رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أبرز مواقف «كبار العلماء» في 2018.. رفض المساس بثوابت الشرع في قضية المواريث.. إبداء الرأي الشرعي في القضايا العامة.. تعقد أول ملتقى علمي لها.. وتعد مشروع قانون جديدا للأحوال الشخصية

فيتو

عكست طبيعة الملفات والقضايا التي تصدت لها هيئة كبار العلماء في عام 2018، الدور المحوري والمهم الذي تضطلع به الهيئة، باعتبارها أعلى مرجعية فقهية في الأزهر، وهي المنوطة بإبداء الرأي فيما يتعلَّق بالأمور الشرعية والنوازل الفقهية المستجدة، وكان لافتًا حرص الهيئة على الجمع ما بين تعميق مسارات التجديد في الفكر والعلوم الإسلامية، وذلك من خلال الدعوة لمؤتمر عالمي يناقش هذا الملف المهم في أبريل المقبل، مع الحرص في الوقت نفسه على الدفاع عن الثوابت الشرعية وتفنيد أي محاولة للمساس أو العبث بها.


قضية الميراث

ومع عودة قضية ميراث المرأة إلى الواجهة مرة أخرى، ومحاولة البعض العبث أو المساس بثوابت شرعية قاطعة، تصدت هيئة كبار العلماء لتلك القضية، محذرة من "تجاوُز بعض المضللينَ بغير علمٍ في ثوابتَ قطعيَّةٍ معلومةٍ مِن الدِّينِ بالضرورةِ، ومن تقسيم القرآن الكريم المُحكَمُ للمواريثِ، خاصة فيما يتعلَّقُ بنصيبِ المرأةِ فيه، الذي وَرَدَ في آيتينِ مُحكَمتَينِ مِن كتابِ الله المجيدِ في سُورةِ النِّساءِ، وهو أمرٌ تجاوَزَتْ فيه حَمْلةُ التشنيعِ الجائرةُ على الشَّريعةِ كلَّ حُدودِ العقلِ والإنصافِ".

وأوضحت هيئة كبار العلماء أن "الأزهرَ الشَّريفَ بما يَحمِلُه من واجبِ بيانِ دِينِ الله تعالى وحراسة شريعته وأحكامه؛ فإنه لا يَتَوانَى عن أداءِ دَورِه، ولا يتأخَّرُ عن واجبِ إظهارِ حُكمِ الله -تعالى- للمُسلِمينَ في شتَّى بِقاعِ العالمِ، والتعريفِ به في النَّوازلِ والوقائعِ التي تَمَسُّ حياتَهم الأُسَريَّةَ والاجتماعيَّةَ".

وشددت الهيئة على أن أحكام الميراث هي من "الأحكامِ التي لا يقبَلُ الخوضَ فيه بخيالاتٍ جامحةٍ وأُطروحاتٍ تُصادِمُ القواعدَ والمُحكَماتِ، ولا تَستنِدُ إلى علمٍ صحيحٍ، فهذا الخوضُ بالباطلِ مِن شأنِه أن يَستفِزَّ الجماهيرَ المسلمةَ المتمسِّكةَ بدِينِها، ويفتحَ البابَ لضَربِ استقرارِ المجتمعاتِ، وفي هذا مِن الفسادِ ما لا يَخفَى، ولا نتمناه لأحد أبدًا".

وأكدت الهيئة أن "الأزهر الشريف يحذر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من هذه الفتنة ومن دعاتها، ويَرفُضُ رفضًا قاطِعًا أيَّة محاولة للمَسَاسِ –مِن قريبٍ أو بعيدٍ- بعقائد المسلمين وأحكام شريعتهم، أو العبث بها".

الرأي الشرعي

وبالتوازي مع ذلك، ناقشت الهيئة عددا من مشاريع القوانين أو التعديلات المقترحة، المحالة إليها من مجلس النواب لإبداء الرأي الشرعي فيها، حيث اعتمدت الهيئة الرأي الذي انتهى إليه مجلس مجمع البعوث الإسلامية بشأن مدى مشروعية المقترح الوارد للأزهر من اللجنة الدينية بمجلس النواب لبيان الرأي الشرعي في النص التالي: (يجوز لرئيس مجلس الوزراء – وذلك في الوقف الخيري- تغيير شروط الواقف إلى ما هو أصلح، وذلك تحقيقًا لمصلحة عامة تقتضيها ظروف المجتمع).

وكان مجمع البحوث الإسلامية انتهى إلى أنه "لا يجوز شرعًا تغيير شرط الواقف، فشرط الواقف كنص الشارع، وعلى ذلك اتفقت كلمة الفقهاء قديمًا وحديثًا، ومن ثم لا يجوز بأي ذريعة مخالفة شرط الواقف، أو التصرف في الوقف على غير ما شرطة".

كما أصدرت هيئة كبار العلماء تقريرًا يوضح رأيها في مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة، بعدما أثار جدلًا واسعًا عند عرضه أمام اللجنة الدينية بمجلس النواب، خاصة فيما يتعلق بمن له حق الفتوى عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث حرصت الهيئة على التفريق ما بين الإفتاء عبر وسائل الإعلام من جهة، والوعظ والإرشاد الديني من جهة أخرى.

وشددت على أنه يمكن للأئمة والوعاظ ومدرسي العلوم الشرعية والعربية بالأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم من خريجي الكليات الشرعية والعربية جامعة الأزهر أداء مهام الإرشاد الديني بما يبين للمسلمين أمور دينهم، ولا يعد ذلك تعرضا للفتوى، أما التعرض للفتوى الشرعية عبر وسائل الإعلام فيجب أن يقتصر من يرخص لهم من قبل الجهات المخولة بذلك.

قانون للأحوال الشخصية

انشغال الهيئة بالدفاع عن الثوابت الشرعية، لم يشغلها عن معالجة قضايا ومشكلات الواقع المعاش، حيث بدأت الهيئة في نهاية نوفمبر 2018 عقد سلسلة اجتماعات أسبوعية لمراجعة وإقرار مشروع قانون الأحوال الشخصية، الذي أعدته لجنة من كبار الفقهاء والقانونيين والمختصين، قام بتشكيلها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في أكتوبر 2017.

وعقدت الهيئة أكثر من 30 اجتماعًا، استهدفت إعادة صياغة وجمع مواد الأحوال الشخصية والأسرة الموزعة على عدة قوانين، في إطار نسق قانوني واحد، يتسم بالشمولية والتجانس، مع الالتزام بما شدد عليه شيخ الأزهر خلال ترأسه للاجتماع الأول للجنة من ضرورة أن يتضمن مشروع القانون آليةً محكمة لتنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بقضايا الأسرة، ومراعاة تقديم نفقة عادلة للمرأة في حالة الانفصال؛ بما يضمن رعاية جيدة للأطفال، ووضع نصوص محكمة للالتزام بضوابط الحضانة، ومعالجة المشكلات الناتجة عن تعدد الزوجات، وضبط الحقوق والواجبات المترتبة على الطلاق.

مؤتمر عالمي

وتجلى ذلك في إعلان الهيئة عن تنظيم مؤتمر عالمي عن "التجديد في الفكر والعلوم الإسلامية"، من المقرر عقده في أبريل 2019، بمشاركة عددٍ كبير من المَجامِعِ الفقهية والمؤسسات الدينية، ونخبةٍ من كبار العلماء والفقهاء في العالم الإسلامي؛ وذلك بهدف صياغة إستراتيجيةٍ علمية شاملة، تُعالِج مُختلِفَ الأَبعاد والملفّات المتعلقة بقضية التجديد؛ بما يُسهِم في نهوض الأمة ورُقيّها، ويحفظ لها هويَّتها ويستنهض قيَمها وقواها الحضارية الراسخة.

ويستكمل المؤتمر ما انتهت إليه الندوة التحضيرية التي عقدها الأزهر حَولَ التجديد، في أبريل 2015، برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وبحضور نخبةٍ من كبار العلماء والمفكرين والمتخصّصين، وتَضَمّنت عِدّةَ حلقاتٍ نقاشية حَولَ: عَلاقة النقل بالعقل، والتراث بين التجديد والتبديد، والخطاب الدينيّ بين الواقع والمأمول، وتحديد المَفاهيمِ ودورها في تجديد الخطاب الديني، كما يستند المؤتمر على ما أَرْسَته "وثائق الأزهر"، التي تَوَالى صُدورُها منذ عام 2011، من دعائمَ راسخةٍ لجهود التجديد.

ملتقى هيئة كبار العلماء

وبدأت هيئة كبار العلماء خلال عام 2018، عقد سلسلة ندوات علميّة تفاعلية تحت عنوان: "مُلتقى هيئة كبار العلماء"؛ لمناقشة أهم القضايا الفكرية المعاصرة، في حوار تفاعلي بين الحضور والمحاضرين من كبار العلماء، للإجابة عن أسئلة الشباب وما يدور في أذهانهم، وبيان الوجه الصحيح للإسلام، وتوضيح أحكام الشريعة السمحة، وإخراج الناس -خاصّة الشباب- من الحيْرَة، التي توقعهم فيها الفتاوى غير المنضبطة، التي يصدرها غير المتخصصين.
Advertisements
الجريدة الرسمية