعلامي من نفسه، فلن يقدم نفس برنامجه 100 عام.

*ما رأيك بصحافة "الترند" والانجراف وراء الأكثر "شير ولايك" على فيس بوك والعزوف عن القصص الأقوى والمضمون؟
وضع مختل بالطبع، لأن السعي وراء ذلك، وترك ما يفيد الناس يعتبر خللا، لأن حتى التسلية يجب أن تكون مفيدة، لكن ما يحدث بالمواقع والاهتمام بالترندات يعتبر تضييع للوقت والعمر، وإهدارا لطاقات البلد والإنتاج، "نفسي نعقل شوية لأن ما يحدث أشبه بالجنون".

*اختلف البعض حول إذاعة أخبار كزواج الأطفال والحوادث بين مؤيد ورافض لضرورة تسليط الضوء على السلبيات والترويج لها، ما رأيكم بذلك؟
معالجة الأزمات الموجودة بالمجتمع مطلوب بالطبع، ولكن بشكل مهني، وليس بالإثارة، وإنما يُعالج بالتحقيقات الصحفية، والحملات، بالبرامج النقدية، وبرامج التوعية، حيث يصبح الدور الإعلامي إيجابيا، وليس مجرد الفرحة بصور الأطفال، وعرض ثمن شبكتهم، لكن المعالجة يجب أن تكون بشكل مسئول، لأن الهدف بالنهاية تقديم حلول واقتراح بدائل.

*إلغاء الأعداد الورقية والاكتفاء بالأرشيف الإلكتروني كان مقترحًا بين الصحفيين لمواكبة التطور التكنولوجي ما رأيك؟
مقترح غير جيد بالطبع، لا يوجد وسيلة إعلامية قضت على وسيلة أخرى، لكن الأهم أن تطور الوسائل القديمة من نفسها، وتقدم للجمهور متطلباته، محاولة تقديم شيء جديد، فأزمة الصحافة الورقية تكمن في ارتفاع تكلفة الإنتاج وقلة التوزيع، فيجب البحث في كيفية حل هذه الأزمات، ويجب أن تبذل الصحافة الورقية مجهودا لاستعادة جمهورها.

*بعد الاعتداء على الصحفيين بنقابة الصيادلة.. هل أصبح الصحفي مهانا بمهنته؟
موقف نقابة الصحفيين كان مشرفًا للغاية، بمنع نشر أخبار عن النقيب وظهور اسمه، ورفضوا الموقف وقدموا بلاغات قانونية ضد النقابة، فوارد جدًا أن يحدث مثل هذه المشكلة، لكن الأهم موقف الصحفيين والنقابة من الأمر، فيجب ألا نصمت على إهانة الصحفيين، لأن الصحفي يقوم بدوره المهني، ولا ينبغي أن يتعرض لأي شكل من أشكال الإهانة بسبب مهنته.

*مع أم ضد ضم الطلاب لنقابة الصحفيين فور التخرج؟
مع بالطبع، فأنا أطالب في قانون الصحافة بوضع جدول تحت جدول التمرين للطلاب الخريجين من كلية الإعلام قسم الصحافة، يكون جدول ما تحت التمرين، ينضم له الطلاب بمجرد التخرج، وعند عمله بعد ذلك ويتم التعاقد معه، يمكن دخوله لجدول التمرين، ذلك حماية للشباب الذي يتم استغلاله من قبل بعض مؤسسات "بير السلم"، حيث توقع معهم المؤسسة عقود تعيين واستمارة 6 بنفس الوقت دون علم الطالب، ويستغلوهم لفترة طويلة، وتعديل القانون أيضا يكون حتى إذا أخطأ الصحفي الشاب، تحاسبه نقابته بشكل قانوني، لأنه عضو بها.

*حدثينا عن ملتقى الثقافات الأول بكلية الإعلام؟
يعتبر هذا الملتقى الأول من نوعه بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وكان المؤتمر على هامش دراسة عدد كبير من الطلاب الوافدين من الدول الأسيوية والأفريقية، بمرحلتي البكالريوس والدراسات العليا، حيث شارك بالملتقى 12 دولة، بالإضافة إلى مصر الدولة المستضيفة.

*نظمت الكلية الملتقى بوقت صعب حيث امتحانات منتصف العام الدراسي.. هل أثر ذلك على النجاح؟
اعتذرت بعض الدول عن الحضور بسبب هذه الظروف، لكننا صممنا على الاستكمال، ونطلق الدورة الأولى، وتحقق النجاح المرغوب، وسيتم تنظيم المتلقى كل عام يتم الاتفاق عليه قبل الامتحانات بوقت كاف ليشارك به الطلاب والدول كافة، ورغم ذلك شارك 13 دولة من 23، فهذا يعتبر نجاحا بالنسبة للدورة الأولى، ونجاح المؤتمر سيشجع الدول الأخرى للمشاركة.

*ما الهدف من تنظيم الملتقى وفكرته العامة؟
الهدف الرئيسي وراء هذا الملتقى هو إتاحة الفرصة للطلاب المصريين للتعرف على الثقافات الأخرى، سواء ما يتعلق بفنونها التراثية والشعبية، أو أبرز المعلومات التاريخية المتعلقة بها، وأكلاتها الأكثر شهرة، وإعطاء فرصة متميزة للقاء الدول والثقافات المختلفة، كما نرغب في عقد بروتوكولات تعاون مع الدول المشاركة في الفعالية، للمساهمة في توسيع وتطوير مكانة كلية الإعلام.

*هل اقتصر الملتقى على الدول العربية؟
بالطبع لا، الملتقى يشارك به دول من العالم كافة، وجميع القارات، فيشارك دول عربية، وكذلك دول تشاد وتايلاند.

الجريدة الرسمية