رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

شومان: الإيمان بالتعددية المذهبية والفقهية واجب على كل مسلم

الدكتور عباس شومان
الدكتور عباس شومان

أكد الدكتور عباس شومان الأمين العام لهيئة كبار العلماء، أن وحدة الأمة الإسلامية مقصد عظيم من أهم مقاصد الإسلام، وهي هدف نبيل وغاية سامية عبر عنها رب العزة جل وعلا في غير آية من كتابه العزيز، فقال تعالى: {إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}.


وأضاف شومان أن هذه الوحدة المنشودة ينبغي أن تكون هدفًا يسعى إلى تحقيقه الجميع على أسس سليمة ورؤية جادة يمكن ترجمتها إلى واقع ملموس يناسب الزمان والمكان، كما ينبغي تناول هذه الوحدة مقترنةً بالتعددية بأشكالها المختلفة، والتنوع الفكري الذي يقره الإسلام ويؤكد أهميته للتعارف والتكامل والتلاقح الفكري بين البشر.

جاء ذلك خلال كلمته بمؤتمر "الوحدة الإسلامية" المقام بمكة المكرمة.

وأوضح أنه إذا كانت وحدة الأمة الإسلامية مما يدعو إليه الوحي الشريف ويرغِّب فيه؛ فإن تنوع الناس واختلافهم آيةٌ من آيات الله في الكون، يقول عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ}، ولا مانع من أن يتناول الاختلافُ الأفكار والثقافات والحضارات كذلك؛ فهذا التنوع الذي يراه الإسلام واقعًا لا ينكر، يشمل كل شيء؛ فيتعدى الألسنة والأفكار والألوان والأجناس، إلى التنوع في قضية الإيمان والكفر، وهي أعلى وأكبر القضايا، وعليها مدار النجاة، يقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}.

وأشار أمين كبار العلماء إلى أنه قد ترجم هذا الاختلاف واقعًا عمليًّا في حياة الجيل الأول وما تلته من أجيال مباركة، فكان في صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - الفارسي، والرومي، والحبشي، والقرشي، لا يفرقهم تنوعهم، ولا يشتت وحدتَهم اختلافُ ألسنتهم وألوانهم، ولم يمنعهم ذلك من أن يكونوا أمة واحدة. وعندما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - للمدينة المنورة، وجد فيها مزيجًا إنسانيًّا متنوعًا ومختلفًا في دينه، وانتمائه، ونمط معيشته، وموروثه الحضاري والثقافي، فسعى إلى التوفيق بين هؤلاء جميعًا ليتعاونوا على البر والتقوى، لا على الإثم والعدوان.

وتابع: إن الإيمان بالتعددية المذهبية والفقهية واجب على كل مسلم، وهذا الإيمان يقتضي عدم سعي فريق للاستحواذ على فريق آخر أو النيل من معتقداته؛ فالتعدد سواء أكان في الأديان أم المذاهب في الدين الواحد، لا يعد مشكلة بين المنتمين إلى بلد واحد، ولا ينبغي أن يُسمح باستغلال التعدد المذهبي لإيقاع الشقاق بين المسلمين، وإحداث التناحر وإذكاء روح الخلاف بينهم، ليصل الأمر إلى اتهام بعضهم بعضًا بالبعد عن الإسلام! وليس من الصواب أن يكون الخلاف الفقهي من الأسباب المؤثرة في استقرار المجتمعات المسلمة، أو المعوِّقة لانطلاقتها نحو التنمية والتقدم، بل ينبغي أن يكون من عوامل التيسير على الناس في حياتهم؛ حيث إن الخلاف بين المذاهب الفقهية المتعددة يرجع إلى أسباب علمية معروفة كما ذكرت، وهو ينحصر في الفرعيات التي لا يضر الامتثال إليها على أي مذهب فقهي معتبر؛ فكل مجتهد مصيب، وقد بُنيت هذه القاعدة على قول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ».
Advertisements
الجريدة الرسمية