رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مناخوليا.. سكة اللي يروح ما يرجعش؟!!

أحمد سعيد
أحمد سعيد

في اجتماع سري مغلق بأحد مخازن عنبر الإنتاج بالشركة القومية لصناعة لعب الأطفال، تحدث الريس منصور أبو مدكور إلى زملائه الطليعيين المنتقين بعناية، قائلا: كلمني بعض الأصدقاء طالبين بشدة أن نتناول في اجتماعنا الطارئ، هذا سبل الخروج من المأزق الذي نعيشه في شركتنا الحبيبة، وبدلا من الخوض فيما مضى خصوصا موضوع الأرباح، الحصاد واضح وجلي ومعاش، فجميعنا نعيش حالة من الحصار المفروض على معظم العاملين بالشركة، من المدير ومجلس إدارته الفاشل، الذين كثيرا ما قاموا بافتعال المشكلات معنا، أو ادعاء عدم صلاحية البعض بعد اكتشاف إصابتهم بفيروس سي مثلا، الذي لا ذنب لهم فيه بالمناسبة أو عمل كشف مخدرات مفاجئ، والتحجج بنتيجته لفصل المزيد وهكذا.


وصولا إلى مجلة الشركة الخالية تماما من أية مناقشة للسياسات البائسة القائمة، التي أدت إلى هذا الحجم الهائل من الديون، إلى الغلاء المتوحش الذي يلتهم معظم مرتباتنا الزهيدة، وفرض الخصومات الفادحة على البسطاء من العاملين المؤقتين بالذات وغيرهم من الضعفاء، إلى توحش وتركز الاستفادة من مقدرات الشركة وتخصيص أغلبها لفئة الواحد في المائة، التي يأتي على رأسها المدير ومجلس إدارته أيضا، ومحاسبيه وصبيانه كذلك.

كما أن سياسات الإفقار ما زالت هي السائدة فعليا في الإدارة ومعاداة التنمية، وتحجيم التصنيع وتهميش العمال المهرة، لصالح إدارة الاستيراد التي تحججوا بضرورة إنشائها للاطلاع على أحدث ألعاب الأطفال حول العالم، والسعي لتقليدها وإنتاج مثلها في مصانعنا، ليجدوا بعد ذلك أن اعتمادهم على إعادة البيع يفيدهم أكثر ويكتفوا لاحقا به، موزعين الأرباح عليهم فقط؟!!، لأننا "قال إيه" لم يكن لنا أي دور في الإنتاج أو الاستيراد "ولا مؤاخذة؟... شفتوا الفكاكة؟!!".

إنها سياسات التبعية والتقزيم والإفقار، ونستطيع أن نقولها بكل صراحة ووضوح.. إنه الخراب.. الخراب المستعجل، وفي مواجهة هذا الكابوس لن نواجه غريب البلبوصي رئيس مجلس الإدارة وحده، إنما نواجه أيضا داعميه من قيادات مجلسه البغيض، وحلف كبير من رأسمالية المحاسيب وإدارة التحقيقات، ومحرري المجلة الذين يقلبون الباطل حقا والحق باطلا، وأمن المصنع الذي يضع نفسه دون عقل رهن إشارتهم.

ومع هذا فإنني لا أرى سبيلا سوى الطريق الديموقراطي، فليس أمامنا سوى الديموقراطية نبراسا وهاديا، فقد جربنا الثورة؛ وسعداوي وداود واللي معاهم يسرحون حاليا بعربات البطاطا ويشوون الذرة الشامية في الحدائق العامة، بعد تلفيق التهم لهم واضطرارهم للاستقالة، والتنازل عن جميع مستحقاتهم وإلا كانوا لبسوا قضية الماكينات التي حرقها البلبوصي ورجالاته، لإلصاق التهمة بهم بعدما ثاروا في وجهه، والحصاد واضح والتعويل مرة أخرى على المصالحة مع تيار الشيخ نبيل الكهربائي، تحت زعم وحدة الصف يجعلنا نذهب لدائرة العدم، فلا مستقبل للشركة مع تياره الذي يحرم لعب الأطفال أصلا!! ومع ذلك فهم يأكلون عيشا في الشركة بحجة أنه لا أحد منهم يلمس هذه الألعاب النجسة، فهم إما كهربائي أو نجار أو سباك وخلافه، غير مدركين أنهم يشاركون في حسن سير الشركة التي تكسب بذلك، وتجني أرباحا توزع عليهم أيضا؟ وهذا هو قمة التناقض؟!!، إذن ما السبيل وما العمل؟ تعالوا نتحاور حول انتخابات مجلس الإدارة القادمة ونحاول التغيير عبرها.

علي طه رئيس الوردية المسائية مستلما دفة الحوار: اسمح لي يا ريس.. أول مرة أختلف مع حضرتك انتخابات مجلس إيه اللي هنتكلم فيها تحت ظل هذا القمع الرهيب؟!؛ طيب تعال كده نقول عايزين فلان وحياتك تاني يوم هيترفد، هو وكل اللي المتعاطفين معاه بعد ما يلفقوا قواضي لكل اللي أيده علانية، وحياتكم مافيش غير طريق الثورة؛ وبعدها نقيم الديموقراطية اللي إحنا عايزينها في الشركة على نضافة، و...

وبينما كانت النقاشات تدور على أشدها للوصول للحل المناسب، رأى الجميع دخانا يتصاعد بشدة من لوحة المفاتيح الرئيسية في العنبر، وعندما هرعوا إلى الباب للنجاة بأنفسهم، وجدوه مغلقا من الخارج ليقضوا جميعا اختناقا واحتراقا، وقبل ذلك غدرا وكمدا.

في اليوم التالي كان غريب البلبوصي ومجلس إدارته يقرأون الفاتحة على أرواح الشهداء في سرادق عزاء كبير، ضم جميع العاملين بالشركة أقيم خصيصا لتأبين ضحايا الماس الكهربائي اللعين، الذي أحرق عنبر تشوين البضائع بالزملاء عاثري الحظ الذين وجدوا به، مع التوصية بصرف جميع مستحقاتهم لذويهم المكلومين؟!!
Advertisements
الجريدة الرسمية